30-سبتمبر-2019

تتناقض التوقعات بخصوص فرص توقف الحرب اليمنية (Getty)

تتخذ الحرب في التصريحات منحنى مغايرًا للواقع الميداني، ففي الوقت الذي تزداد فيه الهجمات على الأراضي السعودية، ويقابلها قصف جوي مكثف لمقاتلات التحالف السعودي على اليمن، يبدي الجميع رغبتهم في السلام. سلام لن يتحقق ما لم يقدم جميع الأطراف تنازلات حقيقية لوقف المجازر الدموية التي تعصف بالبلاد.

في الوقت الذي تزداد فيه الهجمات على الأراضي السعودية، ويقابلها قصف جوي مكثف لمقاتلات التحالف السعودي على اليمن، يبدي الجميع رغبتهم في السلام

بعد أيام على إعلان الحوثيين وقف هجماتهم على المملكة العربية السعودية، عقب تبنيهم عملية قصف معملي أرامكو في خريص والبقيق، التي أدت إلى تراجع إنتاج الشركة من النفط الخام إلى 50 بالمئة، كشف الحوثيون عن عملية عسكرية أخرى أدت إلى مقتل وإصابة المئات من الجنود السعوديين، ناهيك عن ادعاء أسر ألفي جندي من القوات السعودية واليمنية على الحدود بين البلدين وفي محور نجران داخل الأراضي السعودية، بحسب المتحدث باسم الحوثيين العميد يحي سريع.

اقرأ/ي أيضًا: بسبب جرائمها في اليمن.. ضغوط أوروبية لوقف بيع السلاح للسعودية

أكد سريع أيضًا في مؤتمر صحفي، استهداف عدد من المطارات العسكرية، وقواعد للقوات السعودية، في أكثر من 20 عملية، منها عملية على هدف عسكري حساس في الرياض، بالإضافة إلى إطلاق عشرة صواريخ على مطار جيزان.

وبث الحوثيون مقاطع فيديو لعدد من العربات والمدرعات العسكرية التابعة للقوات السعودية، وهي تنفجر، وصور لعدد من الجثث والأسرى.

في المقابل كثف التحالف من غاراته الجوية خلال الأسابيع الماضية على العديد من المناطق اليمنية، لاسيما محافظة صعدة معقل حماعة الحوثيين والحدود اليمنية السعودية، فخلال أسبوع واحد نفذت مقاتلات التحالف 229 غارة جوية على مواقع في اليمن، تركزت معظمها على محافظاتي صعدة وحجة، بحسب يحيى سريع.

وباتت المملكة هي الورقة الأضعف في الحرب، فقواتها العسكرية والحماية الأمريكية والبريطانية، وإنفاقها الضخم على التسليح، لم يحمها من هجمات الحوثيين ولم يمكنها أيضًا من حماية أرامكو أهم المنشآت الاقتصادية السعودية، بالإضافة إلى أن التحالف الذي قادته منذ 2015 بات أشبه بالمفكك والضعيف، عاجزًا عن تحقيق أهدافه التي أعلنها في إعادة الشرعية الى صنعاء، بل انحرف عنها واتجه نحو تحقيق أهداف أخرى انطوت على تمزيق اليمن وتشتيته وتقاسم ثرواته ومواقعه الاستراتيجية.  

فالسعودية وبعد أن تلقت ضربات موجعة مست اقتصادها بشكل مباشر، خصوصًا وأن الأنباء تتضارب حول من يقف وراء الهجمات على حقول النفط، وسط اتهامات لإيران، وافقت على وقف جزئي لإطلاق النار في اليمن، بحسب  صحيفة وول ستريت جورنال. وبحسب الصحيفة الأمريكية فإن الرياض وافقت على وقف إطلاق نار محدود في أربع مناطق باليمن تشمل العاصمة صنعاء، في اتفاق يمكن أن يتمدد ليشمل مناطق أكثر.

وبعد عدة هجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ خلال السنوات الماضية أنهكت الرياض، أعلنت الجماعة المدعومة من طهران قبل نحو عشرة أيام، على لسان رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، وقف استهداف الأراضي السعودية بالطائرات المسيرة وبقية أشكال الاستهداف، مطالبين من المملكة إعلان مماثل لوقف الاستهداف للأراضي اليمنية.

الحوثيون الذين يبدو أن قوتهم تتضاعف يومًا بعد آخر، على حساب التحالف السعودي الإماراتي وحكومة الرئيس هادي، ينفون التسريبات الصحفية التي نقلتها وول ستريت جورنال عن مصادرها، بالنسبة لوقف إطلاق نار جزئي من قبل السعودية.

"الوقف الشامل للعدوان على اليمن، ورفع الحصار البري والجوي والبحري، هو ما يطالب به الحوثيون"، للتمهيد لعملية السلام، وأقل من ذلك لن تقبل به الجماعة، بحسب رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي. فوضعية "استمرار العدوان والحصار على اليمن لن تمثل أي حالة استقرار بين البلدين الجارين ولا في المنطقة وإنما تمثل حالة عكسية"، يقول الناطق الرسمي ورئيس وفد المفاوضات للحوثيين محمد عبد السلام، في تغريدة في "تويتر".

يضيف عبدالسلام: "نؤكد أن مبادرة الرئيس مهدي المشاط ما زالت سارية، والتعاطي معها بمصداقية هو السبيل الصحيح للدخول في عملية سياسية شاملة".

ولاقت مبادرة الحوثيين ترحيبًا دوليًا واسعًا، خصوصًا وأن الوضع الإنساني والاقتصادي في البلاد يزداد سوءًا، ناهيك عن تعثر تنفيذ مخرجات اتفاق استوكهولم. غير أن ناشطين ومتابعين يشككون بمدى التزام الميليشيا بالمبادرة، معتبرين أنها لا تملك القرار أصلًا، وسط تقارير تفيد بتبعيتها إلى السلطات في طهران.

واعتبرت الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، إلى جانب ألمانيا والكويت والسويد، عقب اجتماع  مشترك إعلان الحوثيين "خطوة أولى هامة تجاه خفض التصعيد، وبحاجة لأن يتبعها اتخاذ إجراء إيجابي على الأرض من قبل الحوثيين، إلى جانب ضبط النفس من التحالف".

اقرأ/ي أيضًا: 4 سنوات على حرب اليمن.. ماذا حقق حلف الرياض-أبوظبي؟

هل ستوافق السعودية على  إطلاق النار؟

لم تصدر حتى الآن أي تصريحات سعودية رسمية تؤكد وقف إطلاق النار، ولا توجد أية بوادر على الأرض، لكن تقارير تفيد بحاجة الرياض إلى مثل تلك الخطوة، للخروج من الحرب التي كلفتها عشرات المليارات بالإضافة إلى الآلاف من الجنود، ناهيك عن التكلفة الإنسانية والديبلوماسية، حيث باتت متهمة أمام المحاكم الدولية بارتكاب المئات من الجرائم بحق اليمنيين.

باتت السعودية الورقة الأضعف في الحرب، فقواتها العسكرية والحماية الأمريكية والبريطانية، وإنفاقها الضخم على التسليح، لم يحمها من هجمات الحوثيين ولم يمكنها من حماية أهم منشآتها الاقتصادية

كما ترجح التقارير عينها أن السعودية باتت اليوم أكثر ميلًا إلى وقف الحرب اليمنية، حتى ولو لفترة وجيزة، بعد أن أصبحت منشآتها النفطية هدفًا سهلًا للحوثيين، وعقب تنصل الحليف الأمريكي عن مهامه في حمايتها، وانسحاب الإمارات الضمني من التحالف.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 مارتن غريفيث في صنعاء مجددًا.. قفزة في هواء اتفاق ستوكهولم