01-أغسطس-2018

الشاب السعودي بدر الملحم، الذي رفض الوقوف إلى جوار إسرائيلي (مواقع التواصل الاجتماعي)

هاربًا من العلم الإسرائيلي، منتقلًا لجوار العلم الإيراني. بداية ونهاية استمرت لثوانٍ، لكنها شغلت مواقع التواصل الاجتماعي، كان بطلها الطالب السعودي بدر الملحم، الذي نال قدر كبيرًا من الإشادة من أغلب المتابعين. 

بادر شاب سعودي خلال تكريمه بفضية أولمبياد الكيمياء الدولية، بالابتعاد عن مشارك آخر إسرائيلي والوقوف إلى جانب مشارك إيراني

ولا يمكن الفصل بين ما حدث في المسابقة الدولية وما يحدث في السعودية، فوفقًا لنشطاء سعوديين معارضين للتطبيع، فإن موقف بدر الملحم يعد رد فعل عفويًا من شأنه أن يعطّل، أو يفسد مشروع التطبيع الرسمي السعودي مع إسرائيل، والذي يعد أحد أبرز التوجهات العلنية للسعودية في الوقت الحالي بعد أن ظل لسنوات شبه سري بين القيادات الأمنية السعودية والإسرائيلية، ولكن مع صعود محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، لم يعد الأمر سريًا، وأصبح واضحًا للعلن دون خوف أو قلق، وتعلن عنه النخبة السعودية الخاضعة لسيطرة ولي العهد الجديد، بكل صراحة ووضوح.

اقرأ/ي أيضًا: رغم الموقف الرسمي.. أصوات عالية ضد التطبيع في السعودية

بدر وقصة العلم

وفقًا لما هو منشورٌ على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن قصة العلم حدثت خلال تكريم الطالب بدر الملحم وكان أحد أربعة طلاب سعوديين يمثلون المملكة في الأولمبياد الدولية للكيمياء لهذا العام في سلوفاكيا والتشيك. وخلال الحفل الختامي، صعد بدر الملحم لاستلام الميدالية الفضية، ولحق به طالب آخر إسرائيلي، وفور رفع الطالب الإسرائيلي للعلم الإسرائيلي، انتقل بشكل سريع وهادئ الطالب السعودي لموقع أخر، وتصادف أن يكون بدر الملحم إلى جوار طالب آخر يرفع العلم الإيراني.

وبالرغم من إنجاز بدر الملحم مقارنة بأقرانه المشاركين في نفس المسابقة، إلا أن المواقع والصحف السعودية التي يسيطر عليها القصر الحاكم، تحاشت الحديث عن بدر الملحم وإنجازه في الأولمبياد الدولية للكيمياء، ويُرجح أن ذلك رفضًا لظهور العلم السعودية إلى جوار الإيراني، ولم تهتم إلا صحيفة واحدة هي صحيفة سبق، بنشر الفيديو المثير للجدل، في حين لم تنشر أغلب المنصات الإخبارية السعودية أي خبر يتعلق بالأمر.

موقف بسيط من شاب صغير السن مثل بدر الملحم أعاد لمعارضي التطبيع في السعودية الروح من جديد، ليصعّدوا انتقاداتهم لمسار النظام السعودي الواضح نحو التطبيع مع إسرائيل، وإيهام السعوديين أن العدو الأول لهم هي إيران وليست إسرائيل. 

وقد ظهر ذلك في تقرير المؤشر العربي 2017/2018، الصادر عن المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات، حيث اعتبر نحو 42% من السعوديين المشاركين في التقرير،أن إيران الدولة الأكثر تهديدًا لأمن السعودية، في مقابل 15% في تقرير 2016. 

وتأتي تلك النتائج وغيرها على الأرض نتيجة للحملة الإعلامية التي تتم برعاية النظام خلال الفترة الماضية، عبر مقالات وأفلام وحملات على مواقع التواصل الاجتماعي تستهدف توجيه الانتقادات للفلسطينيين واستدعاء أكاذيب كلاسيكية حول بيع الفلسطينيين لأراضيهم للمحتل!

نخبة ابن سلمان لخدمات التطبيع

مسار التطبيع الرسمي الذي بدأ في السعودية، والذي أريد له أن يكون شعبيًا، استخدمت فيه الآلة الإعلامية الخاضعة للسلطة، عبر الحملات التي تستهدف تلميع الاحتلال الإسرائيلي وشيطنة المقاومة، بداية من عرض أفلام تحمل أخطاء تاريخية عن النكبة كان أبرزها فيلماً وثائقياً بعنوان النكبة، قامت ببثه قناة العربية السعودية. ويتناول الفيلم بداية نشأة إسرائيل من خلال رواية إسرائيلية وسردية صهيونية. ويظهر الفيلم المحتلين على أنهم مستضعفون. 

كشف تقرير المؤشر العربي 2017/2018 أن نحو 42% من السعوديين المشاركين في التقرير يرون أن إيران هي الأكثر تهديدًا للسعودية

ولا يختلف الأمر في وسائل إعلامية أخرى مثل صحف الحياة والشرق الأوسط وإيلاف، التي تتخذ منها الإدارة السعودية جسرًا لتمريرٍ ناعم للتطبيع في الشارع السعودي. وعلى سبيل المثال، تتركز سياسة صحيفة إيلاف ذات التمويل السعودي، على مواجهة المقاومة واستضافة القادة الإسرائيليين عبر كتباتهم لمقالات كما حدث مع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، أو إجراء حوارات مع هؤلاء القادة ومن بينهم وزراء ويتمكن هؤلاء القادة من تهديد الدول العربية بكل حرية في تلك الصحيفة السعودية.

اقرأ/ي أيضًا: السعودية في المؤشر العربي.. حزب "لا أعرف" وثمار دعاية ابن سلمان

في حين أن أصحاب المقالات والمغردين حول التطبيع عددهم في تصاعد لنيل الرضا، وأغلبهم شخصيات عامة تنعم بالقرب من القصر الحاكم. ومن أبرزهم الكاتب والروائي تركي الحمد، والذي قال عبر حسابه على تويتر: "فلسطين لم تعد قضية العرب الأولى، بعد أن باعها أصحابها". 

فيما كتب محمد آل الشيخ، مقالًا بصحيفة الجزيرة السعودية بعنوان: "نعم سأقف مع إسرائيل لو ضربت إيران"، قال فيه: "سؤال يدور في المجالس هذه الأيام مفاده: لو دارت حرب بين إسرائيل وإيران، فمن ستقف معه؟ قلت، وبلا تردد: طبعًا سأقف بكل قوة مع إسرائيل، وسوف أساندها قدر ما أستطيع".

وصل الأمر إلى المطالبة الصريحة بافتتاح سفارة إسرائيلية في الرياض، كما الحال مع الكاتب السعودي دحام الجفران العنزي في مقالة له بصحيفة الخليج

كما كتب المحلل الاقتصادي السعودي حمزة السالم، في تغريدة على حسابه بتويتر: "أتوقع أنه إذا عقد سلام مع إسرائيل، وتسهلت الفيزا والدخول والخروج، أنها ستصبح المحطة السياحية الأولى للسعوديين". 

وثمة العديد من الكتاب السعوديين المعروفين بمواقفهم المؤيدة للتطبيع، والتي لولا أن السياسات العامة السعودية تسير في هذا الاتجاه، لما تجرؤوا على التصريح لموقفهم التطبيعي. ومن بين هؤلاء علي الموسى الكاتب في صحيفة الوطن، وهناك في صحيفة الشرق الأوسط الكاتب مشاري الذايدي، الذي نشر مقالًا بعنوان: "من يهتم حقاً لفلسطين؟". 

كما حاولت اللجان الالكترونية لابن سلمان دعم مساره التطبيعي عبر وسم "#الرياض_أهم_من_القدس". لكن في المقابل هناك كتاب أخرين يرفضون التطبيع، ويعلنون مواقفهم ضده، وأغلبهم منعوا من الكتابة في الصحف، ومن أبرزهم الكاتب جمال خاشقجي.

التطبيع الخاسر

وبالعودة لما قام به بدر الملحم، فإن مسابقة أولمبياد الكيمياء الدولية، تجري كل عام في دولة ما. والمسابقة يشارك فيها طلاب المدارس الثانوية على مستوى دولي، ويتم اختبارهم عمليًا ونظريًا، ووفقًا للدرجات يحصل المتسابقون على الترتيب والميداليات الذهبية والفضية والبرونزية.

مسار التطبيع الذي بدأ في السعودية استخدمت فيه الآلة الإعلامية الخاضعة للسلطة، فعملت على تلميع إسرائيل وشيطنة الفلسطينيين

وقد أثني النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي على ما قام به الطالب بدر الملحم عبر وسمي "#بدر_الملحم" و"#بدر_سلمان_الملحم". وكتب تركي الشلهوب: "بدر سلمان الملحم، عندما جاء صهيوني ووقف بجانبه وهو يحمل العلم الإسرائيلي، ابتعد عنه فورًا، وقف في الجانب الآخر، رغم كل جهود الحكومة لإقناع الشعب بتقبّل التطبيع، إلا أنه واعٍ لذلك، ويرفضه تمامًا". 

فيما غرد ياسر الصالح: "مليارات يصرفونها للتطبيع، فيحرقها شاب بكل عفوية.. يبتعد عن علم إسرائيل أثناء التكريم. والمصادفة الموفقة يصطف بجانب العلم الإيراني". 

 

 

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

السعودية ومسلسل التطبيع.. متى سيرفرف العلم الإسرائيلي في الرياض؟

التطبيع مع إسرائيل بأموال النفط وملوك الطوائف