15-يوليو-2016

غرافيتي في بيروت

هل هي لعنة، تلك التي تلاحق السوريين أينما حلوا؟ الهجرة بحرًا لم تجدهم نفعًا إنما زادت المتاعب همومًا وأزهقت أرواحًا تعبوا من إحصائها. على اليابسة ألم مستفحل، واقع أمني مميت يسكن حيث تنهار المساكن ويندر الغذاء والدواء. هي الحرب بوجوهها المتعددة، لم توفر وجه الحرب الإلكترونية الذي صاروا يألفونه على جبهات مواقع التواصل الاجتماعي.

ترحم اللبنانيون على جاليات مثل السريلانكية والبنغلادشية والفيليبينية متناسين كل العنصرية الى مارسوها بحق أبنائها

ليس حديثنا عن طرد صبي يبيع الزهور أو صدم آخر. فقد وصل الأمر حد إنشاء صفحات تغزو فيسبوك داعية إلى مقاطعة اللاجئين السوريين، والتوقف عن شراء منتجاتهم بذريعة أحقية التاجر اللبناني. حيث يعاني أغلبية اللبنانيين من غياب الأمان الوظيفي، أو الدخل الثابت، خصوصًا بعد وقف تصدير المحاصيل الزراعية عبر الحدود السورية بسبب الصراع الدائر هناك، وقبله بسبب منافسة العمال والمياومين السوريين الراضين برواتب أقل، في بلد هجرته فرص العمل منذ عقود طويلة.

اقرأ/ي أيضًا: لبنان.. "مرصد العنصرية" يرصد ما تغفله الدولة

وصفوا العامل السوري "بالحوراني" نسبة الى جبل حوران، "وظّف لبناني واشترِ من لبناني"، "شجع اللبناني يبقى بأرضو والحوراني يرجع على أرضو"، "بكرا بتشحدو وطن يا لبنانيي". ناهيك عن نشر صور المحال التجارية والمطاعم السورية للدعوة إلى مقاطعتها، واعتبار كل لبناني يبتاع منها عدوًا للبنانيين جميعًا.

ترحم اللبنانيون على جاليات مثل السريلانكية والبنغلادشية والفيليبينية متناسين كل العنصرية التي مارسوها بحق أبنائها، وما زالوا، رغم أنهم لم ينافسوا اللبنانيين يومًا على وظيفة أو عملوا في قطاع يعتبرونه حكرًا عليهم.

اجتاحت موجات الشكر لهذه الجاليات الموقع الأزرق، فهم "لم يقتلوا جيشنا"، ولم "ينتموا إلى جماعات إرهابية"، "لم يفتتحوا محالًا تجارية ويقطعوا رزقنا"، والأهم أنهم "لم يحلموا بوطن بديل"، ونحن من يتهافت للحصول على جنسية ثانية أو حتى جواز سفر… عشتِ أيتها السريلانكية واللعنة على كل ضيف ثقيل..!

أصاب حديث التوطين مكامن في اتجاهات عدة. فنال الفلسطينيون حصتهم من سهامه. تبرع "وطنيون" بتذكيرهم بحق العودة وبأنهم لاجئون أيضًا، أطلقوا هاشتاغ #لبنان_للبنانيين_وحدهم. #أي_لبنان_هذا؟ #أي_لبنانيين_أنتم؟

اقرأ/ي أيضًا:

العنصرية والطائفية كـ "نكتة مدرسية"

حسن رابح.. الرقص في الريح