21-سبتمبر-2021

شهدت تونس احتجاجات ضد استمرار الإجراءات الاستثنائية (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

قال الرئيس التونسي قيس سعيّد في خطاب ألقاه أمام حشد من أنصاره في مدينة سيدي بوزيد مساء أمس الاثنين، إنه تم وضع أحكام انتقالية وإن التدابير الاستثنائية ستستمر، وذلك بعد يومين من خروج مظاهرة وسط العاصمة تطالب بإنهاء الإجراءات التي اتخذها. وأوضح سعيّد أنه سيتم تكليف رئيس للحكومة وسيتم وضع مشروع قانون انتخابي جديد، مضيفًا: "ما أقوله اليوم في صلب الدستور ولا يمكن أن يقولوا إنه انقلاب، وكيف يكون انقلابًا بالدستور ونص الدستور؟!".

قال الرئيس التونسي قيس سعيّد في خطاب ألقاه أمام حشد من أنصاره في مدينة سيدي بوزيد مساء أمس الاثنين، إنه تم وضع أحكام انتقالية وإن التدابير الاستثنائية ستستمر

 ورأى الرئيس أن بلاده تشهد عدة أزمات مفتعلة، لكن "التحدي الذي يطرحه البعض لا يقابل إلا بتحد أكبر"، متوعدًا تلك الجهات التي لم يسمها بأن "صواريخنا القانونية على منصاتها، وتكفي إشارة واحدة لتضربهم في أعماقهم". وجدد دفاعه عن قراراته التي اتخذها في يوليو/ تموز الماضي وتم وصفها على نطاق واسع بالانقلاب، قائلًا "لم يكن هناك انتقال ديمقراطي بل انتقال من فساد لآخر، وكان لا بد من اللجوء للفصل 80 من الدستور". ولم يفوت الرئيس التونسي المناسبة دون أن ينتقد احتجاجات السبت الماضي أمام المسرح البلدي بالعاصمة، ووصفها بالمسرحية.

اقرأ/ي أيضًا: الرئيس التونسي يمدد "الإجراءات الاستثنائية" وسط مشهد ضبابي يسود البلاد

 وفي أول ردود الأفعال حول تصريحات الرئيس التونسي، قال حبيب خضر مقرر الدستور المنتمي إلى حركة النهضة في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إن "الأحكام الانتقالية تساوي تعليق الدستور كليًا أو جزئيًا وتساوي الإيغال في الانقلاب".

وكان شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة التونسية قد شهد يوم السبت الماضي، مظاهرات حاشدة  للاحتجاج على قرارات 25 تموز/ يوليو التي أقرها قيس سعيّد، وجاءت الاحتجاجات تلبية لدعوة نشطاء وسياسيين ونواب بالبرلمان المجمد نشاطه، ورفع المتظاهرون شعارات ضد قرارات الرئيس سعيّد، واتهموه بالانقلاب على الدستور مطالبين بعودة عمل البرلمان. كما رددوا هتافات من بينها "الشعب يريد إسقاط الانقلاب"، "نريد الشرعية"، "دستور حرية كرامة وطنية"، "ارحل"، "اليوم يسقط الانقلاب"، "لا للفصل 80"،"لا خوف لا رعب السلطة ملك الشعب"، و"دستور حرية كرامة وطنية".

وطالب المتظاهرون بوقف المحاكمات أمام القضاء العسكري، ونادى المشاركون في الوقفة الاحتجاجية بإطلاق سراح النائب بالبرلمان المجمد ياسين العياري، منددين بما وصفوه بـ "عودة الديكتاتورية".

وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن من بين المشاركين في المظاهرة شخصيات من حركة النهضة، كما شارك أنصار ائتلاف الكرامة إلى جانب بعض الشخصيات اليسارية. وقال الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي في مقابلة مع قناة الجزيرة إن "مظاهرات السبت المناهضة لقرارات الرئيس سعيّد تؤكد أن الشعب التونسي فرض حريته"، وأضاف أن "المخرج الوحيد للأزمة هو أن يخضع الرئيس لطلبات الشعب أو يستقيل أو يُقال".

وقالت وسائل إعلام تونسية إنه تمت الاستجابة لدعوة عدد من مكونات المجتمع المدني لتنظيم وقفة احتجاجية أمام المسرح البلدي بالعاصمة للتعبير عن رفضهم للقرارات التي أعلنها الرئيس قيس سعيّد، بحضور جماهيري وأمني كبيرين. كما أشارت إلى أن هذه الدعوات تأتي وسط انقسام بين التونسيين، إذ يدعم جزء منهم الإجراءات التي أعلنها الرئيس قيس سعيّد، فيما يرى الجزء الآخر أن هذه الإجراءات هي تهديد للحريات والديمقراطية.

بالمقابل نظم عشرات من أنصار الرئيس احتجاجًا آخر في الشارع نفسه، ورفعوا عددًا من الشعارات التي تطالب بحل البرلمان وتهاجم رئيسه راشد الغنوشي الأمين العام لحركة النهضة.

ونظمت المظاهرتين وسط حضور أمني كثيف، كما حلقت فوق المكان طائرة مسيرة تابعة لوزارة الداخلية. وقالت وكالة  رويترز إنه "ربما تعطي احتجاجات اليوم مؤشرًا على الكيفية التي ستتعامل بها الأجهزة الأمنية مع المعارضة الشعبية".

من جهة أخرى، أكد الأمين العام المساعد للاتحاد التونسي للشغل سامي الطاهري أن الاتحاد طالب رئيس الجمهورية بالإسراع في تشكيل الحكومة، وأكد الطاهري في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن الاحتجاج حق، مشددًا في الوقت نفسه على رفض الاتحاد للاحتجاج إذا كان من أجل تقسيم التونسيين وإيجاد شعبين وفق تعبيره. ورأى القيادي في الاتحاد وهو أقوى منظمة نقابية في تونس، أن اتحاد الشغل غير معني بالتحركات الاحتجاجية التي نظمت السبت بشارع الحبيب بورقيبة، وأنه لم ولن يشارك في أي تحركات أخرى مضادة لها. وأضاف الطاهري أن الاتحاد نبه إلى الانزلاق للعنف، لأن القضايا تُحل بالتشاور، داعيًا إلى إنهاء الإجراءات الاستثنائية.

تأتي هذه الاحتجاجات تزامنًا مع تحذيرات أطلقتها جمعيات حقوقية، من خطورة الوضع الحالي في البلاد على صعيد الحقوق والحريات

تأتي هذه الاحتجاجات تزامنًا مع تحذيرات أطلقتها جمعيات حقوقية، إذ حذرت الجمعية التونسية للدفاع عن الحقوق الفردية الخميس الماضي، من خطورة الوضع الحالي في البلاد على صعيد الحقوق والحريات وسير دواليب الدولة، وجاء ذلك في تصريحات أدلى بها وحيد الفرشيشي رئيس الجمعية خلال مؤتمر صحفي نظمه بالعاصمة تونس لتقديم التقرير الأول حول رصد وضعية الحقوق المدنية السياسية خلال الحالة الاستثنائية. وقال الفرشيشي إن "الأوضاع الراهنة خطيرة جدًا ليس فقط على صعيد الحقوق والحريات ولكن أيضًا على سير دواليب الدولة"، وأضاف: "تبين بعد مرور شهر من إعلان وتنفيذ تدابير الوضع الاستثنائي أن المخاطر المحدقة بالديمقراطية وبدولة القانون مخيفة".