أعلنت أنغولا عن إطلاق وساطة جديدة تهدف إلى إجراء محادثات مباشرة بين السلطات في الكونغو الديمقراطية ومتمردي حركة إم23 المدعومين من رواندا. ووفقًا لمصادر دبلوماسية أنغولية، من المتوقع أن تبدأ هذه المفاوضات خلال الأيام المقبلة في العاصمة لواندا، بعد أن أبدت جميع الأطراف المعنية استعدادها للمشاركة.
وجاء الإعلان عن الوساطة بالتزامن مع لقاء الرئيس الأنغولي جواو لورينسو بنظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي في لواندا، فيما وصف متمردو إم23 هذه المبادرة بأنها "انتصار للعقل".
وكانت السلطات الكونغولية قد رفضت عدة وساطات سابقة، بينما حرصت أنغولا في محاولاتها السابقة على استبعاد حركة "إم23" من المفاوضات، مفضلةً التعامل مع داعميها الروانديين. لكن هذه المرة، غيرت لواندا نهجها، مفضلةً وضع الحكومة الكونغولية وجهًا لوجه مع حركة إم23، التي تُعد أقوى فصيل متمرد في شرق الكونغو.
وفي بيان رسمي، أكدت الرئاسة الأنغولية أن أنغولا، بصفتها وسيطًا في الصراع الدائر في شرق الكونغو الديمقراطية، ستجري اتصالات مع "إم23" لتمهيد الطريق أمام مفاوضات مباشرة بين الطرفين في لواندا، بهدف إنهاء النزاع طويل الأمد في المنطقة.
على الرغم من التحديات المحدقة بالوساطة الأنغولية، إلّا أنّ فرصها في النجاح تعدّ كبيرة، فقد حافظت لواندا طيلة الصراع الممتد على مدار عقدين ونصف، على موقف الحياد
تعقد مجموعة تنمية الجنوب الإفريقي (سادك)، يوم غدٍ الخميس، قمة استثنائية افتراضية لرؤساء الدول والحكومات، لمناقشة الوضع الأمني في شرق الكونغو الديمقراطية، وسط تصاعد التوترات بين كينشاسا وكيغالي. وتسعى دول المجموعة إلى التوسط في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار بين الكونغو ورواندا، التي تُتهم بدعم متمردي حركة "إم23" بقيادة التوتسي.
فرص نجاح الوساطة الأنغولية
رغم التحديات التي تواجه المبادرة الأنغولية، فإن فرص نجاحها تبدو كبيرة، نظرًا إلى الدور الحيادي الذي حافظت عليه لواندا طوال الصراع الممتد منذ أكثر من 25 عامًا. فقد قادت أنغولا وساطات سابقة بين الكونغو ورواندا، التي تتهمها كينشاسا باستغلال متمردي "إم23" لنهب الموارد المعدنية في شرق البلاد.
وعلى خلاف المحاولات السابقة، استدعت أنغولا في وساطتها الجديدة حركة "إم23"، التي تزعم أنها لم تعد تمثل عرقية معينة، بل أصبحت تقود تحالفًا متعدد القوميات بمشروع وطني. ومن شأن هذه الخطوة تسهيل المفاوضات المباشرة، وتعزيز فرص التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
إضافة إلى ذلك، تزايدت الضغوط الدولية على رواندا، مما قد يساعد الوساطة الأنغولية على تحقيق اختراق. فقد فرضت وزارة الخزانة الأميركية وعدة دول أوروبية عقوبات على رواندا ومسؤولين كبار فيها، بسبب تورطهم في دعم المتمردين. كما أدان مجلس الأمن الدولي للمرة الأولى رواندا بتقديم دعم عسكري وبشري لحركة "إم23"، متهمًا إياها بزعزعة استقرار الكونغو الديمقراطية.
ورغم هذه الاتهامات، لا تزال رواندا تنفي أي تورط عسكري مباشر، مؤكدة أن قواتها تتحرك دفاعًا عن النفس ضد الجيش الكونغولي والميليشيات المعادية لكيغالي في المنطقة.
حركة "إم23".. أزمة مستمرة
تعدّ حركة "إم23" واحدة من نحو 100 جماعة مسلحة تتصارع على النفوذ في شرق الكونغو، وهي منطقة غنية بالمعادن وتقع على الحدود مع رواندا. وقد أدى الصراع بين هذه الجماعات إلى إحدى أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث تسبّب في نزوح أكثر من 7 ملايين شخص.
وفي التطورات الأخيرة، سيطر متمردو "إم23" على مدينتي غوما وبوكافو، فيما أسفرت المعارك بينهم وبين القوات الحكومية والميليشيات المساندة لها عن مقتل أكثر من 7000 شخص منذ كانون الثاني/يناير الماضي، وفقًا لرئيسة الوزراء الكونغولية جوديث سومينوا تولوكا.
وفي ظل تصاعد العنف، شكّل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الشهر الماضي، لجنة للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة، بما في ذلك مزاعم اغتصاب وقتل خارج نطاق القانون، ارتكبها كلا الطرفين.