05-يونيو-2018

شدد وزير الخارجية القطري على ضرورة وقف الحصار (أ.ف.ب)

يصادف يوم الخامس من حزيران/يونيو 2018، الذكرى السنوية الأولى لفرض السعودية والإمارات، ودول تابعة لهما، حصارًا بريًا وبحريًا وجويًا شاملًا ضد قطر، في خطوة أحدثت صدعًا في مجلس التعاون الخليجي، وفي الشرق الأوسط جميعه. بهذه المناسبة، كتب الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وزير الخارجية القطري ونائب رئيس الوزراء، مقالًا عبر صفحات صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، كرر فيه التأكيد على مساعي قطر لسد هذا الصدع، والاهتمام بالقضايا المشتركة التي تخص مصالح الشعوب، دون الانجرار إلى المناكفات ومصالح الأنظمة واللوبيات الضيقة. فيما يلي نقدم ترجمة كاملة للمقال.


كان الشرق الأوسط منطقة اضطرابات وعدم استقرار لأكثر من 15 عامًا. إذ يشكل الإرهاب العابر للبلاد، وموجات النازحين، والحروب المستعصية على ما يبدو، تهديدات عالمية تؤثر على البلاد البعيدة عن المنطقة.

وزير خارجية قطر: نعتقد في قطر أن الأزمات في الشرق الأوسط مترابطة وتتطلب حلولًا شاملة

نعتقد في قطر أن الأزمات في الشرق الأوسط مترابطة وتتطلب حلولًا شاملة، وأن السلام والاستقرار سوف يُستعادان فقط عندما تتفق دول المنطقة على العمل سويًا من أجل الوصول إلى إجماع حول التحديات الرئيسية، بما في ذلك تأثير الطائفية المزعزع للاستقرار، وارتفاع نسب البطالة بين الشباب، وحاجتنا المشتركة لتنويع اقتصادنا المعتمد على النفط.

لكن في وقت ينبغي أن يتحد فيه الحلفاء العرب في مواجهة فظاعة القتل الجماعي في سوريا، والحرب المتصاعدة في اليمن، وإعادة بناء مؤسسسات الدولة في ليبيا والعراق، اختار بعض اللاعبين الإقليميين أن يسعوا وراء المظالم التافهة والطموحات الأنانية التي تقوض وحدتنا. والدليل الأول على ذلك هو الحصار المفروض على بلادي.

واجهت قطر في العام الماضي حصارًا طائشًا وغير مدروس فرضته أربعة دول هي السعودية، والبحرين، والإمارات، ومصر. شعرت هذه الدول أنها تواجه تهديدًا من السياسة الخارجية المستقلة لقطر، واستجابة لذلك، أغلقوا حدودنا وحظروا الرحلات إلى بلادنا. ولعل الدول المحاصِرة توقعت تركيع قطر. وإذا كانت هذه نواياهم، فإن جهودهم أتت بنتائج عكسية بكل وضوح.

اقرأ/ي أيضًا: قطع العلاقات مع قطر.. كل شيء عن مؤامرة أبوظبي

واليوم، أصبحت قطر أقوى مما كانت عليه قبل سنة. وخلال 24 ساعة من فرض الحظر، خلقنا بسرعة مصادر وبدائل جديدة، وطرقًا أكثر استدامة لإمداد السلع الأساسية، مثل الطعام والغذاء. وفي الأسابيع والشهور التالية، وقعنا على عقود جديدة طويلة الأمد للتعاون الاقتصادي، وفي الوقت ذاته سرّعنا خطط تنويع اقتصادنا من خلال تقليل اعتمادنا على مواردنا الهيدروكربونية. وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بعد مرور أشهر على الحصار، أفادت تقارير صندوق النقد الدولي بأن اقتصاد قطر كان الأسرع نموًا في الخليج.

في غضون ذلك، لا يزال الشرق الأوسط في حالة اضطراب. إذ رسخت حكومة الرئيس بشار الأسد من قوتها في سوريا، وحولت المشهد الإقليمي والجيوسياسي، والفلسطينيون المحاصرون في غزة خرجوا في احتجاجات، مما يسلط ضوءًا جديدًا على الحاجة إلى حل عادل، واليمن يدخل عامه الثالث من الحرب، إذ مات بالفعل عشرات الآلاف من المواطنين ولا تلوح في الأفق أي نهاية. تعتبر هذه القضايا مهمة لشعوب شبه الجزيرة العربية، وجميعهم يستصرخون صوتًا عربيًا موحدًا.

تعتقد قطر أن المخاطر مرتفعة، وأن الوقت محدود، كي نركز على الاختلافات بين الدول العربية. وتتشارك الإدارة في واشنطن بكل وضوح في هذه الرؤية. شدد نظيري، وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، على أهمية وحدة الخليج. وعبر الرئيس ترامب مرارًا وتكرارًا عن رغبته في أن يرى حلًا للخلاف بين دول الخليج. يتفق الجميع على أن الوقت قد حان لإنهاء هذا الفصل المؤسف في تاريخ الخليج.

تعتقد قطر أن دول الخليج تحتاج إلى ترسيخ إطار عمل جديد لدفع السلام والأمن وصونهما

لقد قوَّض الحصار على قطر، الذي يُنظر إليه الآن على نطاق واسع على أنه تحريض وفقًا لحجج زائفة، استقرار الشرق الأوسط. ويجب أن يكون واضحًا الآن أنه لن يكون هناك "فائزون" في هذا الشقاق. لذا قد حان الوقت للدول المحاصِرة أن تتخلى عن أوهام الانتصار، وتضع نصب عينيها أولوية المصالح الأمنية للشرق الأوسط بأكمله، وأن تنهي الحصار.

تعتقد قطر أن دول الخليج تحتاج إلى ترسيخ إطار عمل جديد لدفع السلام والأمن. لعب مجلس التعاون الخليجي، وهي المنظمة التي تضم ثلاثة أعضاء من الدول المحاصِرة، تاريخيًا دورًا في استقرار شؤون الخليج. لكن مجلس التعاون الخليجي لم يكن أبدًا معنيًا له أن يكون محكمة إقليمية، أو مجموعة دعوة، أو هيئة لصنع السياسات.

تتطلب القضايا التي تواجه بلاد شبه الجزيرة العربية منصة أكبر للحوار والمفاوضات. تعتقد حكومة قطر أن ميثاقًا إقليميًا جديدًا، غير مثقل بالصدع الأخير، يمكنه أن يعيد القيادة والسلطة الإيجابية التي وجدت قبل ذلك وأن هذا يمكن أن يساعد منطقتنا لمواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية التي نواجهها. تعتقد قطر أن مأزق مجلس التعاون الخليجي الحالي، على وجه الخصوص، يسلط الضوء على الحاجة الملحة لمثل هذا الاتفاق.

ونأمل أن تسود الحكمة وأن ينضم جيراننا إلينا في خلق آليات لتعزيز مصالحنا الأمنية الجماعية والنهوض بقضية السلام. فمن خلال استعادة الوحدة الخليجية وتأسيس إطار عمل جديد لحل الصراع، يمكننا أن نجعل منطقتنا، وأن نجعل العالم، أكثر أمنًا واستقرارًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

سنة على حصار قطر.. إقرار دولي باتزان الدوحة وبراعة إنجازاتها

سنة على حصار قطر.. نقلة دبلوماسية وقفزات تنموية