19-أبريل-2018

انتقد ماس النظام السوري باستحياء (فلوريان غارتنر/فوتوثيك)

في غمار الانشغال الإعلامي الأوروبي والألماني بخطوات أنجيلا ميركل الائتلافية، ظهرت هذه مقابلة مع وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، مترجمة عن مجلة دير شبيغل الألمانية، تتطرق إلى موقف ألمانيا من المسألة السورية، وإلى دبلوماسية تويتر التي يتبعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتناقش قضية اتباع ألمانيا لنهج أكثر صرامةً تجاه روسيا.


  • السيد وزير الخارجية، لقد قلت في خطاب تنصيبك إنك دخلت السياسة بسبب معسكر أوشفيتز للاعتقال والإبادة. ماذا تقصد بذلك؟

 كنت أبحث عن تفسيرات لكيفية تمكن النازيين من إغراق ألمانيا والعالم بأسره في مثل هذه الكارثة. كان الكثير مما حدث في ذلك الوقت مروعًا لدرجة أنني لم أستطع فهمه. ومن خلال ذلك نمت لدي حاجة عميقة لتقديم مساهمة بنفسي حتى لا يحدث شيء من هذا القبيل مرة أخرى. ثم اتخذت القرار بتحمل المسؤولية السياسية.

  • ماذا يعني ذلك بالنسبة للسياسة الخارجية الألمانية؟

السياسة الخارجية مُتأصلة بعمق في القيم والمصالح. وليس من السهل دائمًا التوفيق بين الاثنين. ولكن بعد الحرب العالمية الثانية، رأت ألمانيا نفسها كقوة سلمية. لقد بذلنا قصارى جهدنا لضمان بذل جهود طويلة الأجل في السياسة الدولية لضمان الحفاظ على السلام. وأود مواصلة هذا التركيز.

ماس: لست من دعاة السلام. ومن تاريخ ألمانيا الفريد، توصلت إلى استنتاج مفاده أنه يتعين علينا دائمًا أن نفعل كل ما في وسعنا لتجنب الصراعات المسلحة

  • في عام 1999، برر وزير الخارجية يوشكا فيشر مشاركة ألمانيا في الغارات الجوية في كوسوفو بقوله "معسكر أوشفيتز للاعتقال والإبادة لن يتكرر مجددًا".

نعم، وقد كان قرارًا كنت قادرًا على فهمه جيدًا في ذلك الوقت.

  •  في منصبك الحالي كوزير للخارجية، هل يُمكن أن تقول مثل هذه الجملة؟

يعتمد ذلك على ما تشير إليه بالضبط.

  •  هل يتعين على القوة السلمية الألمانية أن تستخدم القوة العسكرية لمنع القتل الجماعي؟

 أنا لا أتبنى الفكرة "السلاميّة". ومن تاريخ ألمانيا الفريد، توصلت إلى استنتاج مفاده أنه يتعين علينا دائمًا أن نفعل كل ما في وسعنا لتجنب الصراعات المسلحة. ولكن للأسف هناك أيضًا لحظات ينبغي فيها اللجوء إلى القوة العسكرية باعتبارها حلًا أخيرًا.

اقرأ/ي أيضًا: ألمانيا تتجه نحو فوضى سياسية لا مثيل لها

  •  في سوريا، يواجه الغرب لسنوات مسألة ما إذا كان هناك مُبرر لاستخدام القوة العسكرية أم لا. ما رأيك؟

 لا أعتقد أنه من المناسب قول إن هناك علاقة مباشرة بين ما حدث في معسكر أوشفيتز بيركينو وبين ما يحدث الآن في سوريا. سوريا ليست معسكر أوشفيتز للاعتقال والإبادة. إذ إن وحشية جرائم النازيين تجعل من المستحيل مقارنتها بالآخرين.

  •  لماذا كان من الصواب إجراء مقارنة بين يوغوسلافيا السابقة ومعسكر أوشفيتز، لكن من غير الصحيح عقد نفس المقارنة بالنسبة لسوريا؟

لا يمكن مقارنة معسكر أوشفيتز بأي شيء. كان يوشكا فيشر يحاول ببساطة توضيح دوافعه للجوء إلى استخدام القوة العسكرية كرد فعل أخير على الإبادة الجماعية.

  •  ألا ينبغي لمئات الآلاف من القتلى في سوريا أن يُمثلوا حافزًا كافيًا للتدخل؟

 ما رأيناه في السنوات السبع الأخيرة في سوريا كان مُرعبًا. إذ اُستُخدمت الأسلحة الكيميائية مرارًا وتسببت في معاناة هائلة للأبرياء. ومن غير المقبول أيضًا أن الزعماء السياسيين لم يتمكنوا حتى الآن من إيجاد حل سياسي لهذا الصراع. لكن هذا هو الشرط الأساسي للسلام الدائم. يجب أن ينتهي استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا ولا يُمكن أن يظل ذلك دون عواقب. لأنها تعتبر واحدةً من أسلحة الدمار الشامل الأكثر وحشية. وقد تم حظرها دوليًا منذ عقود. لقد كنت من أوائل المؤيدين للمبادرة الفرنسية لضمان معاقبة المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية.

  •  من الذي تراه أكثر خطورةً على السلام العالمي، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؟

التصعيد اللفظي لا يُساعد أبدًا. لكن من الواضح أيضًا أننا رأينا في العديد من التصويتات أن قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن سوريا، تُعترض بسبب ممارسة روسيا حق النقض - الفيتو. ولا يمكن للمجتمع الدولي، ولا ينبغي له، أن يقبل وضعًا أصبحت فيه أهم هيئة من هيئات الأمم المتحدة عاجزةً بهذا الشكل.

اقرأ/ي أيضًا: هواجس الانهيار ترسم خارطة الاتحاد الأوروبي المستقبلية

  •  ما مدى خطورة احتمال تصاعد الحرب في سوريا إلى صراع عسكري عالمي؟

 على الرغم من جميع الهجمات اللفظية هذه الأيام، فإن الصراع لن يذهب إلى هذا الحد. ويجب أن تظل مسألة التوصل إلى حل سياسي للصراع هي الأولوية القصوى. نحن على اتصال وثيق للغاية مع شركائنا في هذا المسعى. ولم يُنظر قط في المساهمة العسكرية في سوريا.

  •  ولم لا؟

في مثل هذا الصراع، ليس هذا هو الدور الذي نرغب في القيام به، بالتشاور مع شركائنا.

ماس: لقد وضعنا تركيزنا على العمليات الإنسانية وعمليات المجتمع المدني، لكننا لا نختبئ من المسؤولية العسكرية

  •  كيف يتناسب هذا مع تصريحك بأنه على ألمانيا تحمل المزيد من المسؤولية؟

 إن القيام بدور أكبر لا يعني بالضرورة المشاركة في هجوم عسكري. خلال زيارتي إلى نيويورك، أشرت إلى أننا أصبحنا ثاني أكبر ممول للأمم المتحدة. ونشارك في عدد من بعثات حفظ السلام. لقد وضعنا تركيزنا على العمليات الإنسانية وعمليات المجتمع المدني، لكننا لا نختبئ من المسؤولية العسكرية. وفي هذا الأسبوع فقط، مددت الحكومة مرة أخرى اثنتين من المهام العسكرية.

  • يبدو ذلك مثل التقسيم القديم للعمل: ألمانيا تدفع الفواتير وتهتم بالجوانب الإنسانية. ولكن عندما تصبح الأمور خطيرة أو معقدة من الناحية الأخلاقية، فيجب على الأمريكيين والحلفاء الآخرين أخذ زمام المبادرة.

 لا، لا يمكنني قبول الاتهامات بأننا لا نتحمل المهام الصعبة، ومما يؤسف أننا نعرف جيدًا ما هو شعورنا عندما يُقتل الجنود الألمان في الخارج.

  •  في العام الماضي، قالت ميركل في إشارة إلى الولايات المتحدة "إن الأوقات التي كان بوسعنا فيها الاعتماد كليًا على الآخرين قد انتهت إلى حد ما". هل توافق على ذلك؟

 لن تلعب الولايات المتحدة في ظل قيادة دونالد ترامب الدور نفسه الذي لعبته في الماضي. هذه هي الحقيقة التي يجب علينا مواجهتها. أولئك الذين يمارسون السياسة تحت شعار "أمريكا أولًا" لا يرون الالتزامات الدولية باعتبارها أولوية. وبالتعاون مع الآخرين، علينا أن ننظر في كيفية تعويض الانسحاب الأمريكي، وكيفية إعادة توزيع المهام المختلفة. إذ يُعد أكبر تحد تواجهه السياسة الخارجية الألمانية هو الحفاظ على النظام العالمي متعدد الأطراف، والذي يتمثل في الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.

اقرأ/ي أيضًا: من هي أليس فايدل.. الخبيرة المثلية التي قادت اليمين المتطرف الألماني للنصر؟

  • لم يعد من الممكن الاعتماد على الولايات المتحدة بمعنى آخر أيضًا. إذ يصعب التنبؤ بأفعال دونالد ترامب.

 بالنسبة لي، تعتبر الموثوقية واحدة من أهم الصفات السياسية، ولا سيما في السياسة الخارجية. على الرغم من كل شيء، فإننا جميعًا نعتمد على ذلك، بما في ذلك في العلاقات عبر المحيط الأطلسي. ومما يزيد من صعوبة الأمر، هو أن تجد نفسك في مواجهة تغريدات مثيرة للدهشة كل يوم.

  •  هل ما زلت ترى الولايات المتحدة كدولة تُمثل القيم الغربية؟

 نعم. لحسن الحظ، تتكون العلاقات عبر المحيط الأطلسي لا تهزها مجرد تغريدات على تويتر. ويبقى الأمر واضحًا بالنسبة لنا: نحن بحاجة إلى الولايات المتحدة. ولن نتمكن من مواجهة التحديات الدولية الكبيرة التي تواجهنا إلا معًا. ليس لدينا علاقات إنسانية وثيقة مع أي بلد آخر خارج أوروبا، ونود الاحتفاظ بهذه العلاقة وتعزيزها.

ماس: العلاقة عبر المحيط الأطلسي لا تهزها مجرد تغريدات على تويتر

  • عندما يتعلق الأمر بروسيا، فقد وجهت انتقادات حاسمة بشكل ملحوظ أكثر من سابقيك، فرانك-فالتر شتاينماير وزيغمار غابرييل. لماذا؟

 يجب أن تكون سياستنا في التعامل مع روسيا متأصلة بعمق على أرض الواقع. لقد وصفت روسيا نفسها على نحو متزايد بأنها تتميز وتعارض بشكل جزئي الغرب. ومن المؤسف أن روسيا تتصرف بطريقة عدائية بشكل متزايد مثل: هجوم عامل الأعصاب الذي حدث في مدينة ساليسبري، والدور الذي تلعبه في سوريا وشرق أوكرانيا، وهجمات القرصنة الإلكترونية، بما في ذلك الهجوم على وزارة الخارجية الألمانية. ومع ذلك، وخلال كل ما قمنا به في الأسابيع الأخيرة، لاحظت باستمرار أنه يتعين علينا أن نظل في حوار مع روسيا. نحن بحاجة إلى روسيا، وليس فقط من أجل محاولة إيجاد حل للصراع السوري. ولكن عليّ أيضًا أن أنوه إلى حقيقة أن معظم شركائنا لديهم الآن نظرة انتقادية للغاية تجاه روسيا، وتساورهم بعض الشكوك بشأن إمكانية إجراء حوار مثمر. في الماضي، كانوا على استعداد لمسايرة ألمانيا إلى حد ما. بينما يتساءلون اليوم: ماذا سيقدم ذلك لنا؟

  • هل تنتقد روسيا للحفاظ على المصداقية مع حلفائنا الغربيين؟

نحن ننتقد روسيا في قضايا محددة. ومن الصحيح أيضًا أنه لو لم نشارك، على سبيل المثال، في طرد الدبلوماسيين بعد الهجوم على سيرغي سكريبال، لكان هذا مؤشرًا على أن الغرب منقسم حول هذه القضية. ولا يزال الإدماج البناء لروسيا يُمثل تحديًا هائلًا يواجه السياسة الدولية في السنوات المقبلة.

  •  هل ترى روسيا باعتبارها شريكًا أو بوصفها تُمثل تهديدًا؟

 أصبحت روسيا شريكًا صعب المراس. فلأول مرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تُستخدم الأسلحة الكيميائية المحظورة في قلب أوروبا. كما يبدو أن الهجمات السيبرانية أصبحت عنصرًا هامًا في السياسة الخارجية الروسية، وفي مثل هذا الصراع الحاسم مثلما يحدث في سوريا، فإن روسيا تعرقل مجلس الأمن الدولي. ولا يسهم أي من ذلك في بناء الثقة.

  •  هل تعتقد أنه من الممكن أن نجعل روسيا تغير مسارها من خلال اعتماد سياسة أكثر صرامة تجاهها؟

أعتقد أنه لن يتحسن أي شيء إذا أعطينا الانطباع بأننا ببساطة سنقبل التطورات الصعبة بصمت. كلما كانت العلاقة أكثر تعقيدًا، يتعين أن تكون لغتنا أكثر وضوحًا. نحن بحاجة إلى اتخاذ مواقف قوية مُقترنة بعروض واضحة.

  •  أثار سابقوك إمكانية إنهاء العقوبات المفروضة على روسيا خطوة بخطوة إذا أوفت موسكو ببعض التزاماتها في شرق أوكرانيا على النحو المبين في اتفاق مينسك.

 هناك اتفاقيات واضحة مفادها أن العقوبات ستنتهي فقط عندما تفي روسيا بالتزاماتها. والعقد شريعة المتعاقدين، ويتعين علينا الالتزام بتلك الاتفاقيات. وباعتبارها أكبر جارة في أوروبا، نحن بحاجة إلى روسيا. ولكن روسيا تحتاج إلينا أيضًا، سياسيًا ولا سيما اقتصاديًا.

  •  هل تعتقد أنه من المُمكن فرض عقوبات جديدة إذا استمر التصعيد الروسي؟

 ليس لدينا رغبة في المزيد من التصعيد. بالإضافة إلى أن العقوبات ليست غاية في حد ذاتها أو تهديدًا. إنها أداة سياسية تستخدمها أوروبا ضد روسيا لتحقيق أهداف ملموسة؛ في هذه الحالة، تنفيذ اتفاق مينسك.

اقرأ/ي أيضًا: الربيع الأوروبي.. بداية لتفكيك القارة العجوز

  • هناك من يؤيد مقاطعة كأس العالم لكرة القدم المزمع انعقاده في روسيا كوسيلة لمعاقبة موسكو.

 بشكل عام، يتعين علينا أن نحاول دائمًا دفع الأمور إلى الأمام سياسيًا قبل أن نستغل الرياضة.

  •  هل تخطط لحضور بطولة كأس العالم؟

 في الوقت الراهن، نحن لم نخطط للقيام بمثل هذه الرحلة.

ماس: هناك العديد ممن لم يعتقدوا قط أن دولة مثل روسيا يمكن أن تتطور إلى دولة ديمقراطية على النمط الغربي. وقالوا إن ذلك لا يتفق مع ثقافتها أو تقاليدها

  •  منذ تأديتك اليمين في الـ 17 من شهر كانون الأول/ ديسمبر، قمت بزيارة كل من بولندا، وفرنسا، وإسرائيل، وإيطاليا، وإيرلندا، وبريطانيا والأردن. متى ستقوم بزيارتك الاستهلالية لروسيا؟

 بمجرد تشكيل الحكومة الروسية الجديدة. أولًا، نحن نخطط للقيام برحلة إلى كييف. وسويًا مع نظيري الفرنسي، جان إيف لودريان، أود أن أعيد تنشيط رباعية النورماندي - صيغة النورماندي، التي تضم روسيا وأوكرانيا وفرنسا وألمانيا، في أسرع وقت ممكن.

  • هل تعتقد أنه يُمكن السماح لروسيا بالانضمام إلى مجموعة الدول السبع كما اقترح شتاينماير في عام 2016 عندما كان لا يزال وزيرًا للخارجية؟

 هذا الاقتراح غير واقعي في الوقت الحالي. فقد طالبنا بأن تعود روسيا إلى تقديم مساهمات بناءة في السياسة الدولية. عندما شغلت سابقًا منصب الوزير الاتحادي للعدالة وحماية المستهلك، اتخذت من الدستور الألماني دليلًا اهتدي به. وعلى الرغم من كل الصعوبات، سأقوم بتعزيز ما يسمى بـ "النظام القائم على القواعد" عندما يتعلق الأمر بالسياسة الدولية.

  •  هل تعتقد أن الغرب يتقاسم بعض المسؤولية عن الوضع المُتردي للعلاقات مع روسيا؟ فعقب انهيار الاتحاد السوفييتي، كانت هناك رغبة كبيرة في التقارب، وأراد الرئيس بوريس يلتسن إصلاح روسيا وفقًا للنموذج الغربي.

 كان هناك العديد ممن لم يعتقدوا قط أن دولة مثل روسيا يمكن أن تتطور إلى دولة ديمقراطية على النمط الغربي. وقالوا إن ذلك لا يتفق مع ثقافتها أو تقاليدها.

  •  إذًا، أنت لا تعتقد أن روسيا قادرة على أن تكون دولة ديمقراطية؟

 لقد أدركت مؤخرًا، على الأقل، أنه ليس من الواضح إلى أي مدى أراد فلاديمير بوتين تطوير روسيا في هذا الاتجاه.

  •  في عام 2001، قال فلاديمير بوتين في البرلمان الألماني، البوندستاغ - البرلمان الاتحادي الألماني، إنه يعتزم أن تصبح روسيا اقتصادًا سوقيًا حديثًا ودولة ديمقراطية، وإنه حريص على جعل الغرب شريكًا في ذلك المشروع.

 كان يُمكن أن يكون هذا الأمر جيدًا لو ظل مستمرًا على هذه الطريق. ومن جهة أخرى ربما لم يفعل الغرب كل شيء بشكل صحيح. لكن في النهاية، روسيا هي نفسها من تقرر المسار الذي تنتهجه بشكل كامل.

  •  دأب الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني الذي تنتمي إليه، منذ زمن طويل على الحوار مع روسيا. برأيك، ما هي الدروس المستفادة من اتباع السياسة التي عرفت بـ "السياسة الشرقية" (اوستبوليتيك)، والتي تُمثل سياسة الانفتاح على الاتحاد السوفياتي التي بدأها المستشار فيلي براندت، زعيم الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني، في عام 1969؟

 بالنسبة لي، لا تشمل السياسة الشرقية روسيا فحسب، بل جميع بلدان أوروبا الشرقية. والذي يتعين علينا أن نولي اهتمامًا أكبر لهم، أكثر مما كان عليه الحال في الماضي، في بعض الأحيان.

  •  انحرفت بلدان مثل بولندا والمجر عن بعض قيمنا الأوروبية. ماذا تنوي أن تفعل حيال ذلك؟

 أولًا، يُعد التوسع في الاتحاد الأوروبي شرقًا بمثابة قصة نجاح. لقد رأينا الآن في المجر أنه من الممكن للأسف حشد الناخبين في حملة قوية مناهضة لأوروبا. في هذه المرحلة الحاسمة بالنسبة لمستقبل أوروبا، من المهم الحفاظ على جيراننا في أوروبا الشرقية ضمن الاتحاد الأوروبي. لا يُمكننا أن نعطي انطباعًا بأن هناك فئتين في أوروبا يتخلف فيهما البعض عن الركب ولم يعد لهم دورًا. وإلا فإننا سنساعد الأصوات المناهضة لأوروبا في هذه البلدان، ونجعلها أكثر تقبلًا للمحاولات المثيرة للانقسام من الخارج.

  •  هل تريد إبقاء الأوروبيين الشرقيين في الاتحاد الأوروبي حتى لو أداروا ظهورهم للمبادئ الأوروبية؟ كما في حالة رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي يتصور وجود "ديمقراطية غير ليبرالية" لبلاده.

 خلال زيارتي الاستهلالية لبولندا، قلت شيئًا بصراحة تامة: وهو أنني لا أريد أن أكون جزءًا من مناقشة حول دفع مبالغ من ميزانية الاتحاد الأوروبي تعتمد على الأسئلة المتعلقة بسيادة القانون. إن أساس قيم الاتحاد الأوروبي غير قابل للتفاوض.

  • هل يعد ذلك تهديدًا؟

 لا. علينا أن نوضح أن الأمور التي تتعارض بشكل أساسي مع القيم الأوروبية غير مقبولة. نحن بحاجة إلى وضع نهج واضح.

  •  تتبع بولندا والمجر نهجًا واضحًا أيضًا. وقد أشارت المجر بالفعل إلى أنها ستقف في طريق أي محاولة لتوجيه اللوم إلى بولندا.

 لكن هذا لا يمنع الحاجة إلى وجود اتصال وثيق. ولن نتمكن من إجراء مناقشة جادة معهم بشأن التغيير إلا إذا كان لدى الأوروبيين الشرقيين الانطباع بأننا نريد إبقائهم في الاتحاد الأوروبي. يتعين علينا أن نوضح لهم: أننا نريدهم معنا، ونحتاج إليهم. الكثير مما يسير على نحو خاطئ بيننا وبين الأوروبيين الشرقيين يحدث على المستوى العاطفي.

  •  ما هو الأسلوب الذي ستقوم بتوطيده باعتبارك على رأس الدبلوماسية اﻷلمانية؟ فقد تعرض وزير الخارجية السابق زيغمار غابرييل إلى الانتقادات بسبب قيامه شخصيًا بتقديم الشاي إلى وزير الخارجية التركي خلال الجهود المبذولة لتأمين إطلاق سراح الصحفي الألماني التركي دينيز يوسيل من السجن التركي. وهم محقون في ذلك؟

 لا. لا يقتصر جوهر الدبلوماسية على اتخاذ الصور مع أشخاص أمثال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في العالم. أكثر من أي شيء آخر، فهو  ينطوي على الحفاظ على الحوار مع الشركاء صعبي المراس كذلك. سيتعين على وزير الخارجية الألماني دائمًا التعامل مع تلك الدول وأولئك السياسيين الذين نختلف معهم سياسيًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حرب دونالد ترامب المقدسة

هل تصمد الديمقراطية أمام شعبوية ترامب؟