12-سبتمبر-2018

وزيرة الخارجية الكندية كريستينا فريلاند (Getty)

 تشغل كريستينا فريلاند، 50 عامًا، منصب وزيرة الخارجية في حكومة رئيس الوزراء جاستن ترودو منذ كانون الثاني/يناير عام 2017. وهي صحفية سابقة كانت تقدم تقارير مفصلة من أوكرانيا، وعضوة في الحزب الليبرالي الكندي الذي يتزعمه ترودو. وبسبب عملها بصفتها صحفية سابقًا، تواصل روسيا منعها من دخول البلاد. افتتحت الأسبوع الماضي مؤتمر السفراء السنوي في برلين بدعوة من وزير الخارجية الألماني هايكو ماس. وعلى خلفية هذا المؤتمر حاورتها مجلة الشبيغل الألمانية، عبر  ماثيوس جباور وكريستوف شولت، حول عدة قضايا تتعلق بدبلوماسية بلادها، انتقاد الملف الحقوقي الأسود للسعودية، ودعاية ترامب وغوغائيته، إلى جانب عدة ملفات أساسية تتعلق بالموقف الكندي دوليًا. وهنا ننقل حاصل الحوار مترجمًا بالكامل. 


  •  معالي الوزيرة فريلاند، قال نظيرك الألماني هايكو ماس مؤخرًا إنه حتى خلال أول لقاء لكما معًا، كان كل منكما يُكمل حديث الآخر. بدَا هذا وكأنه حبٌ من النظرة الأولى.

سعدتُ بقول هايكو ذلك، لأنها الحقيقة. أعتقد أن الوزير ماس قد برز باعتباره واحدًا من الأصوات الرائدة في العالم التي تنادي بعودة النظام القائم على القواعد، والذي أصبح حاليًا في خطر. كما أنه أكد على أن الديمقراطيات الليبرالية تتعرض للهجوم في جميع أنحاء العالم، وأن علينا توليد زخم في مواجهة ذلك. وأنا أشاطره هذا الرأي كليًا.

اقرأ/ي أيضًا: بإلهام من دونالد ترامب.. خطاب النازيين الجدد يتصاعد في كندا

  • هل الخطر هو ما جمعكما معًا؟

هذه الأخطار هي صميم سياستنا الخارجية في الوقت الحاضر، ويجب أن تكون كذلك بالنسبة لكل حكومة في العالم حاليًا. إنها لحظة حيث يجب علينا جميعًا الوقوف معًا، نشعر أننا مرتبطين بشدة بألمانيا في هذا الصدد. تولى هايكو حقًا الدور القيادي في هذه المناقشة وكان صريحًا للغاية. ربما يستهين الناس في ألمانيا بتأثير السياسة الخارجية الألمانية؛ ويظن كثيرٌ من الناس في كندا نفس الشيء بشأن سياستنا الخارجية. إلا أن الحقيقة هي أن العالم يأخذ ألمانيا على محمل الجد.

  • تعزيز الديمقراطية ليس موضع خلافٍ تمامًا. لكن كيف يمكن تحقيق ذلك الآن، بعد أن غادرت الولايات المتحدة، أكبر القوى الغربية، العصبة؟

أنا لا أتفق مع هذه الفرضية. لا يمكننا، بل لا يجب علينا أن نقول أن الولايات المتحدة لم تعد ديمقراطية ليبرالية. لا تزال واحدة من أكبر الديمقراطيات الليبرالية على مستوى العالم. كندا قريبة للغاية من الولايات المتحدة وستظل هكذا دائمًا. إذ تتجاوز العلاقة بين الولايات المتحدة وكندا أي نزاع حالي مع البيت الأبيض، لأن شعوبنا مرتبطة ارتباطًا وثيقًا وعلى أساسٍ يومي. نعرف أن لديهم ديمقراطية قوية وحيّة.

كريستينا فريلاند: إذا رأينا مشكلة تتعلق بحقوق الإنسان في بلد آخر، فسوف نسمح لأنفسنا بالحديث والإفصاح عنها بحرية

  •  ومع ذلك لا يمكن تجاهل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

من الواضح أن هناك قضايا، وهذا ينطبق على ألمانيا كذلك، يكون لنا وجهة نظر معينة إزاءها ولا تشاركنا الإدارة الحالية في البيت الأبيض نفس الآراء حولها. نختلف مع بعض قرارات دونالد ترامب، وخاصة الانسحاب من اتفاق باريس لمكافحة تغيُّر المناخ. سوف نعمل بشكل وثيق مع شركائنا الأوروبيين الحاليين. لكن في نفس الوقت، نواصل إخبار أصدقائنا الأمريكيين بأن الباب ما زال مفتوحًا من أجل العودة إلى الاتفاق.

  •  تتفاوض حكومتك حاليًا مع واشنطن حول اتفاقية تجارة حرة جديدة، والتي ستكون المكسيك أيضًا طرفًا فيها. إلا أن ترامب وصف صناعة الصلب في كندا بأنها تشكل تهديدًا على الأمن القومي. كيف يمكن إجراء مفاوضات في ضوء هذه الخلفية؟

إن ادعاء ترامب بأن كندا تشكل تهديدًا على الأمن القومي للولايات المتحدة عبثي وسخيف، وذلك بالنظر إلى حقيقة أن كندا هي جزء من المجمّع الدفاعي الصناعي الأمريكي بموجب قانون الولايات المتحدة، ومع ذلك يشجعنا التقدم الذي أحرزته المكسيك في المفاوضات حول اتفاقية تجارة حرة جديدة، ومتفائلون من أن كندا تستطيع الانضمام إلى هذه الصفقة.

اقرأ/ي أيضًا: صحف عالمية: الأزمة مع كندا أظهرت الوجه الحقيقي لابن سلمان!

  • في ضوء انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني والعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على جميع الشركات التي ستواصل القيام بأعمال تجارية مع طهران، اقترحت ألمانيا نظام دفع مالي دولي والذي سيكون مستقل عن الدولار الأمريكي. هل تؤيدين هذه الفكرة؟

 أولًا، تؤيد كندا حقيقة أن الصفقات والاتفاقات الدولية تصبح ذات صلاحية ما إن يتم الاتفاق عليها، بغض النظر عمّا إذا جاءت حكومة جديدة إلى السلطة. نحن أيضًا ورثنا بعض الصفقات ممن سبقونا والتي لم تعجبنا كثيرًا. لكن كلمة كندا أو أي اتفاقية تصدر عنها يجب أن تكون جيدة وموثوقٌ بها.

  •  مع ذلك، أصبحت الصفقة الإيرانية أضعف بكثير بسبب انسحاب الولايات المتحدة. هل يحتاج العالم إلى نظام دفع مالي جديد بمنأى عن الدولار الأمريكي، وبالتالي التحايل على العقوبات التي فرضتها واشنطن؟

أعتقد أن هذا شيء علينا أن نفكر فيه بحذرٍ شديد. بالأحرى، هذه مسألة أكثر أهمية بالنسبة للشركات الأوروبية مما هي عليه بالنسبة للشركات الكندية.

  •  في تغريدة منذ بضعة أسابيع، طالبتِ بإطلاق سراح المُدوَّن السعودي رائف بدوي وشقيقته سمر. هل توقعتِ أن يرد السعوديون على ذلك باستدعاء سفِيرهم من كندا وقطع جميع العلاقات مع بلدكم؟

تُعدّ كندا مؤيدًا قويًا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. نؤمن أن لكل شخص في العالم حقوقًا أساسية وغير قابلة للتصرف. الكنديون، مثل الألمان، محظوظون للغاية بسبب عيشهم في مجتمع منفتح. نشعر بالتزام أخلاقي قوي يدفعنا للتحدث بشأن أولئك الأشخاص الذين تنتهك حقوقهم في أماكن أخرى.

  •  إلى متى يمكنكم تحمل الضغط الدبلوماسي والاقتصادي الذي تمارسه الرياض؟

تؤمن كندا أن المشاركة هي السبيل الأكثر فعالية من أجل خلق علاقات مثمرة مع الدول الأخرى. بالنسبة إلى كندا، ستتضمن هذه المشاركة دائمًا التحدث عن حقوق الإنسان. في بعض المرات، تعرضنا للنقد من قِبل أولئك الذين يقولون إن من غير الملائم التعليق على قضايا حقوق الإنسان في بلدان أخرى، وإننا ينبغي أن نهتم ونقلق فقط بشأن إخفاقاتنا الخاصة. وهذا صحيح. ففي كندا على سبيل المثال، لا يزال إيجاد حلٍ لقضية معاملة السكان الأصليين بعيد المنال. ليست لدينا مشكلة في أن يتم توجيه النقد إلينا بسبب ذلك. وبالمثل، إذا رأينا مشكلة تتعلق بحقوق الإنسان في بلد آخر، فسوف نسمح لأنفسنا بالحديث والإفصاح عنها بحرية.

كريستينا فريلاند:  تعتقد حكومتي أنه ينبغي أن يكون هناك ثمن للتلوث. وتؤمن بالمجتمع المنفتح على التجارة والمهاجرين على حدٍ سواء

  • ما مدى قلقك من حقيقة أن عددًا متزايدًا من الكنديين يدعمون السياسي المحافظ دوغ فورد، والذي يُسمى "ترامب الكندي"؟

 فاز فورد في الانتخابات ليصبح رئيس وزراء مقاطعتي "أونتاريو". خلال الاجتماعين اللذين عقدّتهما معه منذ الانتخابات، كان داعمًا لنهج حكومتنا في مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية مع الولايات المتحدة والمكسيك. ومع ذلك، فأنا ليبرالية وفورد ليس ليبراليًا، لذلك هناك قضايا نختلف بشأنها. إحداها هي قضية تغير المناخ. تعتقد حكومتي أنه ينبغي أن يكون هناك ثمن للتلوث. هناك نقطة أخرى، هي إيماني الراسخ بالمجتمع المنفتح، ومنفتح هنا تعني انفتاح على التجارة والمهاجرين على حدٍ سواء. التنوع قوة. وواحدة من أكثر الأمور المقلقة التي نشهدها في الوقت الحالي هي القول بأن المجتمعات التي تتسم بالتنوع مستحيلة الحدوث، وأن الناس لا يستطيعون العيش والتأقلم إلا في وسط جماعاتهم العرقية والإثنية.

  •  كانت الشائعات في كندا تحوم حول أن باستطاعتك يومًا ما أن تكوني خلفًا لرئيس الوزراء جاستين ترودو.

 حسنًا، أنا أكبر منه في العمر، كما أنه شخصٌ رائع.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تشويشًا على النقد.. السعودية تستدعي إرهابها وتهدد كندا بشبح "غزوة مانهاتن"

السعودية تطرد سفير كندا.. طيش ابن سلمان يصل أمريكا الشمالية