26-سبتمبر-2022
تعتبر رئيسة الوزراء الإيطالية القادمة الوريثة لتراث الفاشية الجديدة (Getty)

تعتبر رئيسة الوزراء الإيطالية القادمة الوريثة لتراث الفاشية الجديدة (Getty)

أعلنت جورجيا ميلوني أنها ستشكل الحكومة الإيطالية القادمة بعد أن أظهرت النتائج الأولية تقدم حزبها "إخوة إيطاليا"، والذي ينتمي إلى اليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية التي جرت أمس الأحد، وذلك بحصول حزبها على 23,7%. فيما حل ثانيًا الحزب الديمقراطي الحاكم بحصوله على 20,1%، حيث اعترف الأخير بهزيمته، مؤكدًا أنه سيقود أكبر كتلة معارضة في البرلمان. وحلت الكتلة الشعبية ثالثًا بحصولها على 16,1%. أما حلفاء ميلوني فحلوا في المرتبة الرابعة والخامسة، فتحصلت رابطة الشمال بقيادة وزير الداخلية السابق الشعبوي ماثيو سالفيني على 9,8%، وحزب "فورزا إيطاليا" بقيادة رئيس الوزراء السابق سيلفيو بيرلسكوني على 7,9%، وهو ما يضمن تفوقًا لتحالف اليمين.

أعلنت جورجيا ميلوني أنها ستشكل الحكومة الإيطالية القادمة بعد أن أظهرت النتائج الأولية تقدم حزبها "إخوة إيطاليا"، والذي ينتمي إلى اليمين المتطرف

وفي أول تصريحٍ لها بعد ظهور النتائج، قالت ميلوني "الآن هو وقت تحمل المسؤولية، لدينا الكثير لنفعله من أجل ملايين الشعب، لن نخون إيطاليا وهذا ما لم نفعله قط، سوف سنركز على ما يوحد الشعب، بدلًا مما يفرقهم". ولم يكن صعود حزب "إخوة إيطاليا" مفاجئًا، ففي غضون السنوات الخمس الأخيرة، ضاعف الحزب المتطرف من شعبيته بعد انحسار شعبية الأحزاب السياسية التقليدية.

ويتبنى الحزب سياسات وآراء توصف بانتمائها للفاشية الجديدة، ويعتبر الوريث الشرعي للحركة الاجتماعية الإيطالية التي شكلها أعضاء في "الحزب الوطني الفاشي"، الذي أسسه بينيتو موسوليني بعد الحرب العالمية الثانية. وينظر مناصرو اليمين المتطرف إلى جورجيا ميلوني التي ترأس الحزب منذ ثمانية سنوات، والتي  من المرجح أن تصبح أول امرأة في تاريخ إيطاليا تتولى رئاسة الوزراء، على أنها السياسية القادرة على تغيير الوضع السياسي في إيطاليا.

تُعرف ميلوني عن نفسها بالقول "أنا امرأة، أنا أم، أنا إيطالية، أنا مسيحية ولن تأخذوا ذلك مني"، وهو ما تكرره دومًا. وتنفي عن نفسها الارتباط بأفكار الزعيم الفاشي موسوليني، مشيرة إلى أن حزبها طوى صفحة النزعة الفاشية الجديدة التي كانت متجذّرة في عقيدته. وتؤكد ميلوني أنها وحزبها ينتميان إلى التيار الغربي المحافظ، وهو المرادف الإيطالي للحزب الجمهوري الأمريكي، لكنها في نفس الوقت تحرص دائمًا على عدم إدانة فترة حكمه.

ولدت ميلوني في حي غارباتيلا الشعبي جنوب العاصمة الإيطالية روما عام 1977، وانضمت وهي في عمر 15 عامًا فقط إلى فرع الشباب في "الحركة الاجتماعية الإيطالية" الفاشية، ثم تدرجت في عدد من المواقع داخل الحركة إلى أن تم انتخابها في مجلس مقاطعة روما. في العام 2006 أصبحت ميلوني أصغر نائب لرئيس مجلس النواب الإيطالي عن عمر 29 عامًا، وبعد عامين تولت منصب وزيرة الشباب والرياضة في حكومة سيلفيو بيرلسكوني.

وبعد اندماج حزب بيرلسكوني مع مجموعة يمين الوسط "فورزا إيطاليا"، تم إنشاء تحالف جديد باسم "شعب الحرية"، وأصبحت ميلوني رئيسة قسم الشباب. وفي نهاية عام 2012، انقسم التحالف وأعلنت المجموعة المنشقة تأسيس حزب "أخوة إيطاليا"، وعبرت ميلوني عن نيتها رئاسة الحزب، وهو ما حصل في آذار/مارس 2014. ومنذ دخولها معترك السياسة، تتبنى ميلوني مواقف مثيرة للجدل، مثل ما حدث في عام 1996 حين أشادت بالزعيم الفاشي الإيطالي بينيتو موسوليني ووصفته بأنه "سياسي جيد، والأفضل في الأعوام الـ50 الماضية".

كما تتبنى ميلوني مجموعة من المفاهيم والبرامج المتطرفة، فقد طالبت بفرض حصار بحري وإغلاق الموانئ لمنع المهاجرين من الوصول إلى إيطاليا. وعُرفت عنها مواقف معادية لمجتمعات الميم، حيث رفضت الاعتراف بالشراكة المدنية للمثليين، وشنت هجومًا ناريًا على مجتمعات الميم خلال مشاركتها في مهرجان لحزب "فوكس" اليميني المتطرف الإسباني، قائلة "نعم للعائلة الطبيعية، لا لتجمعات LGBT، نعم للهوية الجنسية، لا للأيديولوجية الجندرية، نعم لثقافة الحياة، لا لثقافة الموت". كما دعت لتكريس القيم المحافظة في المجتمع الإيطالي رافعة شعار "الله، الوطن، العائلة"، لكنها في نفس الوقت تعهدت بحماية الوصول إلى الإجهاض في إيطاليا، وهو عكس مواقفها السابقة. 

وتقدم زعيمة حزب "إخوة إيطاليا" خطابًا معاديًا للاتحاد الأوروبي خاصة ألمانيا وفرنسا، وهو ما يثير القلق لدى بروكسل في وقت يعاني منه الاتحاد من أزمة طاقة حادة. فقد اتهمت الاتحاد الأوروبي بعدم "وضع استراتيجية مشتركة" في مجال الطاقة، ما أدى حسبها إلى ارتفاع الأسعار، كما تميل لطرح مسألة انفصال عن أوروبا، وتعهدت بتشكيل أغلبية في البرلمان الأوروبي مع الحركات الأوروبية الأخرى المعارضة لمنطقة اليورو، لدعم مقترح يجبر المفوضية الأوروبية على حل منطقة اليورو بطريقة منظمة، ومتفق عليها. وكان حزب ميلوني قد طالب بإزالة جميع الإشارات إلى الاتحاد الأوروبي في الدستور الإيطالي، "لفرض سيادة القانون الوطني على القانون الأوروبي".

لكن ميلوني خففت في الفترة الأخيرة من خطابها المتشدد، وأظهرت دعمًا قويًا لأوكرانيا والتحالف الغربي منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، ما خلق تناقضًا مع مواقف حلفائها سالفيني وبيرلسكوني ممن تربطهم علاقات شخصية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

تتبنى ميلوني مجموعة من المفاهيم والبرامج المتطرفة، فقد طالبت بفرض حصار بحري وإغلاق الموانئ لمنع المهاجرين من الوصول إلى إيطاليا

كما تمتلك ميلوني علاقات جيدة في أوساط أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، فهي مقربة من رئيس الوزراء المجري القومي فيكتور أوربان، وكذلك مع حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف الفرنسي بزعامة مارين لوبان، وحزب "فوكس" اليميني المتطرف الإسباني بزعامة سانتياغو أباسكال. كما ترتبط ميلوني أيضًا بعلاقات مع اليمين المتطرف في الولايات المتحدة، وقد حضرت مؤتمرًا للعمل السياسي المحافظ لعام 2022، ووجبة إفطار الصلاة الوطنية إلى جانب الرئيس السابق دونالد ترامب.