01-يناير-2021

وديع سعادة وديوانه "بسبب غيمة على الأرجح"

ألترا صوت - فريق التحرير

هذه القصيدة للشاعر وديع سعادة من ديوان بعنوان "بسبب غيمة على الأرجح"، وقد صدر عن دار الجديد عام 1992. الكتاب الذي يقوم على قصائد متفاوتة الحجم، بعضها مكوّن من فقرات قليلة، وبعضها يمتد على صفحة وأكثر، هو في خلفيته نص طويل مقسّم إلى مشاهد، كل مشهد منه قصيدة. والكتاب ككل يروي رحلة البشر نحو الموت بشكل لم تُروَ به هذه الرحلة من قبل.

عن الموت في شعر وديع سعادة، يكتب الناقد محمد العباس في كتابه "كتابة الغياب": "حين تعرض الكائن وديع لحدث مركزي في حياته هو الفقد في أقصى تمثلات الغياب، أو هو الموت بمعنى أكثر إيلامًا، بما هو تجربة عمودية داخل الذات، اضطر لعبور تجربة انهدام المعنى، وأفول المتعالي، واندفع - رغمًا عنه - إلى الحافة، حيث يعيش ويكتب من هناك وفق تلازم بنيوي، أو سمو اضطراري. من أقصى نقطة في ذاته يكتبها أو يكاتبها. عندها لم يتوجب عليه الانعطاف بمجمل خبراته الحياتية وحسب، بل تغيير مواضعات تجربته الجمالية، ومعاشرة زمرة من العدميين".

 

كانوا عراةً

ولهم أولادٌ

يدغدغونَ شَعرَهُم في المساء

وينامون

كانوا عراةً وبسطاءَ

يعرَقونَ طوالَ النهارِ مُبْتَسِمينَ

وفي عودتهم يقفون أمام الواجهات

يقيسونَ بأنظارهم ثيابًا لأولادهم

ويمشون.

 

كانوا يتقدَّمون خطوتيْنِ ويلمِسونَ

قبلَ نسمةِ الفجرِ جذوعَ الشجر

وتحتَ نظراتهم تُثْمِرُ غصونٌ

في ثلجِ كانونَ الثاني

وكانت مناجلُهم تحنُّ إلى الحقول

والهواءُ بينَ القُرى مُتأهِّبًا دائمًا لندائهم

حينَ فجاةً تحوَّلَ قمحُهُم إلى ضلوعٍ

وصارَ النسيمُ عُشبًا ينمو على أجسادهم.

 

كانوا عراةً

وكانتِ الشمسُ كُلَّ مساء

ترُدُّ غِطاءَها الحريريَّ الخفيف

على أرواحهم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

محمد الماغوط: إلى بدر شاكر السياب

سركون بولص: ما يُحتمل أن يكون