22-أغسطس-2018

رحل حنا مينه عن عمر يناهز 94 عامًا (EPA)

غيّب الموت، أمس الثلاثاء، الروائي السوري حنا مينه (1924 – 2018) أحد أهم روائيي الواقعية الاشتراكية في سوريا والعالم العربي، بعد أن ترك خلفه ما يزيد على 40 رواية، ومجموعة قصصية، وساهم بتشكيل ملامح الرواية السورية على مدى نصف قرن من الزمن، نال فيها جوائز أدبية عديدة، كان بينها جائزة المجلس الثقافي لجنوب ايطاليا عن رواية "الشراع والعاصفة" كأفضل رواية ترجمت للإيطالية عام 1993.

غيّب الموت، أمس الثلاثاء، الروائي السوري حنا مينه أحد أهم روائيي الواقعية الاشتراكية في سوريا والعالم العربي

كان "نصيرًا للاشتراكية"

تأثرت أعمال مينه الروائية بمشاهداته التي حفظها بذاكرته خلال فترة الانتداب الفرنسي على سوريا (1923 – 1943)، فقد كان في مجمل أعماله الروائية مدافعًا عن حقوق المرأة، الطبقة العاملة، مؤرخًا بسرده لمدينة اللاذقية بأزقتها الضيقة أيام الانتداب الفرنسي الذي نجده حاضرًا إلى جانب البحر مصدر إلهامه، كما يقول في واحد من حواراته.

اقرأ/ي أيضًا: تعرف على 5 من أبرز الروايات السورية

إلى جانب ذلك، لم يخرج مينه عن الواقعية الاشتراكية في أي من أعماله التي كتبها، فهو كان واحدًا من الروائيين الشيوعيين البارزين عربيًا، وعُرف عنه ذلك إلى يوم وفاته؛ ويمكن تلخيص تعريف حنا مينه الروائي فيما قاله عنه الناقد فيصل دراج: "نصيرًا للاشتراكية، مقتنعًا بمقولاتها داخل الأدب وخارجه، بدءًا بـ "الجماهير"، التي لا يكون الأديب فاعلًا إلاّ إذا انتسب إليها، وصولًا إلى "الأدب الـملتزم"، الذي يُكتب من وجهة نظر الثورة الاجتماعية، لا من وجهة نظر الأديب النخبوي".

وكان من أبرز الأعمال التي كتبها مينه "الياطر" التي كانت قائمة على تجاذبات الأحلام بين الغابة والمدينة، ورواية "المستنقع" التي تغوص في الريف، الفقر، السياسة الفاسدة، والتي كانت في باقي أعماله مثل "نهاية رجل شجاع"، "المصابيح الزرق" اللذين تحولا لأعمال درامية، والأخيرة كانت أول رواية قدم فيها نفسه للقارئ عام 1954، أما أخر رواية فكانت "عاهرة ونصف مجنون" التي صدرت عام 2008.

وتزامن حينها نشر الرواية مع  نشر مينه لوصيته، التي قال فيها معرفًا نفسه: "...كنت بسيطًا في حياتي، وأرغب أن أكون بسيطًا في مماتي، وليس لي أهلٌ، لأن أهلي، جميعًا، لم يعرفوا من أنا في حياتي، وهذا أفضل، لذلك ليس من الإنصاف في شيء، أن يتحسروا علي عندما يعرفونني، بعد مغادرة هذه الفانية".

"شيخ الرواية السورية.. وداعًا"

وعبر صفحاتهم الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، نعى مثقفون سوريون الروائي حنا مينه، دون أن يسهوا عن الإشارة لما قدمه للرواية العربية من أعمال مهمة أسست لمرحلة جديدة من الرواية العربية بنوعيتها المستنسخة للواقعية الاشتراكية في روسيا.

الفنان سميح شقير في منشور طويل نعى مينه، قبل أن يسرد طريقة لقائهما، قائلًا: "رحل اليوم أحد اعلام الأدب العربي، الروائي السوري الكبير حنا مينا، تاركًا لنا مجموعة من الأعمال الأدبية التي وعَينا عليها وشكلت جزءًا من ذاكرتنا و قربتنا من عالم الرواية الجميل".

واستعادت الشاعرة سعاد جروس إجابًة لمينه فيما يبدو لسؤال عن دمشق يقول فيه: "بودي أن أكتب قصة أهديها إلى أول سيئة في دمشق، لأنها في سوئها صنعت تقدمًا اجتماعيًا لم يقو عليه الرجل بشرفه المزيف. إن أول امرأة دخلت المقهى أو المطعم، وأول امرأة رقصت، وغنت، وسافرت، وعادت، وكسرت طوق القهر الاجتماعي، تمامًا كالمرأة التي تعلمت وعلمت، مباركة المرأة في كل حالاتها"، وختمته بالقول: "شيخ الرواية السورية.. وداعًا".

وكتب الروائي فواز حداد: "حنا مينه، إنسان رائع، كان تأثيره كبيرًا وبالغًا في الروائيين العرب، دونما استثناء. كان معلمًا. مهما قيل فيه، ومهما كانت الاتهامات، تبقى خارج عوالم الرواية، الذي كان أمينًا لها. موته خسارة، مجرد وجوده يعني الكثير من القيم. وبالوسع القول: هذا رجل عظيم قدم أفضل ما عنده. كان أريحيًا لم يبخل بشيء. لقد فقدناه؛ سورية والعرب والرواية".

كذلك كتب الشاعر نادر القاسم  في تدوينة: "رغم كل ماقيل ويقال عن حنا مينا فلا أحد يستطيع تجاوز هذا الرقم في الأدب السوري. حنا مينا؛ الثلج يأتي من النافذة. حنا مينا؛ نهاية رجل شجاع".

لم يخرج حنا مينة عن الواقعية الاشتراكية في أي من أعماله التي كتبها، فهو كان واحدًا من الروائيين الشيوعيين البارزين عربيًا

وعلّق الباحث وائل سواح على رحيل مينه بالقول: "لم أحب لحنا مينة سوى الشراع والعاصفة، ولكنّ لرحيله صدىً محزنا، فقد كان علامة فارقة في الأدب والثقافة. حنا مينة، وداعًا".

 

اقرأ/ي أيضًا:

تعرف على 5 من كلاسيكيات الرواية العربية

5 روايات سورية من إصدارات 2017