13-أكتوبر-2017

ديفيد مايكل هينيبوش/ أمريكا

"بعد كل جحيم ينتظرك جحيم أضيق، لذلك فغرفة القسم الداخلي والخيمة في المخيم تتقاذفانك مثل لاعبتي تنس ذوات صدرين كبيرين وتسريحتي شعر ذيل الحصان"، أقول ذلك وأنا أنظر لك في المرآة، متجاهلًا تنظيف أسناني هذا الصباح كيلا يجلس أحد الطلاب التافهين بالقرب مني ثم أتراجع عن حضور محاضرات اليوم وأستلقي على الفراش.

أيا أنا في غرفتنا -مترين × مترين ونص- التي تنتظر وداعنا بفارغ الصبر وملء الضيق، كنت تشير بأنفك إلى الحائط وتردد بلهجة لا تعبر عن التساؤل، أترى هذه الصور ملأ الجدار! هذه التي لا أراها انا، سوداء رغم أن الكاميرا لم تخطئ في التقاطها، أو لم تسئ الذاكرة تحميضها، رغم أنها لم تؤخذ في ظلام أو ما شابه غير أنها كذلك، شطبت منها ظل السرير فقط وتبخرت الجثة، بقيت بعض الأمارات التي أحببت أن تكون.

حمالة الصدر هذه تعود لـ"سافين الشقراء" التي أخذت كل ما في صدري، شفة عبير السفلى التي احتفظت بها لأعضها حين الندم، حلمتا نهدي روز البارزتان تحت القميص قطفتهما في آخر قنص لي، وعلقتهما بدبوسين على تفاحتين اصطناعيتين تذكر أنني بشيء كثير من ألوهية شذا التي كانت تتصف بالقحبة بين العامة فقط، كي أريني أنني بوضعية أصح عكس العالم، سرة ميساء التي طرزتها في بطن المنبه الذي وضعت له أغنية "يلا تنام" رنة لأن كل شيء آخر يفشل في إيقاظي، ولكي أبدأ صباحي ضاحكًا علي أغلب الظن، ساقا رويدا القصيبتان جعلتا مني ذبابًا يزعج نفسه كثيرًا ويتزحلق على أغنيته العشوائية، فخذا ميريام اللتين وضعت رأسي عليهما دون أن أولي نفسي أهمية الأمير وأحتفظ بشيء من قطن الراحة، مؤخرة كيم كاردشيان التي قصصتها من مجلة مهملة على مكتب رئيس القسم الذي يفرض الحجاب على الطالبات، وبالقرب الشعر الطويل لسكرتيرته التي توقظني قبل المنبه بساعات كلما علقت قائمة جديدة بأسماء الغياب، نسخة زائفة من لوحة "أصل العالم" لغوستاف كوربيه مطبوعة على "ورق A4" ألصقتها من أعلاها تحت المفتاح الكهربائي وتركتها حرة من أسفلها حتى تهزها الرياح كلما دخلت من النافذة، رقبة سارة التي أجبرتني أن أميل للزرافات على حساب الفراشات، فقط لأن رقبتي بدت تقصر شيئًا فشيئًا خوفًا من السكاكين الكثيرة في هذه المدينة، عينان ضيقتان جدًا أضيق مما لدي لأنني أخاف من الواسعة منها أن تبتلع هذا النظر الضئيل، ولأن الأصابع ضرورية جدًا لتحسس جسد العتمة احتفظت بثلاث أياد كاملة منها ولم أدس أحدها في منخري للآن، هذا الصوت الذي علقته أعلى الأشياء كلها وأسفل القصيدة يعود للمياء التي لم تكن تتأوه أو تغني إلا حينما تشاركني التكور على الأريكة، أما عن هذا الشيء الذي لا يُرى فهو قلبي الذي يتنقل بين كل هذه الأشياء ليلمّهُ، إلا انه يفقد أكثر حتى بات إطارًا يحتضن صورًا جمة لمجازر ارتكتبتها أنا؛ أنا العصفور المنكسر، الذي تسرطنت خلاياه بوحوش الرغبة نحو جسد ممتلئ، الرغبة التي لا تُكبت حين يفشل هذا الجدار أن يكون عاهرة تصلح لقضاء هذه الليلة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

قدح أخير قبل النوم

نار للنداء!