07-نوفمبر-2017

وثائق بارادايس تسريبات جديدة عن المتورطين في الملاذات الضريبية (ICIJ)

بعد نشر "وثائق بنما" يعود الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية بتسريبات جديدة، ضمن أضخم تسريبات عالمية عن الملاذات الضريبية. جاءت تحقيقات هذه المرة تحت اسم "وثائق برادايس" (paradise papers - أوراق الجنة)، لتزيل الغطاء عن شخصيات بارزة في عالم السياسة والمال، تورطت في نقل الأموال المشبوهة عبر شركة المحاماة "Appleby"، لما تعرف بالملاذات الضريبية حول العالم.

فصل جديد من التحقيقات عن الملاذات الضريبية، كشفت عنه "وثائق برادايس" التي عمل عليها حوالي 400 صحفي من حول العالم

ما هي "وثائق برادايس"؟

"وثائق برادايس" أو "أوراق الجنة" بالترجمة الحرفية، هو اسم التحقيقات الجديدة التي أنجزها الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية (ICIJ)، متعاونًا مع نحو 95 مؤسسة إعلامية من حول العالم، بينها مؤسسات مرموقة كصحيفة لوموند الفرنسية ونيويورك تايمز الأمريكية والغارديان البريطانية، وبينها صحف ومواقع صحفية عربية.

اقرأ/ي أيضًا: دافني كاروانا الضحية.. والتهديدات متعددة لصحفيي وثائق بنما 

بدأ نشر موضوعات التحقيق، ليلة الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بعد عام من العمل على الوثائق من قبل حوالي 400 صحفي استقصائي من 67 دولةً حول العالم، ليكشفوا أخيرًا عن طغمة من السياسيين ورجال الأعمال المتورطين في التعامل مع شركات "الأوف شور"، وهي شركات وهمية لا تقدم أي خدمة أو منتج فعليا عدا أنها تتكفل بتحويل الأموال التي تصلها من مكان إلى آخر دون الإفصاح عن مصدرها، وعادة ما تتواجد بمناطق توفر ملاذات ضريبية لأصحاب الأموال المشبوهة، الذين يلجؤون إليها من أجل التهرب من الرقابة والضرائب من خلال إخفاء أصول أموالهم الحقيقية.

وكانت صحيفة "زود دويتشه تسايتونج" الألمانية، قد تسلمت تسريبات من مصدر مجهول، بحجم 13.5 مليون وثيقة (1.4 تيرابايتس)، تتضمن اتفاقيات قروض وبيانات مالية ورسائل بريد إلكتروني، وغيرها من الوثائق، تُغطي الخمسين سنة الأخيرة. وبناءً على هذه المادة الخام الغزيرة، استعانت الصحيفة بالاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية لإعداد تحقيقات "برادايس" ومن قبلها "وثائق بنما".

وتكشف تحقيقات "وثائق برادايس" عن ملفات معلوماتية مفصلة حول أبرز المتعاملين مع شركات الأوفشور، بينهم سياسيون ورياضيون وأثرياء معروفين، فضلًا عن شركات كبرى متعددة الجنسيات مثل آبل وفايسبوك ونايك وماكدونالز وياهو.

وبخلاف تحقيقات وثائق بنما، التي يحيل إلى وساطة شركة موساك فونيسكا المتواجدة ببنما، في عمليات تهريب الأموال، فإن الجزء الأكبر من الأموال المهربة في وثائق برادايس، تمت عبر شركة "آبلبي"، ويقع مقرها الرئيسي في برمودا بالأرجنتين، لكن لديها أيضًا فروع أخرى في بقاع مختلفة من العالم، كالباهاماس وسانت ليسي والدومنيكيان وجريناد والجزر العذراء وهونغ كونغ ومناطق أخرى توفر ملاذات ضريبية.

سياسيون متورطون في "وثائق برادايس"

تكشف وثائق برادايس ومن قبلها وثائق بنما، مدى تسرب الفساد عميقًا في النظام المالي العالمي، وكيف تعمل شركات الأوف شور على توفير ملاذات سرية للمتهربين، فقدت كشفت هذه الوثائق عمّا يزيد عن 350 مليار دولار من الأموال مهربة. وعرّت شخصيات سياسية مرموقة، تورطت في تهريب أموالها، على رأسها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحتى رئيس وزراء كندا جاستن بيبر، وآخرين بما يصل لحوالي 120 شخصية سياسية حول العالم.

ويذكر الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية، في إطار استعراضه لنتائج التحقيق الاستقصائي، أن 31 ألف شخص أمريكي تعامل مع شركة "آبلبي" التي قُرصنَت منها الوثائق الأخيرة، من بين هؤلاء 13 شخصًا من المقربين من ترامب، أحدهم سكرتير الأعمال الخاص به ويلبر روس الذي يملك حصة في شركة شحن حصلت على أكثر من 68 مليون دولار من الإيرادات منذ عام 2014، من شركة طاقة روسية مملوكة من قبل صهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، علاوة على 12 مستشار لترامب، وردت أسماؤهم في التسريبات.

وفقًا لوثائق برادايس، فإن 120 شخصية سياسية حول العالم متورطة في الملاذات الضريبية، بينهم ترامب وبوتين وملكة بريطانيا

لم تنجُ ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية من التورط فيما كشفت عنه وثائق برادايس، فقد استثمرت إليزابيث الثانية ملايين الدولارات في شركات أوف شور للقروض الطبية والاستهلاكية. وقد أقر بذلك كبير المسؤولين الماليين لاستثمارات ملكة بريطانيا، كريس أودك.

اقرأ/ي أيضًا: "وثائق بنما"..تسريبٌ بريء أم ماذا؟

رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، أشارت التحقيقات إلى أحد المقربين منه، وهو مستشاره ستيفن برونفمان، الذي ساعده كثيرًا في الفوز بالانتخابات التشريعية لعام 2015. وفقًا للوثائق السرية التي عملت عليها صحيفة "لوموند"، فإن ستيفن بروفمان وشركته كلاريدج، استثمر في هيكل مالي غامض بجزر كايمان، وهو ائتمان قدره 60 مليون دولار، المبلغ الذي يمكن الاستخلاص منه ضرائب وفيرة لفائدة الخزينة الاتحادية الكندية.

ماذا عن العالم العربي؟

لم يكن رجال السياسة في العالم العربي كالعادة، غائبين عن فضائح وثائق برادايس. مثلًا، رامي مخلوف ابن عم الرئيس السوري بشار الأسد، كان واحدًا من السياسيين العرب الذين لجؤوا إلى الملاذات الضريبية لتهريب الأموال، حيث ساهم في إنشاء أربع شركات لبنانية بين عامي 2001 و2003، قبل انسحاب القوات السورية رسميًا من لبنان في عام 2005 بعد 29 عامًا من الاحتلال العسكري. وُصفت ثلاث شركات منها بأنها شركات قابضة للاستثمار، سجلت باسمه وتعاملت مع "آبلبي".

كما تورد أيضا صفحة الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية، الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز، نائب وزير الدفاع السابق للمملكة العربية السعودية، الذي سجل ما لا يقل عن ثماني شركات بين عامي 1989 و2014 في برمودا، وبعضها كان يستخدم لامتلاك اليخوت والطائرات.

كذلك غسان شوكت، العضو سابق في البرلمان العراقي، و مؤسس جبهة الإنقاذ الوطني السياسية السنية، طالته وثائق برادايس،، فوفقًا لرسائل البريد الإلكتروني السرية لعام 2008، طلب المحامي الذي يمثل غسان شوكت وابنه علي، من "آبلبي"، أن تحتفظ بحوالي 140 مليون دولار من عائدات بيع أسهم غسان شوكت في مشروع مشترك مع شركة اتصالات كويتية. ورفضت شركة المحاماة هذا الطلب في البداية، ولكنها قبلته في وقت لاحق من عام 2008.

جرى الكشف عن أسماء شخصيات عربية سياسية أو ذات صلة بعالم السياسة، متورطة هي الأخرى فيما كشفت عنه وثائق برادايس

ومن بين الشخصيات العربية أيضًا، عبد الحكيم نجل الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، المتورط مع الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في إنشاء شركات في مناطق الملاذات الضريبية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

من أمريكا للشرق الأوسط.. أثرياء يديرون دفة السياسة؟

ديمقراطية تباع وتشترى.. المال الأسود وصناعة الوهم الأمريكي