09-سبتمبر-2020

تظاهرة بالقرب من السفارة الأمريكية في بيروت يوم 10 تموز/يوليو 2020 (جوزيف عيد/أ.ف.ب/Getty)

ألترا صوت – فريق التحرير 

نفذت الولايات المتحدة الأمريكية تهديداتها المرتبطة بفرض عقوبات مشددة على شخصيات سياسية مقربة من حزب الله اللبناني. إذ أعلنت واشنطن في نهار الثلاثاء 8 أيلول/سبتمبر 2020  إضافة وزيرين لبنانيين سابقين إلى قائمة الشخصيات اللبنانية التي استهدفتها واشنطن سابقًا بالعقوبات. متهمة الوزيرين بـ"الفساد"، وتقديم تسهيلات لحزب الله للحصول على صفقات وعقود مالية مشبوهة عندما كانا في منصبيهما ضمن تشكيلات الحكومات اللبنانية السابقة.

تشير بعض التقديرات إلى أن العقوبات الأمريكية الأخيرة قد تكون رسالة تحذيرية لرئيس مجلس النواب نبيه بري بسبب الخلاف على ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل

بهذا الشأن صرحت وزارة الخزانة الأمريكية المسؤولة عن فرض العقوبات الاقتصادية على الشخصيات والدول التي تصنفها واشنطن على أنها تضر بمصالحها في الخارج،  بإدراج  وزير الأشغال العامة والنقل السابق والقيادي في تيار المردة يوسف فنيانوس، إلى جانب وزير المالية السابق والقيادي البارز في حركة أمل علي حسن خليل، ضمن القائمة السوداء بدعوى ضلوعهما بالفساد واستغلال سلطتهما السياسية لتحقيق مكاسب مالية.

اقرأ/ي أيضًا: ملف تسمم أليكسي نافالني يهدد إمدادات الغاز الروسية إلى أوروبا

وأضافت الخزانة الأمريكية في بيانها مشيرة إلى أن فنيانوس ساعد حزب الله في الاطلاع على وثائق قانونية حساسة لها صلة بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان. في الوقت الذي ساهم خليل، الذي شغل منصبه كوزير للمالية حتى مطلع العام الجاري، بـ"نقل أموال بطريقة تتفادى العقوبات الأمريكية" المفروضة على حزب الله، وذلك من خلال "العلاقة الخاصة" التي تربطه مع الحزب.

كما صرح  مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر  بضلوع الوزيرين السابقين "في إسداء خدمات سياسية واقتصادية إلى حزب الله واشتراكهما في فساد جعل عمل حزب الله في لبنان ممكنًا". مشددًا على أن العقوبات الحالية "يجب أن تكون رسالة ليس فحسب لمن يتعاون مع حزب الله ومن يمكنونه ولكن أيضًا لزعماء لبنان السياسيين".

علي حسن خليل (أنور عمرو/أ.ف.ب/Getty)

فيما رفض الدبلوماسي الأمريكي الذي تحدث للصحفيين عبر الهاتف الإجابة على سؤال مرتبط بإن كان هناك توجه لدى الإدارة الأمريكية لإدراج صهر الرئيس اللبناني والوزير السابق جبران باسيل أو حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على قائمة العقوبات الأمريكية المتوقع أن تتوسع دائرتها مستقبلًا.

أما وفقًا لبيان الخزانة الأمريكية فإن واشنطن تتهم فنيانوس بالحصول على "مئات الآلاف من الدولارات" من حزب الله مقابل تقديمه خدمات سياسية. مشيرةً إلى أنه كان واحدًا من المسؤولين الذين استخدمهم حزب الله للحصول على أموال من الميزانيات الحكومية عبر ضمان فوز الشركات التي يملكها حزب الله بعقود حكومية. بينما قام خليل باستغلال منصبه الوزاري لتخفيف العقوبات المفروضة على حزب الله، فضلًا عن مطالبته بعمولة شخصية يتم دفعها له مباشرة من العقود الحكومية.

يوسف فنيانوس (أنور عمرو/أ.ف.ب/Getty)

ومن المتوقع أن تجمد هذه الخطوة أي أرصدة مصرفية يمكن أن تكون للوزيرين المدرجين على القائمة السوداء في الولايات المتحدة، وتحظر على الأمريكيين سواء في الولايات المتحدة أو خارجها التعامل معهما بأي شكل من الأشكال. كما  حذرت الخزانة الأمريكية في بيانها من أن الأفراد والجهات التي تشارك في تعاملات معينة مع المسؤولين السابقين تخاطر أيضًا بالوقوع تحت طائلة العقوبات.

لم تشمل العقوبات الأمريكية شخصيات من التيار الوطني الحر، وهو أحد أبرز حلفاء حزب الله، لكن لديه موقف مغاير في مسألة ترسيم الحدود البحرية

في ذات السياق رأى الباحث في المركز العربي في واشنطن جو ماكرون في معرض تعليقه على العقوبات الأمريكية الأخيرة التي استهدفت الدبلوماسييّن السابقين أنها تبعث برسالة تؤكد على أن "حلفاء الولايات المتحدة في لبنان هم أيضًا رواد في الفساد، واستبعادهم من العقوبات يعزز انحياز السياسة الأمريكية في لبنان"، لافتًا إلى أن العقوبات قد تكون في الوقت عينه رسالة تحذيرية لرئيس مجلس النواب نبيه بري بسبب الخلاف على ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل.

اقرأ/ي أيضًا: القضاء البريطاني يستأنف النظر في إجراءات تسليم جوليان أسانج للسلطات الأمريكية

ومضى ماكرون في حديثه لموقع ميدل إيست إي البريطاني موضحًا أن العقوبات تحمل في مضمونها رسالتين، الأولى لبري بسبب "عدم مرونته في النزاع الحدودي مع إسرائيل". أما الثانية فإنها تدخل في إطار "محاولة الضغط على حلفاء حزب الله للتخلي عن عملية تشكيل الحكومة". مضيفًا أن العقوبات لم تشمل مسؤولين من التيار الوطني الحر الذي أسسه الرئيس اللبناني ميشال عون، وهو أحد أبرز حلفاء حزب الله في الحكم، معتبرًا أن التيار كان "أكثر تعاونًا مع الضغط الدولي".

وكانت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية قد نقلت على لسان مسؤولين في الإدارة الأمريكية الشهر الماضي، قولهم إن إدارة ترامب تستعد لفرض المزيد من العقوبات على شخصيات سياسية لبنانية، وسط ترجيحات بأن يكون اسم باسيل إلى جانب شخصيات مقربة من رئيس الوزراء السابق سعد الحريري ضمن لائحة الأسماء الجديد، وأرجعت الصحيفة الأمريكية الأسباب حينها لارتباط الشخصيات المستهدفة بقضايا فساد، إضافة لمحاولة تقويض نفوذ حزب الله في البلاد.

ووفقًا لإحصائية أعدها موقع ميدل إيست آي فإن الإدارة الأمريكية أدرجت ما لا يقل عن 779 شخصًا وكيانًا على لائحة العقوبات في لبنان، وفيما تركز القائمة بشكل أساسي على الأسماء التي تربطها صلات بحزب الله، فإنها شملت مجموعة واسعة من الأهداف، من بينها شركات أدوية، وجمعيات دينية، ومجموعة من البنوك والتجار. 

هذا في الوقت الذي يشهد فيه لبنان احتجاجات شبه يومية منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر 2020، يتخللها في بعض الأيام مواجهات عنيفة بين المحتجين وقوات الأمن، نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية، وتنامي الفساد. وتأججت الاحتجاجات في لبنان بشكل متزايد على خلفية الانفجار الضخم الذي ضرب مرفأ بيروت، مما أسفر عن دمار قرابة ثلث العاصمة اللبنانية، ومقتل ما لا يقل على 190 شخصًا، وإصابة الآلاف، فضلًا عن تشريد ما يزيد على 300 ألف لبناني فقدوا منازلهم بسبب  الانفجار المشار إليه.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الالتفاف على العقوبات الأمريكية محور زيارة وفد الكرملين لبشار الأسد

حكم سعودي بالسجن على 8 من قتلة خاشقجي وانتقادات حقوقية لمسار المحاكمة ونتائجها