18-سبتمبر-2020

تعقيدات جديدة في ملف تشكيل الحكومة اللبنانية (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير 

فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات اقتصادية على كيانيين اقتصادييين، وشخصية وصفت بالقيادية في حزب الله اللبناني، وذلك بعد أقل من من عشرة أيام من فرض عقوبات على وزيرين سابقين بسبب تقديمهما تسهيلات مالية استفاد منها حزب الله حين كانا في منصبهما، مما يعقد من تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، بعدما شدد ثنائي حزب الله وحركة أمل موقفه من عدم تفريطه بتسمية الوزير الذي سيتولى منصب وزارة المالية خلال الأيام القادمة.

فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات اقتصادية على كيانيين اقتصادييين، وشخصية وصفت بالقيادية في حزب الله اللبناني، مما يعقد من تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة

وقالت الخزانة الأمريكية في بيان نشر عبر موقعها الرسمي إن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على شركتي آرك للاستشارات ومعمار للمقاولات اللتين تتخذان من لبنان مقرًا لهما بسبب امتلاكهما وإدارتهما من قبل حزب الله، إضافة للقيادي في المجلس التنفيذي للحزب سلطان خليفة أسعد، مرجعة العقوبات المفروضة على أسعد لارتباطه الوثيق بالشركتين، وفقًا لما ورد في البيان.

اقرأ/ي أيضًا: من الانقسام إلى "الاستقواء بالخارج".. خلافات بين الأحزاب اللبنانية على الحكومة

وأضاف البيان بأن العقوبات الأخيرة تأتي في سياق الإجراءات السابقة التي اتخذتها الخزانة الأمريكية ضد الشركات التي لديها ارتباطات بالمجلس التنفيذي للحزب، بما في ذلك شركة أطلس القابضة المدرجة على لائحة العقوبات في شباط/فبراير الماضي، فضلًا عن العقوبات التي استهدفت القيادي في حركة أمل ووزير المالية السابق علي حسن خليل، إلى جانب القيادي في تيار المردة ووزير الأشغال العامة والنقل السابق يوسف فنيانوس، لأسباب أرجعتها لضلوعهما بالفساد واستغلال سلطتهما السياسية لتحقيق مكاسب مالية

من جهته أشار وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين إلى أن العقوبات الأخيرة تأتي في إطار محاولات "استغلال حزب الله للاقتصاد اللبناني والتلاعب بالمسؤولين اللبنانيين الفاسدين"، عبر منح الشركات المرتبطة بالحزب "عقودًا حكومية"، مشددًا على التزام واشنطن باستهداف حزب الله وأنصاره، لأنهم يستغلون الموارد اللبنانية بشكل فاسد لإثراء قادتهم بينما يعاني الشعب اللبناني من خدمات غير كافية".

وعقّدت العقوبات التي أعلنت عنها الخزانة الأمريكية يوم الخميس من إمكانية موافقة الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) على اختيار سفير لبنان السابق في ألمانيا مصطفى أديب المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة وزيرًا للمالية بمعزل عن التشاور مع الثنائي الشيعي، بعدما نقل عنهما سابقًا مرونتهما في اختيار وزير المالية لتسهيل الإعلان عن التشكيلة الحكومية الجديدة، قبل أن يصبح أكثر تشددًا جراء العقوبات الأمريكية الأخيرة.

وفيما يبدو ردًا على العقوبات التي استهدفت كيانات وشخصيات سواء أكانت مرتبطة أو لها علاقات مع حزب الله، شدد الحزب على تمسكه بمطلب تسمية وزرائه في الحكومة الجديدة، وقال في بيان صادر عن كتلة الوفاء للمقاومة التي تضم 13 نائبًا يمثلونه في البرلمان: "نرفض بشكل قاطع أن يسمي أحد عنا الوزراء الذين ينبغي أن يمثلونا في الحكومة أو أن يضعوا حظرًا على تسلم المكون الذي تنتمي إليه حقيبة وزارية ما وخصوصًا وزارة المالية".

وأضافت الكتلة في بيانها موضحة أنه "ينحو بعض من يشكل الحكومة في الظل إلى مصادرة قرار المكونات الأخرى بعد منع الرئيس المكلف (مصطفى أديب) من التشاور مع الكتل واستحداث آلية جديدة تقضي بمنع المكونات من تسمية وزرائهم والإخلال بالتوازن عبر انتزاع حقيبة المالية منا"، معربًا عن شجبه للدور الأمريكي "بالغ السلبية لضرب كل الجهود المبذولة لتشكيل حكومة في لبنان تنهض بمهام المرحلة الراهنة".

وكان الرئيس اللبناني ميشال عون قد أصدر قرارًا بتكليف أديب تشكيل الحكومة الجديدة، بعدما قدم رئيس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال حسان دياب استقالته من منصبه، على خلفية الانفجار الضخم الذي هز مرفأ بيروت يوم الرابع من آب/أغسطس الماضي، مما أسفر عن سقوط ما لا يقل عن مائتي قتيل، وإصابة أكثر من ستة آلاف آخرين بجروح، إضافة لتسجيل خسائر مادية بقيمة تتجاوز ثمانية مليارات دولار.

ولعبت الضغوط التي مارسها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الأحزاب السياسية الحاكمة في لبنان، بموافقة الأطراف اللبنانية على قبول تكليف أديب بمهمة تشكيل الحكومة الجديدة، محذرًا من أنه إذا لم تتوافق الأحزاب السياسية على تسمية الحكومة قبل يوم 15 أيلول/سبتمبر الجاري، فإنها تعرض نفسها للعزلة والمزيد من العقوبات، قبل أن يعود قصر الإليزيه ليعلن عن تمديد فترة تشكيل الحكومة لعدة أيام مع انتهاء المهلة الأولى.

وكانت الرئاسة الفرنسية قد أعربت عن "أسفها" لما وصفته بعدم احترام السياسيين اللبنانيين للتعهدات التي قطعوها خلال الزيارة التي أجراها ماكرون إلى لبنان الشهر الماضي، بعدما قدموا وعودًا بصدور قرار تشكيل الحكومة خلال مدة زمنية لا تتجاوز 15 يومًا من تاريخ 31 آب/أغسطس الماضي، لكن الرئاسة الفرنسية أشارت في بيانها إلى أنه "لم يفت الأوان بعد"، مطالبةً كافة الأحزاب السياسية بـ"تحمل مسؤولياتهم والعمل أخيرًا لمصلحة لبنان وحده عبر السماح لرئيس الوزراء مصطفى أديب بتشكيل حكومة بمستوى خطورة الوضع".

اقرأ/ي أيضًا: لإخفاء ملفات فساد.. اتهامات لمسؤولين لبنانيين بافتعال حريق المرفأ

ونقلت وكالة رويترز البريطانية عن مصادر سياسية قولها إن أديب عمل خلال تشكيل الحكومة على تقديم مقترحات يتم بموجبها تبادل سيطرة الأحزاب على الوزارت اللبنانية، التي تتقاسمها وفقًا لنظام المحاصصة الطائفي المعمول به منذ عام 1990، في ظل محاولته تشكيل حكومة من الاختصاصيين لتنفيذ الإصلاحات التي حددتها باريس سابقًا، ونقل على لسان أديب قوله الخميس إنه أرجأ تقديم تشكيلته الحكومية الجديدة للرئيس اللبناني لـ"إعطاء المزيد من الوقت للتشاور".

وكانت العديد من التقارير قد ربطت موقف رئيس حركة أمل نبيه بري المتشدد من تسمية وزارة المالية بالعقوبات التي استهدفت حسن خليل مؤخرًا، والذي يوصف بأنه كبير مساعدي بري في الحركة، في حين أشار مسؤول إيراني مطلع على سياسة إيران في لبنان إلى أن طهران أبلغت "حزب الله بوضوح أن وقف التصعيد مهم في الوقت الحالي"، لافتًا إلى أنه في حال أراد أديب أو غيره الاستقرار السياسي في لبنان فإنهم "سيستمعون لنصيحة حزب الله".