15-نوفمبر-2017

الممثلة هيدي لامار

إنها حكاية مذهلة على وشك أن تُروى، حكاية عن إحدى نجمات هوليوود المتربعات على عرش صناعة السينما، النجمة التي تُعامل كغنيمة جنسية، ويُقلل من قدر ذكائها مرارًا. إلا أن معرفتها العلمية تقود إلى اكتشاف علمي في التكنولوجيا العسكرية، مهَّد الطريق أمام طرق التواصل الحديثة مثل البلوتوث والواي فاي.

يدور فيلم وثائقي حديث تشارك الممثلة سارندون في إنتاجه حول حياة الممثلة هيدي لامار الاستثنائية حيث وُلدت في النمسا وحازت لقب أجمل نساء العالم

تشارك الممثلة سوزان سارندون في إنتاج الوثائقي الذي تدور قصته حول حياة هيدي لامار الاستثنائية. حيث وُلدت هيدي لامار في النمسا، وحازت لقب أجمل نساء العالم وفقًا لأقرانها في هوليوود في الأربعينات والخمسينات، ويُعرض الوثائقي الذي يتناول حياتها للمرة الأولى في لندن يوم الأربعاء، كجزء من مهرجان الفيلم اليهودي.

يتتبع الفيلم الوثائقي "القنبلة: قصة هيدي لامار" المسيرة المهنية لهيدويغ كيزلر، بدءًا من طفولتها في النمسا ما قبل الحرب، ومرورًا بفرارها من زوجها الأول الثري متنكرة كخادمة. وتتعقب مخرجة الفيلم ألكساندرا دين رحلة هيدي لامار إلى لندن، ولاحقًا إلى لوس أنجلوس، باستخدام المصادر الصحفية والمقابلات مع أبناء هيدي لامار من زيجاتها الست. إلا أن الفيلم الجديد يدور بشكل رئيسي حول الجزء المغمور من حياتها كمخترعة ناجحة.

اقرأ/ي أيضًا: في ذكرى مولده.. 5 أفلام للنجم ليوناردو دي كابريو نرشحها للمشاهدة

وفي هذه الترجمة عن الغارديان نتابع قصة هيدي لامار وسيرتها باستخدام شرائط غير معروفة من المقابلات التي أعطتها لمجلة فوربس في 1990، أي قبل 10 سنوات من وفاتها. تشرح هيدي لامار اهتمامها بالتكنولوجيا للصحفي في هذه الشرائط قائلة "الاختراعات سهلة بالنسبة لي، أظن أنني جئت من كوكب آخر".

تُذكر هيدي لامار دومًا عبر دورها المثير في فيلم سيسيل ديميل عام 1949، الذي لعبت فيه دور دليلة أمام فيكتور ماتيور الذي لعب دور شمشون.

إلا أن مسيرة هيدي لامار التمثيلية بدأت على المسرح في النمسا، بعد دراستها التمثيل في إحدى مدارس التمثيل المشهورة في برلين تحت قيادة المخرج ماكس راينهاردت. نشأت هيدي لامار، ابنة أحد مديري البنوك في فيينا، عاشقة للتكنولوجيا في الجزء اليهودي من المدينة. ومع بلوغها الـ19، كانت قد حصلت على دور في أحد الأفلام الذي وصمها بسوء السمعة مدى حياتها، بعدما ظهرت عارية في محاكاة لمشهد جنسي غير مسبوق في الفيلم التشيكي "النشوة" عام 1933، وهو الأداء الذي ندد به البابا.

حتى وقتنا الحاضر، مثّل الدور الذي لعبته هيدي لامار في تطوير ما أسمته بـ "القفز الترددي" -إحدى وسائل تجنب التشويش الألماني للإشارات اللاسلكية- أمرًا عابرًا خفيًا في هوليوود. وبالتزامن مع الهزات العنيفة التي ضربت صناعة السينما في لوس أنجلوس في أعقاب الاتهامات الجنسية التي طالت بعض الرموز في هوليوود بعد اتهام المنتج هارفي وينستاين بالاعتداء الجنسي، تعتقد ساراندون والممثلة السينمائية الألمانية ديان كروغر -التي ظهرت في الفيلم الوثائقي- وهما من المعجبات بالسيدة هيدي لامار، بأنه في النهاية سيتم الاعتراف بموهبتِها العلمية الخفية.

ركزت هيدي لامار في معظم أدوارها على إبراز جمالها ومفاتنها دون التركيز أو إعطاء مساحة كافية لإبراز قدراتها التمثيلية

وقالت دين لمجلة "فانيتي فير" هذا العام إن هيدي لامار تفتتح الأشرطة بقولها: "أردت أن أبيع قصتي.. لأنها لا تُصدق. لقد كانت عكس ما يعتقده الناس". وتشكو لامار أيضًا من هوس هوليوود بالمظاهر، وهو الأمر الذي وجدته مملًا وغبيًا، وتقول معلقة على ذلك: "أعتقد أن عقول الناس أكثر إثارة من مظهرهم".

ومع ذلك، فقد ركزت معظم أدوار هيدي لامار على إبراز جمالها ومفاتنها دون التركيز أو إعطاء مساحة كافية لإبراز قدراتها التمثيلية. قال جورج ساندرز، أحد النجوم الذين شاركوها بعض الأعمال، إن هيدي لامار كانت "جميلة جدًا لدرجة أن الجميع كانوا يتوقفون عن الحديث عندما تدخل إلى غرفة".

ويبدو أن اهتمام هيدي لامار بالاتصالات اللاسلكية كان قد اشتعل من جديد عقب إدخال أنظمة التحكم عن بعد في أمريكا لتشغيل الموسيقى، ومن خلال مخاوفها كذلك بشأن تقنيات التشويش الألمانية التي حالت دون استخدام الطوربيدات التي يمكن التحكم بها عن بعد باستخدام الإشارات اللاسلكية.

عملت هيدي لامار على اختراعها الذي مثّل الشكل الأولي لتكنولوجيا "الانتشار الطيفي" في الاتصالات مع جارها الهوليوودي، الملحن المعاصر جورج أنثيل، خلال صيف عام 1940، وفي هذا الاختراع يتم إرسال إشارة على نطاق أوسع من النطاق الأصلي.

اقرأ/ي أيضًا: راسل كرو: لديّ نموذجي الأخلاقي الشخصي

استخدم تصميمهما المشترك آلية مثل الأسطوانات المستخدمة داخل البيانو ذاتي العزف، لمزامنة التغييرات بين الترددات التي يبلغ عددها 88 تردد - وهو عدد الترددات القياسي لمفاتيح البيانو. وقدمت هيدي لامار مع جورج أنثيل براءة اختراع إلى المجلس الوطني للمخترعين في 10 من حزيران/يونيو 1941، ومنحا براءة الاختراع بعد ذلك بعام.

ورغم أن الفكرة لم تكن جديدة تمامًا، إذ قد حصل المهندسون الألمان على براءات اختراع لأعمالٍ مشابهة في عامي 1939 و 1940، إلا أن البحرية الأمريكية صنفت براءة الاختراع على أنها "سرية للغاية". ومع ذلك، فقد استغرق الأمر وقتًا طويلًا جدًا حتى أدرك الجيش مدى الفائدة الضخمة لاختراع هيدي لامار وأنثيل.

عملت الممثلة هيدي لامار على اختراعها الذي مثّل الشكل الأولي لتكنولوجيا "الانتشار الطيفي" في الاتصالات مع جارها الهوليوودي جورج أنثيل، خلال صيف عام 1940

وبعد انتهاء الحرب، في عام 1957، اعتمد مهندسو قسم النظم الإلكترونية في سيلفانيا اختراع هيدي لامار، وبدأت البحرية الأمريكية في استخدامه للمساعدة في نقل مواقع غواصات العدو الموجودة تحت الماء التي يكشفها السونار.

في عام 1998، بعد أكثر من 50 عامًا من اختراعها، تم تكريم الثنائي هيدي لامار وجورج أنثيل من خلال منحهما جائزة مؤسسة "الحدود" الإلكترونية.

الممثلة هيدي لامار، والتي صرحت ذات مرة أن وجهها هو مصدر "محنتها" وأنه "القناع الذي لا تستطيع إزالته"، ربما تكتسب الآن بعد وفاتها بعض الاعتراف بها كمخترعة، ولكن من المرجح أن يبقى إرثها الأكثر شهرةً هو ملامحها المذهلة التي اُستُلهمَت منها ملامح أميرة ديزني سنو وايت أو بياض الثلج.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فيلم "Blade Runner 2049".. خيال علمي ينافس أوديسة الفضاء

فيلم "Mother".. هل هو حقًا عن نظرة أرنوفسكي للطبيعة والأديان؟