06-مارس-2023
ميشو في بورتريه لـ إرنست بينون إرنست/ فرنسا

ميشو في بورتريه لـ إرنست بينون إرنست/ فرنسا

يبدو لنا الشاعر الفرنسي هنري ميشو (1899 - 1984) مفجّرًا للتجارب المتناقضة، ومجرّبًا لكلّ الأشكال، لم يقع لا في أسلوبية سان جون برس أو غيفيك، أندره دو بوشيه، ولا في فخّ المدارس الشعرية. رغم أنّه تأثر، بشكل ما، بالسورياليين، وبالأحرى الدادائيين، خصوصًا إدغار ألان بو كما تأثر بالأساطير والحكايات.

معظم القصائد التي نقدّمها هنا هي محاولة لخلق أصول متخيلة للعالم، والأشياء، والحيوانات، والنار، والإنسان بطريقة حكائية يتمتع بها الفتيان المهووسون بالقصص والخرافات. تمتّع الكبار بهذه الكتابة البسيطة على مهارتها، القريبة على انحدارها اللازمنيّة، المدفوعة بمخيّلة طفوليّة، لتكن ساخرة ساخرة إلى آخر الحدود.

يكتب وكأنّه يسفّه كثيرًا من الأساطير المؤسّسة على الغيوب والماورائيات والميتافيزيقيا.


أصلُ النار (1)

 

دوا يمشي في الحقل

أرنبٌ يجري

يرمي دوا الأرنب بحجر.

يسقطُ الحجر على حجر

تُصدر الحجارة ضجّةً مدوّية

بف بف بف

تمضي الشعلة إلى العشب اليابس.

يشتعلُ الحقل

هذا هو أصلُ النار.

 

أصلُ النار (2)

 

قلبَت صاعقةٌ جذعَ شجرة.

إنّه الآن يابسٌ وقاسٍ

دوا، جاريًا، يصطدمُ بالجذع ويسقط.

يغضبُ دوا من الخشبة، يكسرُها،

يضربُها،

غاضبًا، يركلُ قطعَها الواحدة بالأخرى

بف بف بف

ترتفعُ شعلةٌ

هذا هو أصلُ النّار.

 

تشوّه الجمجمة

 

دوا، ذو العينين السّوداوين

يعتقدُ أنّه يعرفُ

ما يعتقدُ رجلًا ذو عينين سوداوين أيضًا.

يرى رجلًا ذا عينين زرقاوين،

يشعر بالتحدّي

لأنّه لم يكن يتخيّل كيفَ يُمكن أن

نعتقد أنّه ذو عينين

زرقاوين.

من هنا نشأة الأعراف!

ومن هنا وكونه أسود، يحب الشقراوات

ومن هنا يشوّه رأسه، يمدّده أو يوسّعه.

هذا الشكل يظهره مخيفًا

قريبًا، يبايِعُ قائدًا.

 

أصل الوشم

 

على صدر دوا ندبةٌ ضخمة.

تسبّب بها ذئبٌ صارعَه وقتلَه.

دوا مُهابٌ من الجميع، منذُ ذلكَ الوقت.

ذات يومٍ، يلتقي ذئبًا

لم يكن له أن يصارعه.

يموتُ الذئب بالضربة الأولى على الرأس.

يأخذ دوا قائمة الذئب الميت

باليد اليسرى يسندُها إلى صدره،

وباليمنى يشدّها حتّى بطنه

ها هو أصل الوشم.

ندبةٌ مزدوجة ومجدٌ جديد.

 

أصل آكل لحوم البشر

 

دوا وندوابي ابنهُ الصّغير وقدرٌ من اللّحم

والشّحم الّذي يغلي في الكهف.

يذهبُ دوا.

ندوابي والقِدر في الكهف.

ندوابي يلعبُ، يسقطُ في القِدر.

تتحرّك القِدر بقوّة.

ثمّ يهمدُ القِدر.

 

في المساء

 

يعود دوا

يضعُ يدهُ في القِدر.

"كنت أعتقد بأنني قطعت اللّحم

يقطع شقفةً ويأكل".

طيب جدًا

ما هي هذه الشّقفة

كانت مؤخرة ابنه.

لا يقول شيئًا، يذهب إلى كوخ كوا،

يأخذُ الأطفال، يشويهم ويأكلهم

ومنذ ذلك الوقت سرى كلام

الجميع يعرف الآن كم أن أكل

الإنسان لذيذ

عجيب.

 

الإجهاض

 

قالَ القائد، يا مادينمبا

بطنكَ لا تكبر، مع أنّ الرّجال يشتمونكَ

"آكل الموز المغلي" قالت ماديمبا.

أنت تسخرين يراها دوا

ويقتلها.

ولهذا لا نعرف من كشفَ للنّساء قوّة

الموز الأخضر على الأطفال الذين

تحملهن النساء في بطونهن.

 

الغضبُ يأكلُ الإنسان

 

يذهبُ دوا إلى الصّيد

ندوابي، ابن دوا الصّغير، في المغارة.

يحاولُ أن يمشي على قدميه.

موزة على الأرض.

ينزلقُ، يتشبّث بإذن الكلب

يقفز الكلب، يُوقع ندوابي، ويوقع القِدر المغلق،

ويسقط لحم autilove الذي كان في داخلها أرضًا.

يعود دوا يرى الأشياء كما آلت إليه.

يحطّم رأس ندوابي ويأكله.

وقال: "هذا جيد هكذا".

 

الرّجل الذي يأكل ابنه

 

دوا يصطاد،

يفكر: "إنّه أرنب" ويطلق سهمًا فوقه.

كان ذلك ندوابي ابنه الصغير وابن مادينمبا

الصغير.

شعر بالضجر

"لن تعرف ماديمبا شيئًا، لأنني سآكل ندوابي".

وأخذ يأكل.

ثمّ

الجميع في المغارة

"أين ندوابي" تسأل مادينمبا.

يعوي الكلبُ بشدّة حتّى الموت على بطن دوا.

عندها يلمُّ دوا حجرًا ويقتل الكلب.

وقال:"الكلب هو الذي قتل ندوابي".