خاض أرسنال الإنكليزي المباراة النهائية للدوري الأوروبي، والتي خسرها 4-1 أمام جاره اللندني تشيلسي، بدون لاعبه الأرميني هنريك ميختاريان الذي اختار أن لا يذهب مع بعثة الفريق إلى العاصمة الأذرية باكو حيث أقيمت المباراة، بسبب مخاوف أمنية تهدد حياته، على خلفية العداء الكبير بين أرمينيا وأذربيدجان.
يعود الصراع الأرميني - الأذري إلى أواخر ثمانينات القرن الماضي، حيث اندلعت بين البلدين حرب عرفت باسم "نلغورنو كاراباخ"، نسبة إلى مدينة كاراباخ في أذربيجان
ويعود الصراع الأرميني - الأذري إلى أواخر ثمانينات القرن الماضي، حيث اندلعت بين البلدين حرب عرفت باسم "نلغورنو كاراباخ"، نسبة إلى مدينة كاراباخ في أذربيجان. وقد استمرت الحرب بين الأغلبية الأرمنية التي تقطن المدينة، وبين الدولة الأذرية حتى عام 1994. وبالرغم من مرور 25 سنة على الحادثة، فإن مشاعر الكراهية لا تزال تسيطر على العلاقة بين الشعبين.
اقرأ/ي أيضًا: ليلى قصراني.. استعادة لتاريخ المذبحة الأرمنية في رواية "الطيور العمياء"
وقد أبدى لاعبو أرسنال تضامنهم مع زميلهم، وأكدوا قبل المباراة أنهم سيبذلون ما بوسعهم لتحقيق اللقب وإهدائه له. وقد شعر الاتحاد الأوروبي بخيبة أمل كبيرة بعد تعذر مشاركة ميختاريان، وانتشرت أخبار عن نية الاتحاد اتخاذ الحيطة أكثر في المستقبل قبل اختيار المدن المنظمة لنهائي البطولة.
وكانت مشاكل أخرى وقفت في وجه منظمي المباراة، أبرزها فشل كل من إدارتي تشيلسي وأرسنال في بيع بطاقات المباراة، حيث حصل كل فريق على 12 ألف بطاقة تم إرجاع نصفها، بسبب العوائق اللوجستية التي تمنع وصول الجماهير من لندن إلى باكو والمبيت فيها. وكان عدد من جماهير الفريقين أطلقوا حملة لجمع تواقيع مطالبة بنقل المباراة من باكو إلى استاد ويمبلي في لندن، وقد وصل العدد إلى 13 ألف توقيع، لكن المباراة أقيمت في مكانها وموعدها المحددين.
في هذا السياق، كان مستغربًا قبل المباراة قيام الشرطة الأذرية في محيط الملعب بتوقيف جماهير أرسنال التي ترتدي قمصان تحمل اسم مخيتاريان والطلب منها استبدالها، بحجة أن ذلك يؤدي إلى استفزاز لا داعي له. وقد أعلنت جماهير أرسنال على وسائل التواصل الاجتماعي رفضها لهذا التدبير، كما هتفت الجماهير في الملعب خلال المباراة باسم اللاعب كتعبير عن دعمها له.
بطبيعة الحال ليست حالة مختاريان الأولى من هذا النوع ولن تكون الأخيرة، فقد شهدت كرة القدم عشرات الحالات التي تم فيها حرمان لاعبين من المشاركة مع فرقهم لأسباب سياسية وعرقية، أو واجهوا مشاكل في عدم القدرة على الحصول على تأشيرة دخول إلى البلد الذي تقام فيه المباراة أو البطولة. كما تبرز حالات للاعبين أو مدربين رفضوا السفر وخوض مباريات في بلدان معينة كنوع من التعبير عن موقف سياسي، ودعم لقضية ما أو رفض لممارسات هذه الدولة.
في العام 2007 رفض لاعب منتخب ألمانيا تحت 23 سنة، الإيراني الأصل ايشكان ديغاجاه السفر مع منتخب بلاده إلى إسرائيل لخوض مباراة دولية. وقد اعترض وزير الداخلية الألماني يومها على موقف ديغاجاه، وقال إن السياسة لا يجب لها أن تدخل في الأمور الرياضية، فيما دافع رئيس الاتحاد الألماني يومها ثيو زفازيغر عن ديغاجاه، وقال إن اللاعب يملك أسبابًا دينية وثقافية تبرر قراره، وإن الإتحاد لا ينوي استبعاد اللاعب من التشكيلة.
اقرأ/ي أيضًا: مصر.. سياسة في المستطيل الأخضر
ولعل الكرة الفلسطينية هي التي تدفع الثمن الأكبر للتدخلات السياسية وتعنت سلطات الاحتلال، فيعاني اللاعبون الفلسطينيون المقيمون في غزة والضفة، الأمرين للحصول على تأشيرات دخول وخروج للعب مع منتخب بلادهم. وأبرز تلك الحوادث كان في العام 2007 عندما رفضت سلطات الاحتلال إعطاء اللاعبين التأشيرة للسفر واللعب ضد سنغافورة في تصفيات كأس آسيا، فتعذر تأمين نصاب المنتخب، واعتبر المنتخب الفلسطيني بحكم المنسحب من المباراة وتم تخسيره 3-0.
لعل الكرة الفلسطينية هي التي تدفع الثمن الأكبر للتدخلات السياسية وتعنت سلطات الاحتلال، يعاني اللاعبون الفلسطينيون المقيمون في غزة والضفة، الأمرين للحصول على تأشيرات دخول وخروج للعب مع منتخب بلادهم
بالرغم من محاولة الفيفا ترويج سردية فصل الأمور السياسية عن كرة القدم، والتأكيد على قيم اللعبة الأساسية والتي أهمها التقريب بين الشعوب، وقيام الاتحادات الكروية بتنظيم آلاف النشاطات حول العالم بهدف إزالة هذه الفوارق وفصل الكرة عن السياسة، فإن الواقع هو من يفرض نفسه في النهاية، وما حادثة ميخناريان إلا تأكيد لهذا الأمر.
اقرأ/ي أيضًا:
مونديال 2022 لن يخرج من الدوحة.. رغم أكاذيب الإمارات والسعودية
دكتاتور كوريا الشمالية.. في كرة القدم أيضًا