25-مايو-2023
يوليان ناغلسمان

"Getty" حينما تولى ناجلسمان تدريب هوفنهايم كان أصغر من خمسة من لاعبي فريقه

ربما لديّ 68 عامًا، وأبدو عجوزًا؛ لكن لا أحد يسبقني في أمور كرة القدم، لا بيب غوارديولا، ولا يورغن كلوب، ولا ميكيل أرتيتا. جميعهم مثلي، إنهم يفعلون أمورهم، وأنا أيضًا."

راسل مارتن: "يجب إفساح الطريق للشباب الذين لم يمارسوا كرة القدم كلاعبين، لكنهم مهووسين بعلم التدريب، ويلهثوا خلف تعلم أدق تفاصيله"

كان هذا التصريح لسام ألاردايس المدير الفني لنادي ليدز يونايتد الإنجليزي، وكعادته وبمنتهى الذكاء توافق جوارديولا مع تصريحات ألاردايس، مشيرًا أن مدربين أمثال ألاردايس وروي هودسون يمثلوا الكثير بالنسبة لكرة القدم، نظرًا لما يتمتعون به من خبرات. لكن تصريح ألاردايس يطرح أمامنا سؤال، هل يُمثل العمر أهمية كبرى بالنسبة لمدرب كرة القدم؟

سام ألاردايس
سام ألاردايس

فوضى الأعمار

دعنا نلقي نظرة سريعة عن أعمار بعض المدربين البارزين على الساحة الكروية، قبل الخوض في الحديث عما يُمثله العمر بالنسبة لمدرب كرة القدم.

 لنبدأ بالدوري الإنجليزي الممتاز باعتباره المسابقة الكروية الأهم في العالم، على رأس الجهاز الفني لنادي توتنهام هوتسبير يتواجد المدرب الشاب "رايان ماسون" صاحب الـ 31 عام، بينما يتولى قيادة فريق كريستال بالاس العجوز "روي هودجسون" صاحب الـ 71 عام. وفي دوري الدرجة الثانية الإنجليزي قاد المدرب الشاب "فينست كومباني" صاحب الـ 37 عامًا فريق برينلي للفوز بلقب البطولة، والعودة مرة أخرى للدوري الممتاز.

رايان ماسون
رايان ماسون

على الجانب الآخر، قاد الإيطالي "كارلو أنشيلوتي" صاحب الـ 63 عامًا فريق ريال مدريد الإسباني للفوز بلقب دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي 2021-2022، بالإضافة إلى لقب الدوري الإسباني، وكأس السوبر الأوروبي، وكأس العالم للأندية للموسم نفسه، وهو ما يجعل لسؤالنا قيمة أكبر الآن، هل العمر مجرد رقم بالنسبة لمدربي كرة القدم؟

جيل قديم لم يمت بعد

يتحدث "ديفيد مويس" المدير الفني لنادي وست هام، والبالغ من العمر 60 عامًا لصحيفة "ذا أثليتك"، عن أنه هناك فرق جوهري بينه الآن وبين نفس الشخص الذي تولى تدريب فريق بريستون عام 1998، وكان حينها يبلغ من العمر 34 عامًا فقط.

ديفيد مويس
ديفيد مويس مدربًا لبريستون عام 2000

يوضح مويس أن هناك اختلافات كثيرة بين فترة شبابه وبينه الآن، حيثُ لم يكن لديه أية عداوات مع وسائل الإعلام، كما كان لديه رفاهية أن يخطئ باعتباره لا يزال مدربًا شابًا، إلا أن أهم الاختلافات في وجهة نظره، هي أن الاتصال مع اللاعبين أصبح أكثر أهمية من أي وقتٍ مضى.

يُشير مويس أن اللاعبين في هذه الأيام يريدون مدير فني أقل صرامة مما كان عليه المدربون من قبل، فالعلاقة بين المدير الفني واللاعب أصبحت أكثر قربًا لكونها صداقة، حيثُ يريد اللاعب من المدرب أن يتحدث معه في كل شيء، داخل وخارج الملعب.

ديفيد مويس
ديفيد مويس

يتوافق صاحب الـ 65 عامًا "توني بوليس" المدير الفني السابق لعدة فرق في الدوري الإنجليزي في الرأي مع ديفيد مويس، يتحدث توني عن أن المجتمع الكروي يتغير بصورة يومية تقريبًا، وأن المدرب اليوم يتعامل مع شباب ومواقف ذات معايير مختلفة عما نشأ عليها، مؤكدًا أن المدرب الشاب سيكون قادرًا على التواصل مع هؤلاء اللاعبين بصورة عصرية، لكن هل تبدو الأمور بهذه البساطة بالنسبة للمدربين الشباب؟

ناجيلسمان ليس القاعدة

"راسل مارتن" المدير الفني لنادي سوانسي سيتي ، والبالغ من العمر 37 عامًا، تحدثَّ عن أنه يشعر بفهمه لعقلية لاعبيه بسب التقارب في العمر بينهم، لكنه يطرح سؤالاً هامًا، هل يعتقد الجميع إذًا أن طريق المدربين الشباب ممهد؟

" اخرس، واجلس مكانك، تعتقد أنك اخترعت كرة القدم، أليس كذلك؟" كانت هذه العبارة لروجر شيمدت المدير الفني لنادي بنفيكا البرتغالي مخاطبًا جوليان ناجيلسمان المدير الفني لنادي هوفنهايم حينها.

يوليان ناغلسمان
يوليان ناجيلسمان

عندما قررت إدارة نادي هوفنهايم الألماني تعيين "جوليان ناجيسلمان" على رأس الإدارة الفنية للفريق، وهو لم يتجاوز عامه الـ 28، كان القرار بمثابة صدمة في الأوساط الكروية العالمية وليس الألمانية فقط. كان ناجيسلمان أصغر من خمسة من لاعبي الفريق، وتمت مهاجمته من وسائل الإعلام الرياضية في ألمانيا، باعتبارها حركة دعائية من النادي ليس إلا.

كرة القدم شأنها شأن باقي المجالات التي طالتها أذرع الحداثة، والتطور الصارخ الذي يحدث كل لحظة، لكنها تحتاج أن تكون أكثر مرونة في التعامل مع ملف الشباب

يتحدث "ألكسندر روزن" المدير الرياضي للنادي، الذي كان وراء اتخاذ قرار تعيين ناجيلسمان، أن القرار لم يكن عشوائيًا، بل تم خلال سنوات، كان يشق فيها جوليان طريقه نحو عالم التدريب منذ أن كان عمره 16 عام. يشير ألكسندر كيف أبهر جوليان الجميع بتعامله مع الأزمات، ومع ضغط وسائل الإعلام، وكيف أصبح خلال سنوات قليلة مطمع لكبرى أندية أوروبا مثل ريال مدريد وغيره.

يوليان ناغلسمان
يوليان ناجيلسمان

يرى ألكسندر أن تجربة ناجيلسمان مع هوفنهايم مثالية لأي مدرب شاب يريد أن يشق طريقه في عالم التدريب، حيث يحتاج أي مدرب شاب بيئة عمل داعمة له في بداية مشواره، والأهم أنها تكون غير متطلبة، وتساعده على التطور، فلم يكن جوليان ليذهب لتدريب بايرن ميونيخ، إذا لم يمر بتجربة هوفنهايم.

نصيحة راسل مارتن الذهبية

يرى "راسل مارتن" المدير الفني لنادي سوانسي سيتي ، والبالغ من العمر 37 عامًا، أن النصيحة الذهبية التي يُقدمها للشباب أن يختار إدارة نادي تدعمه ولا تقلل من شأنه بسبب صغر عمره. يؤكد مارتن أيضًا أنه يجب إفساح الطريق للشباب الذين لم يمارسوا كرة القدم كلاعبين، لكنهم مهووسين بعلم التدريب، ويلهثوا خلف تعلم أدق تفاصيله، ويضرب لنا مثلًا بناجيلسمان وقصة صعوده، ويشير مارتن إلى أن الإدارة فن، وأن التعامل مع اللاعبين خارج الميدان بنفس أهمية التعامل معهم داخل ملعب المباراة.

راسل مارتن
راسل مارتن

في النهاية، كرة القدم شأنها شأن باقي المجالات التي طالتها أذرع الحداثة، والتطور الصارخ الذي يحدث كل لحظة، لكنها تحتاج أن تكون أكثر مرونة في التعامل مع ملف الشباب، وتكون أكثر انفتاحًا نحو تقبل هؤلاء الشباب الذين يريدون دمجها بالتكنولوجيا، والأهم هو أن تأخذ الكرة في بلادنا العربية هذه الخطوة، حتى تتمكن من أن ترى النور من جديد، وتواكب ما يحدث في الخارج.