29-نوفمبر-2017

تعرف اليمن أسوأ كارثة إنسانية يشهدها العالم (محمد عويس/ أ.ف.ب)

في وقت تتزايد فيه الأصوات الدولية الداعية إلى وقف الحرب في اليمن، جراء الأزمة الإنسانية الفادحة التي بات يعيشها اليمنيون، لا يزال المسؤولون في الرباط يؤكدون استمرار دعمهم للحملة العسكرية التي تشنها الرياض وحلفاؤها على اليمن منذ آذار/مارس عام 2015.

يُرجح أن مشاركة المغرب في حرب اليمن، سببها المقابل الذي تتلقاه الرباط متمثلًا في المعونات والاستثمارات والدعم في قضية الصحراء

الدعم المغربي

انخرط المغرب مبكرًا في حرب التحالف السعودي في معركة اليمن، ومع ذلك، فقد حرص على القيام بذلك في إطار من السرية والتحفظ، لكن خلال الشهور الأخيرة، أصبحت المملكة المغربية تعلن دعمها ومشاركتها في الحملة العسكرية بشكل مباشر ورسمي.

اقرأ/ي أيضًا: إنفوغراف: أبرز صفقات السلاح في المنطقة العربية خلال عام 2017

ولا أدل على ذلك من تصريح رئيس الوفد المغربي في الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية ورؤساء هيئات الأركان العامة للدول الأعضاء في التحالف لدعم الشرعية في اليمن، الذي قال فيه إن "الرباط تدعم كافة الإجراءات التي تتخذها المملكة العربية السعودية في مواجهة كل ما من شأنه استهداف أمنها وسيادتها، ومستعدون لرفع مستوى التنسيق بشأن الجهود العسكرية والإنسانية للتحالف في اليمن".

ويشارك المغرب في الحلف العسكري العربي بقوات جوية وبرية، تتضمن على الأقل ست مقاتلات "إف 16" تقلع انطلاقًا من سرب طائراته الرابضة في الإمارات، بالإضافة إلى 1500 جندي من قوات الصفوة التابعة للدرك الحربي. ويُتداول الحديث مؤخرًا عن أن الرباط سحبت قواتها البرية من اليمن، دون تأكيد أو نفس رسمي.

وتبرر الرباط مشاركتها التحالف السعودي في حربه على اليمن بـ"الوقوف في صف السيادة الشعبية اليمنية ودعم شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي"، غير أنّه لا جزم على أنّ "الشعب اليمني" مُلتف حول التحالف السعودي خاصة مع زيادة استهدافاته للمدنين، والكوارث الإنسانية التي تسبب بها، إضافة إلى أن عبدربه منصور هادي نفسه مُحتجز تحت الإقامة الجبرية في السعودية هو وعائلته! 

يبرر المغرب مشاركته في حرب اليمن بدعم شرعية عبدربه منصور هادي، رغم أن السعودية نفسها تحتجزه هو وعائلته على أراضيها!

وعلى كل يرى مراقبون أن إسراع المغرب للانخراط في حرب اليمن، انطلاقًا من سعي الرباط الحثيث لنسج علاقات أمتن مع ممالك الخليج، ربما لاشتراكها معهم في الحُكم الملكي، وتلاقي المصالح على أساس ذلك.

اقرأ/ي أيضًا: حرب الإمارات ضد الشرعية اليمنية

وفي حين يرى البعض أن هذه الشراكة مع دول الخليج ترتد إيجابيًا على المغرب من خلال المعونات والاستثمارات الاقتصادية وكذا الدعم لقضية الصحراء، يذهب قسم آخر من الرأي العام الشعبي إلى أن المغرب غير معني بحرب السعودية في اليمن البعيدة عنه جغرافيًا، مطالبين بوقف مشاركته العسكرية التي لها أثرها اقتصاديًا، باعتبارها هدر للمال العام، ولها أيضًا أثرها في سمعة المغرب مع كثرة الاتهامات للتحالف السعودي بارتكاب مجازر بحق المدنيين، وتورط بعض أطرافه (الإمارات) في عمليات احتجاز غير شرعي، وتعذيب شديد.

الأزمة الإنسانية في اليمن

وصفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية الأوضاع في اليمن بأنها "أسوأ كارثة إنسانية يشهدها العالم"، حيث حولت الحرب حياة اليمنيين إلى كابوس بلا نهاية، فقد بات أكثر من 20 مليون من اليمنيين في حاجة ماسة وعاجلة إلى الغذاء والأدوية واللقاحات قبل أن يفقد الآلاف أرواحهم جراء الأوبئة والمجاعات، بينهم 11 مليون من الأطفال، فضلًا عن أن الحرب الدائرة هناك خلفت حتى الآن أكثر من 8670 قتيل، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة.

وعلى إثر ذلك، أدرجت الأمم المتحدة، التحالف السعودي على القائمة السوداء، التي تضم الدول والحركات المتهمة بقتل الأطفال في النزاعات، وبينها دول التحالف العربي الذي ينخرط فيه المغرب، حيث يذكر التقرير أنه قُتل وأصيب نحو 683 طفلًا في اليمن خلال 2016 فقط، جراء الهجمات التي استهدفت المستشفيات والمدارس.

مشاركة المغرب في الحرب لها تكلفتها السياسية والحقوقية الثقيلة، والتي قد تُؤثر مستقبلًا على ملف الصحراء وصورته الحقوقية عالميًا

وجراء تزايد الكارثة اليمنية، في مقابل استمرار قصف التحالف السعودي، تعالت الأصوات الأوروبية الرسمية وغير الرسمية الداعية إلى وقف تصدير السلاح للسعودية وعموم دول التحالف.

وفي ظل تمسك المجتمع الدولي بإجراء تحقيق مستقل حول الحرب في اليمن، وتحميل الأطراف المسؤولة المسؤولية عن تبعات الأزمة، ترفع العديد من الأسماء الحقوقية والإعلامية في المغرب صوتها للمطالبة بسحب القوات المغربية من القتال الدائر في اليمن، خاصة مع تكلفته السياسية والحقوقية الثقيلة، التي قد تؤثر مستقبلًا على ملف الصحراء وصورته الحقوقية، علاوة على عبثية هذه المشاركة في حرب غير معني بها، في بلد لا يشكل تهديدًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مبادرة إماراتية وسعودية في اليمن.. صفقة "كارثية" على درب حرب لا نهاية لها

اليمن.. خمس سنوات في الطريق إلى الصوملة