02-يناير-2017

تظاهرة سلمية في سقبا (سامر تاتين/الأناضول)

بدأت قوات النظام السوري مدعومة بالميليشيات الأجنبية التي تقودها إيران، وإسناد جوي روسي، حملة عسكرية واسعة في الـ20 من الشهر الفائت، على منطقة "وادي بردى" المحاصرة في ريف دمشق الغربي، بهدف استعادة السيطرة عليها كاملًا من قوات المعارضة المتمركزة فيها منذ عام 2012، وهو ما يهدد مصير أكثر من مائة ألف مدني يواجهون داخلها حصارًا خانقًا.

حاول النظام السوري أن يبرم اتفاقية تسوية مع قوات المعارضة في "وادي بردى"، بشكل مماثل لما حدث سابقًا مع بعض المدن في محيط دمشق

وحاول النظام السوري خلال الفترة التي رافقت اقتحام الأحياء الشرقية في حلب، أن يبرم اتفاقية تسوية مع قوات المعارضة المتواجدة في "وادي بردى"، بشكل مماثل لما حدث سابقًا مع مختلف البلدات والمدن المحيطة بالعاصمة دمشق، وهو ما شهدنا فصوله من عملية التغيير الديموغرافي، ومحاولة جمع المناوئين لحكمه، مدنيًا وعسكريًا، في محافظة إدلب شمالي سوريا، أكبر معاقل المعارضة السورية حاليًا.

اقرأ/ي أيضًا: سوريا..هدنة النوايا الحسنة؟

ورغم وثيقة وقف إطلاق النار الموقعة بين النظام والمعارضة السورية، بضمانة روسية وتركية، وقبولها من قبل 12 فصيلًا عسكريًا، وتبني مجلس الأمن لها لاحقًا، فإن قوات النظام وعناصر من "حزب الله" اللبناني، الذي ينشط في منطقة القلمون، وريف دمشق بشكل كبير، فشلت في عديد محاولات الاقتحام التي نفذتها، إضافة لخسارتها لعشرات العناصر خلال الاشتباكات التي يشهدها محيط المنطقة.

وتناقلت عديد وسائل الإعلام المحلية، منها الموالية للنظام، أمس الأحد، خبرًا يفيد بدء قوات النظام تهجير سكان الوادي المحاصرين، لكن "الهيئة الإعلامية في وادي بردى"، نفت الخبر عبر صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك"، وقالت إنه "خرجت بعض العائلات عن طريق حاجز التكية بسيارات خاصة باتجاه دمشق"، في محاولة من النظام إظهار انتصاره أمام مؤيديه.

ويرفض النظام السوري كلام المعارضة عن انتهاكه وقف إطلاق النار في حملته العسكرية على "وادي بردى"، مصرًا على أنها غير مدرجة في الهدنة، بسبب تواجد مقاتلي جبهة "فتح الشام"، سابقًا "جبهة النصرة"، رغم أن عديد التقارير تؤكد تواجد أكثر من فصيل معارض داخل الوادي، بينهم حركة "أحرار الشام الإسلامية"، وتجمع "واعتصموا بحبل الله".

وقالت "القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية" في منشور لها عبر صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك" نهاية العام الفائت، إنه "تمتلك القوات البرية الصديقة (قوات النظام والميليشيات الأجنبية) كامل الحق بالهجوم على منطقة وادي بردى في محيط العاصمة دمشق، ولا يخرق هذا الهجوم بنود اتفاق وقف إطلاق النار، فتلك المنطقة يتواجد فيها مقاتلون أعلنوا انتماءهم لتنظيم جبهة النصرة الإرهابي المتشدد".

اقرأ/ي أيضًا: الطائرة الروسية ترفع من خسائر تدخل موسكو في سوريا

وكانت فصائل المعارضة أصدرت بيانًا في وقت سابق، حذرت فيه من انهيار وقف إطلاق النار، في حال استمر النظام في حملته العسكرية على "وادي بردى"، فيما أكد "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، تجدد الاشتباكات فجر اليوم الاثنين في محور قرية "بسيمة"، مشيرًا لوقوع خسائر بين الطرفين.

تكمن أهمية "وادي بردى" لقوات المعارضة المتمركزة داخله، في أنها تسيطر على نبع "عين الفيجة"، الذي يمد سكان العاصمة دمشق بمياه الشرب

وتكمن أهمية "وادي بردى" لقوات المعارضة المتمركزة داخله، في أنها تسيطر على نبع "عين الفيجة"، الذي يمد سكان العاصمة دمشق بمياه الشرب، وتقوم باستخدامه كورقة ضغط خلال مفاوضاتها مع النظام السوري، إلا أن الطيران المروحي استهدف النبع بالبراميل المتفجرة ما أدى لانقطاع المياه عن مناطق سيطرة النظام منذ أكثر من خمسة أيام.

وفي حال استطاع النظام استعادة السيطرة على المنطقة التي تضم نحو 12 قرية فإنه يكون بذلك قام بتأمين أحد الأجزاء المهمة المحيطة بالعاصمة دمشق، فيما تكون خسرت ورقة ضغط كانت تساهم بدخول المساعدات للمناطق المحاصرة في ريف دمشق الغربي، ما يساعده على التركيز بشكل أكبر على المناطق الخارجة عن سيطرته في ريف دمشق الشرقي.

ورغم عديد النداءات التي أطلقتها الفعاليات المدنية العاملة في "وادي بردى"، منذرة بكارثة إنسانية تهدد مصير المدنيين المحاصرين، وانقطاع تام للماء والكهرباء منذ 11 يومًا، فإن القوات الروسية التي تقدم الإسناد الجوي لقوات النظام في عمليات الاقتحام، ترفض أن يتم استثناء المنطقة من الهدنة.

ويمارس النظام في عمليات التهجير القسري التي ينتهجها ضد المناطق المحاصرة، سياسة إفراغها من مقاتلي المعارضة، وتأمين خروجهم مع أسرهم إلى شمال سوريا، ما يساعده على إبقاء مجموعة قليلة من العناصر داخل المناطق المبرم معها اتفاقية تسوية، وإرسال النسبة الأكبر من قواته للجبهات الأخرى، وهو ما يتيح له خلال الأيام القادمة بدء حملة عسكرية على باقي المدن المحاصرة في ريف دمشق الغربي.

اقرأ/ي أيضًا:

نهاية نهاية الحرب الباردة

"إعلان موسكو".. عزل الأزمة السورية خارجيًا