17-يناير-2019

يتأمل اليمنيون في الحديدة بوقف الحرب (ألترا صوت)

ما زال الأمل موجودًا في قلوب سكان مدينة الحديدة، غربي اليمن، بعودة السلام وتوقف الحرب، في مدينتهم المطلة على البحر الأحمر، عقب معارك عنيفة شهدتها المحافظة منذ أكثر من عام، بين القوات الحكومية المدعومة من التحالف السعودي الإماراتي من جهة، ومسلحي جماعة الحوثيين، المتهمين بتلقي دعم من إيران".

صوت مجلس الأمن الدولي بالإجماع بشأن نشر مراقبين يتولون مراقبة وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة، والإشراف على انسحاب القوات المتحاربة

في هذا السياق، صوت مجلس الأمن الدولي بالإجماع بشأن نشر مراقبين يتولون مراقبة وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة، والإشراف على انسحاب القوات المتحاربة، إذ أيد 15عضوًا القرار الجديد تحت رقم 2452، القاضي بنشر المراقبين لستة أشهر يمكن تمديدها. وستكون مهمة الفريق دعم لجنة تنسيق إعادة الانتشار للإشراف على وقف إطلاق النار وإزالة الألغام في الحديدة وموانئ الصليف ورأس عيسى، وضمان أمن موانئ المحافظة. ويلزم القرار المبعوث الأممي بتقديم تقرير شهري وتحديد من يعرقل الوضع الميداني.

اقرأ/ي أيضًا: صعدة ليست الأولى.. أبرز مجازر السعودية بحق الأطفال في اليمن

 كما يطالب مشروع القرار الدول الأعضاء، ولاسيما الدول المجاورة، بدعم الأمم المتحدة على النحو المطلوب لتنفيذ تفويض البعثة الأممية لدعم اتفاق الحديدة.

فيما يتعلق بردود الفعل، رحبت الحكومة بالقرار، وجدد مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبدالله علي السعدي، في كلمة بلاده بجلسة مجلس الأمن الدولي، التأكيد على حرص الحكومة على تحقيق السلام الشامل والمستدام الذي يلبي تطلعات الشعب اليمني في بناء يمن اتحاد يسوده الإستقرار والسلام والتنمية، ويسهم بدور فاعل في ضمان الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي حسب تعبيره، وأشار إلى أن الحكومة اليمنية عبرت عن حرصها والتزامها الكامل بدعم وتنفيذ إتفاق ستوكهولم دون تجزئة، داعيًا المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي إلى مراقبة الخروقات التي ارتكبتها وترتكبها جماعة الحوثيين، في محاولة لعرقلة ما تم الاتفاق عليه في السويد .

وأضاف عبد الله السعدي أنه "خلال الأربعة أسابيع الماضية منذ دخول وقف إطلاق النار حيز النفاذ في 18 كانون الأول/ديسمبر 2019، وحتى 14 كانون الثاني/يناير الجاري، بلغ عدد انتهاكات الحوثيين 573 انتهاكًا أسفر عن إصابة ومقتل 41 شخصًا"، داعيًا باسم الحكومة الشرعية، مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته وإدانة هذه الانتهاكات بأشد العبارات كونها تشكل تهديدًا لتنفيذ اتفاق ستوكهولم .

وتعتبر مدينة الحديدة البوابة الغربية لليمن، وتحوز على أهم ميناء بحري، يدخل عبره نحو 80% من المساعدات الإنسانية، والمواد الغذائية والتجارية، هذا بالإضافة إلى أن المحافظة تعد من أكبر المناطق الزراعية في اليمن. 

فيما نص اتفاق رعته الأمم المتحدة، عقب مشاورات استمرت لأسبوع بين الأطراف اليمنية في العاصمة السويدية ستوكهولم، على انسحاب كافة القوات المسلحة، من مدينة الحديدة وموانئها، غير أن الانسحاب لم ينفذ حتى اليوم، رغم سريان الهدنة التي تخللتها خروقات مستمرة، وسط تبادل الاتهامات بين الطرفين بارتكابها.

بينما تجددت المعارك بين القوات الحكومية، ومسلحي جماعة الحوثيين، خلال الساعات الماضية، بعد محاولات تقدم للحوثيين وهجومات على مواقع الجيش الوطني. وأكدت مصادر ميدانية أن القوات التابعة لهادي، صدت الليلة الماضية ثلاث هجمات لمسلحي جماعة الحوثيين، شرق وجنوب مدينة الحديدة وفي منطقة الجبلية بمديرية التحيتا.

ومنذ بدء عملية وقف إطلاق النار في الحديدة، شهدت المحافظة عشرات الخروقات من الطرفين، وسط تخوفات في أوساط السكان من فشل المشاورات، وعودة المعارك العنيفة، والضربات الجوية لمقاتلات التحالف، من جديد.  

بينما أعلنت جماعة الحوثيين، تسليم ميناء الحديدة لقوات خفر السواحل التابعة لها، والتي دربتها مؤخرًا لتكون البديل لقواتها التي انسحبت من الميناء، غير أن هذا الانسحاب الصوري، اعتبر تبادل مواقع بين قوات جماعة الحوثيين.

 إلا أن الأمم المتحدة شككت في ذلك، لاسيما أن القوات المسؤولة عن الاستلام هي في حقيقة الأمر خاضعة للحوثيين. وحذّر الجنرال باتريك كاميريت، من أن أي إعادة انتشار لن تكون لها صدقية إلا إذا كانت كل الأطراف، بما في ذلك الأمم المتحدة، قادرة على الإشراف والتحقق من تطابق أي إجراء مع بنود اتفاق ستوكهولم.

غموض اتفاق الحديدة

لم تحدد الأمم المتحدة الجهة التي سوف تتسلم إدارة المدينة وموانئها، ما جعل الطرفين يفسران البند حسب رغبتهما. وتشير الحكومة الشرعية، إلى أن اتفاق ستوكهولم، ينص على انسحاب الحوثيين من الحديدة، وتسليمها للسلطة المحلية التي كانت تسيطر على المدينة قبل دخول الحوثيين، في العام 2014. وتؤكد أن الاتفاق ينص أيضًا، على أن تودع جميع إيرادات موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى في البنك المركزي اليمني من خلال فرعه الموجود في الحديدة، للمساهمة في دفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية في المحافظة وجميع أنحاء اليمن. فيما تفسر جماعة الحوثيين، بنود الاتفاق، على أن السلطة التي ستدير مدينة الحديدة، هي السلطة المحلية التابعة لها، والتي تدير المحافظة في الوقت الراهن.

تتزايد المخاوف من احتمال انهيار التفاهمات اليمنية التي جرى التوصل إليها ومعها المسار السياسي كاملًا

بارقة أمل

يبين المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في تقدير موقف نشره، أن المخاوف تتزايد من احتمال انهيار التفاهمات التي جرى التوصل إليها ومعها المسار السياسي كاملًا، الذي نجح مبعوث الأمم المتحدة في إنشائه بعد شهور من المفاوضات والمشاورات في اليمن وعواصم إقليمية ودولية.

وأكد المركز أن الحوثيين فشلوا في تنفيذ تعهداتهم المتعلقة بتسليم ميناء الحديدة، وفي احترام اتفاق لفتح ممر إنساني بين الحديدة وصنعاء لتسليم المساعدات الإنسانية.

وأضافت الورقة أن مشاورات السويد مثلت بارقة أمل لإنهاء الحرب ووقف معاناة اليمنيين، إذ أتت بعد عامين ونصف من انهيار مفاوضات الكويت في تموز/يوليو 2016، وبعد الفشل في عقد مشاورات جنيف في 6 أيلول/سبتمبر 2018. وجاءت المشاورات في ظل تجدد المعارك واشتدادها في مدينة الحديدة واقتراب القوات الحكومية من حسمها، حيث باتت هذه القوات على بعد أربعة كيلومترات من ميناء الحديدة، إلا أن ضغوطات غربية كبيرة، واجهها التحالف السعودي، بسبب تدهور الحالة الإنسانية في المحافظة، أدت إلى إيقاف تقدمها. 

وعن نجاح القرار البريطاني في وقف الحرب في مدينة الحديدة، قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي اليمني، أكرم الحاج، لـ"ألترا صوت"، إن القرار سوف ينجح دبلوماسيًا وفي أروقة الأمم المتحدة. أما على أرض الواقع، فسوف يكون النجاح جزئيًا ومؤقتًا". وأضاف أكرم، أن هذا النجاح يستند إلى مؤشرات الدواعي الإنسانية في سبيل تدارك الوضع المتفاقم لليمنيين، وتدارك خطر الاقتتال إذا ما حدث، والحشود الكبيرة على أبواب مدينة الحديدة ذات الأهمية الإستراتيجية ومينائها الرئيسي الذي يغذي مايقارب 80%من حاجيات ملايين اليمنيين من الغذاء والدواء، ناهيك عن موقع المدينة المقلق للملاحة الدولية". 

وأردف أن اتفاق ستوكهولم جاء لدواعي إنسانية، و"لذا على الأمم المتحدة، أن تكون أكثر جدية في حسم خلاف مخرجات السويد، وتنفيذها على أرض الواقع، بما يتماشى مع إرضاء قطبي الصراع في اليمن من جهة، وتجاذب الأطراف الإقليمية والدولية، من جهة أخرى".

اقرأ/ي أيضًا: التحالف السعودي يستهدف طلاب المدارس في اليمن.. استمرار مسلسل الدم

ولفت المحلل اليمني، إلى أن بنود اتفاق ستوكهولم، لها عده قراءات كما يراها الفرقاء اليمنيون أنفسهم. حيث إن كل طرف يفسر بنود الاتفاق على هواه، مبينًا أن مؤشرات التوصل إلى نقلة فعلية في الحديدة لتنفيذ الاتفاق على الواقع لا تبشر بخير. حيث إن الهدنة ما زالت مخترقة في ظل اتهامات كل طرف للآخر في خرقها، وصمت المبعوث الأممي مارتن جريفيث، ومندوبه الجنرال باتريك كاميرت، المتواجد في مدينة الحديدة منذ أكثر من 30 يومًا".

جاء اتفاق ستوكهولم  لدواعي إنسانية، ولذا على الأمم المتحدة، أن تكون أكثر جدية في حسم خلاف مخرجاته

وكان العام الفائت، قاسيًا على اليمنيين بشكل عام وعلى مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر بشكل خاص، بسبب الحرب والمجاعة التي لا تنفك منظمات حقوقية وأممية تتخوف من توسعها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

اليمن على حافة المجاعة.. التحالف السعودي يحول البلاد إلى مقبرة

آخر جرائم السعودية في اليمن.. تهجير قسري لأكثر من 121 ألف مدني من الحديدة