في مشهد يعيد التذكير بالحِراك الذي استبق الإعلان عن التوصّل لوقف إطلاق النار في لبنان، أفادت تقارير صحفية بأنه من المقرر أن يتوجه وزير الشؤون الاستراتيجية في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، رون ديرمر، إلى الولايات المتحدة، في وقت لاحق من الأسبوع الجاري، يتخللها إجراء محادثات مع إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، لكن من غير المعروف إن كان سيلتقي بالرئيس المُنتخب، دونالد ترامب، وذلك في ظل عودة الأحاديث المرتبطة بإمكانية التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار محتمل في قطاع غزة، والذي يواجه حرب إبادة جماعية يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ نحو 14 شهرًا.
وكانت القاهرة قد قدمت مقترحًا جديدًا لوقف إطلاق النار في غزة شبيه بالاتفاق الذي أنهى العدوان الإسرائيلي على لبنان الأسبوع الماضي، وبحسب المصادر التي تحدثت لـ"التلفزيون العربي"، فإن "المقترح الجديد يناقش الانسحاب التدريجي للقوات الإسرائيلية من غزة، كما يبحث تشكيل لجنة دولية برئاسة الولايات المتحدة للإشراف على وقف إطلاق النار"، في الوقت الذي أكدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" استعدادها "تقديم تسهيلات" لإنجاز الاتفاق.
وضمن هذا السياق، لا يمكن تجاهل رسالة المحتجز الإسرائيلي حامل الجنسية الأميركية، عيدان ألكساندر، التي خاطب فيها ترامب بالقول: "يرجى استخدام نفوذكم كرئيس الولايات المتحدة، وبكل الطرق للتفاوض من أجل حريتنا"، والتي جاءت بعد تصريحات السيناتور الجمهوري المقرب من ترامب، ليندسي غراهام، لموقع "أكسيوس" أكد فيها أنه يريد التوصل إلى صفقة لوقف إطلاق النار في غزة قبل توليه مهامه رسميًا في البيت الأبيض.
تشير تسريبات الإعلام العبري إلى أنه "يسود تفاؤل حذر في إسرائيل" بشأن التوصل لصفقة تفضي لإطلاق سراح المحتجزين في غزة
وعلى خلفية المحادثات التي تجري في القاهرة بين فصائل المقاومة الفلسطينية والمسؤولين المصريين، تشير تسريبات صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية إلى أنه "يسود تفاؤل حذر في إسرائيل" بشأن التوصل لصفقة تفضي لإطلاق سراح المحتجزين في غزة، مضيفة أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطًا على حكومة الاحتلال للدفع نحو إتمام الصفقة.
ويستند "تفاؤل" الصحيفة العبرية إلى أربع نقاط رئيسية تلخصها باحتمال "انعكاس وقف إطلاق النار في لبنان على غزة"، بالإضافة إلى "قلق حماس من أن تُترك بمفردها وتخشى من احتمال أن يزيد الجيش الإسرائيلي قواته في غزة، بعد وقف إطلاق النار في لبنان"، وكذلك "دعم ترامب لخطوة الرئيس الأميركي، جو بايدن، والإرهاق لدى الجميع" من العدوان المتواصل على غزة.
وقالت إذاعة جيش الاحتلال إن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أجرى، أمس الأحد، مشاورات أمنية مع مختلف الجهات المسؤولة عن قضية المحتجزين في غزة، مضيفة أن المسؤولين المصريين "طالبوا حماس بالموافقة على بقاء الجيش الإسرائيلي في جزء من القطاع"، وفي مقابل ذلك ينبغي على الاحتلال الإسرائيلي "إبداء مرونة أكبر في قضية الأسرى الفلسطينيين"، مشيرة إلى أن ذلك سيفرض "اتخاذ قرارات صعبة"، وأن وقت إطلاق النار سيكون لعدة أسابيع، على أن تستمر المفاوضات خلالها لبحث إنهاء العدوان.
ليس من تصفهم إسرائيل بالمعادين هم من يتهمونها فقط بتنفيذ جريمة التطهير العرقي والإبادة الجماعية في #غزة، بل توجد أصوات إسرائيلية تعترف بحقيقة تنفيذ دولة الاحتلال لجريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان في غزة.
📌 آخر هذه الأصوات كان وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق "موشيه يعلون" الذي… pic.twitter.com/4e3TGfquux
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) December 1, 2024
وعلى ضوء التقارير الأخيرة التي يُقرأ منها إحراز تقدم محدود في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، يرى الباحث السياسي، محمد الأخرس، في حديثه لموقع "العربي الجديد"، إنه "لأول مرة منذ بداية حرب غزة، فإن هناك فرصة حقيقية لإنهائها، بالنظر إلى مجموعة من المعطيات السياسية والإقليمية ذات الأهمية"، ويضيف موضحًا أن "الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه السياسية داخل القطاع، فلم يتمكن من تمرير أفكاره السياسية المرتبطة باليوم التالي؛ سواء المتعلقة بتوزيع المساعدات أو إيجاد منظومات حكم بديلة من العملاء وقطاع الطرق".
وبيّن الأخرس في حديثه أن قضية المحتجزين تحوّلت إلى "معضلة استراتيجية، فالاحتلال غير قادر على تجزئة هذا الملف أو معالجته أمنيًا، ما يجبره على التعامل معه من منظور سياسي عبر المفاوضات"، مشيرًا إلى أن "العامل الأميركي حاسم في تحديد مسارات الحرب"، مرجعًا ذلك إلى إدارة بايدن التي "تسعى لتحقيق إرث سياسي"، واستعجال ترامب "حسم" المفاوضات، ويضيف منوهًا إلى "وجود قناعة لدى إدارة بايدن بأن حرب غزة انتهت عمليًا، وحاجة لمسار سياسي يؤدي إلى تغيير الواقع داخل القطاع".
ويعتبر الأخرس أن "الأوضاع السياسية داخل دولة الاحتلال بعد اتفاق لبنان أسهمت في إخراج الاحتلال من سكرة القوة، مع انهيار فكرة النصر المطلق والمناطق العازلة وغيرها من المقولات المتضخمة التي كان يجرى الحديث عنها"، معيدًا التذكير بأن "أصل المشكلة بين نتنياهو والمؤسسة الأمنية حول اتفاق 2 تموز/يوليو الماضي كان يتمحور حول ادّعاء نتنياهو أن توقف الحرب سيعني استحالة استئنافها لاحقًا، ومع ذلك، استخدم نتنياهو المنطق نفسه لتبرير الاتفاق مع لبنان".