27-يونيو-2022
طفل يجلس على مقعد ويشعر بالحيرة

التأتأة قد تصيب الأطفال وذويهم بالإحباط (Getty)

التأتأة عند الأطفال

يبحث العديد من الأهل عن طرق علاج التأتأة عند الأطفال باعتبارها واحدةً من المشاكل المؤرقة لهم والمُسبّبة للكثير من الحرج. والتأتأة أو التلعثم هو عبارة عن اضطراب في نمط الكلام الطبيعي، يظهر بصور مختلفة؛ إذ يمكن أن يكون على شكل تكرار بعض الألفاظ والمقاطع أو تمديد بعض الحروف، كما يظهر أحيانًا على شكل انقطاع متكرر للكلام أو الأحرف.

الأطفال معرضون أكثر من سواهم للإصابة باضطرابات في نمط الكلام الطبيعي مثل التأتأة أو التلعثم 

الحقيقة أن هذا الاضطراب يظهر في أيّ عمر ولأي شخصّ؛ إلا إنه أكثر شيوعًا عند الأطفال الصغار في المراحل العمرية المُبكرة، ويلاحظ ظهوره عند الأولاد الذكور أكثر من الإناث، كما يبدأ في الظهور من عمر الـ 18- 24 شهرًا، فضلًا عن أنه يظهر بشكلٍ أوضحٍ في عمر الـ 5 سنوات.

أهم المعلومات عن التأتأة عند الأطفال

التأتأة عند الأطفال من المشاكل الشائعة؛ إذ تُصيب طفلًا من بين كل 5 أطفال في مراحلهم العمرية المختلفة، كما تُشير بعض الإحصائيات إلى إصابة طفل من كل 20 طفلًا باضطراب التلعثم لأكثر من 6 أشهر، لكن الإصابة بالتلعثم لمدة تزيد عن 6 أشهر لا يعني أن الطفل سيعاني من هذه المشكلة طوال حياته؛ فقد تكون مجرّد جزء طبيعي من تعلّم الكلمات واستخدام اللغة التي يتم التخلص منها طبيعيًا ودون أيّ تدخلٍ في معظم الحالات وبنسبة تصل إلى 50-80%. لكن في بعض الحالات تُسبب التأتأة مشاكل للطفل على مدى الحياة بمختلف المراحل العمرية، كما تسبب له مشاكلًا في الدراسة والتواصل مع الآخرين، وهذه الحالات تحتاج لخُطط علاجية متنوعة، سواءً على يد مختص أو علاج التأتأة منزليًا.

طفلة تكتب

ما هي أعراض التأتأة عند الأطفال؟

قبل الحديث عن علاج التأتأة عند الأطفال يجب التعرّف عليها من خلال الأعراض الأساسية التي تسببها؛ إذ تسبب مجموعةً من الأعراض المُتفاوتة من شخص لآخر، ومن أهم هذه الأعراض:

  • صعوبة بدء الكلمة أو الجملة.
  • إطالة الكلمة أو المقطع أو بعض الأحرف.
  • التوقّف خلال النطق بالكلمات مع وجود بعض المقاطع المفقودة.
  • إضافة بعض الكلمات أو المقاطع الإضافية للكلمة؛ مثل عبارة "اممم…" أو غيرها من المقاطع.
  • صعوبة التواصل المباشر مع الآخرين، وهذا يسبب لهم العزلة.
  • تصلُّب الوجه والمناطق العلوية من الجسم بسبب الضغط على هذه الأعضاء.

أعراض أقل ظهورًا

بعض حالات التأتأة يُصاحبها مجموعة من الأعراض الأقل ظهورًا؛ إلا إنها حالات يجدر الإشارة لها كونها موجودة بالفعل، ومن هذه الأعراض:

  • التشنجات اللاإرادية في الرقبة والوجه.
  • الوميض السريع في العينين.
  • انقباض عضلات الوجه واليدين الناتج عن التوتر.
  • ارتجاف الفك والشفتين.
  •  

أسباب التأتأة عند الأطفال

يحدث التلعثم أو التأتأة نتيجة مجموعة من العوامل بحسب الخبراء، وإن تحديد السبب الفعلي يساعد كثيرًا في علاج التأتأة عند الأطفال. من أهم أسباب التأتأة عند الأطفال يُذكر ما يلي:

  • العوامل الوراثية: لم يتم حسم الجدال حول كون التأتأة مرضًا وراثيًا؛ لأنه لم يتم تحديد وجود جينات معينة موجودة عند المصابين؛ إلا إن قُرابة 60% من المصابين لديهم أقارب يعانون من التأتأة.
  • مشاكل اللغة: بعض الأطفال الذين يعانون من مشاكل في اللغة والكلام مُعرّضين بشكلٍ أكبرٍ للإصابة بالتلعثم.
طفلة تلعب
  • الفسيولوجيا العصبية: بعض المُصابين بالتلعثم تتم معالجة اللغة لديهم بأجزاء مختلفة من الدماغ تختلف عن الأطفال الآخرين، وهذا يسبب تفاعلات تؤثر على عضلات الكلام.
  • الظروف العائلية: بعض الأطفال الذين يعانون من التأتأة يصابون بها نتيجة التوقعات العائلية الكبيرة التي تتخطّى قدرات الطفل.

عوامل الخطر

تؤثر بعض العوامل دون غيرها على إصابة الأطفال بالتأتأة، ومن أهم هذه العوامل ما يلي:

  • الجنس: تُشير الدراسات إلى أن الذكور أكثر عُرضة للتأتأة من البنات، كما تشير التقارير أن الرجال أكثر عرضة للتأتأة بمعدل أربع مرات من النساء، فيما ذكرت دراسات أُخرى أن الفتيات أكثر تفاعلاً واستجابةً للعلاج من الأولاد.
  • العمر: الأطفال المُصابون بالتأتأة قبل سن الثالثة أكثر قدرةً على التغلّب عليها من المُصابين في أعمار متقدمة.
  • وجود مصابين في الأسرة: يتأثر الأطفال المصابين بالتأتأة بشكلٍ أكبر في حال إصابة أحد أفراد أسرتهم بالتأتأة.

أنواع التلعثم عند الأطفال

إن تنوّع أسباب التلعثم في الكلام عند الأطفال يُسبّب اختلافًا في أنواعها؛ فعند البحث عن علاج التأتأة عند الأطفال يجب تحديد النوع المؤثر على الطفل، وهذا يساعد في تحديد طرق العلاج بشكل أكبر، وهذه الأنواع هي:

  • التلعثم التنموي: هذا النوع من التأتأة يظهر تدريجيًا في الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3-8 سنوات، ويُطلق عليه النوع التطوري دلالةً على حدوثه وقت تطوير الطفل لمهاراته اللغوية، وتظهر على الطفل مشاكلًا في توقيت الكلام وتكون بشكلٍ واضحٍ عندما يتحدث الطفل على الهاتف أو أمام مجموعة؛ بالرغم من قدرته على الكلام بصورة طبيعية عند الحديث بمفرده.
  • التلعثم العصبي: وهو نوعٌ أقل شيوعًا ويحدث نتيجة إصابة دماغ الطفل؛ مثل سقوطه من منطقة مرتفعة، أو تعرضه لحادثٍ مُعيّن.
  • التلعثم النفسي: وهو نوعٌ نادر الحدوث ويُصيب عادةً البالغين نتيجة تعرضهم لصدمة عاطفية أو إصابتهم بمرضٍ نفسي، ويحدث على شكل تكرار الجزء الأول من الكلمة عِدّة مرّات وبشكلٍ سريع.

 

حالات التلعثم الخطيرة

بعض حالات التأتأة تتطوّر مستقبلًا وتؤثر على الطفل في سنوات الدراسة، وهذه الحالات يُصاحبها مجموعةً من الأعراض التي تُنذر بكونها خَطِرة أو قابلة للتطور في المستقبل، ومن هذه الأعراض:

  • توتر عضلات الوجه.
  • ارتفاع حِدّة الصوت.
  • التوتر والجهد الكبير أثناء محاولة الكلام.
  • تغيير الكلمات أو استخدام أصوات إضافية في محاولة الطفل لتجنّب التأتأة.
طفل يعاني من صدمة نفسية
الصدمة العاطفية والنفسية قد تؤدي إلى الإصابة باضطراب التأتأة (Getty)

تشخيص التأتأة عند الأطفال

لا يوجد علاجٌ فعليٌّ للتأتأة في الوقت الحالي ولم يتم الموافقة على أيّ علاجٍ بعد، لكن أخصائيي النُطق يعملون مع الطفل لتطوير بعض التقنيات التي تساعد الطفل على الكلام السليم، كما يحاول الأطباء التفريق بين الحالات الطبيعية التي تشفى من تلقاء نفسها وبين الحالات التي ستحتاج لعلاج أو مساعدة على الأقل من الأهل؛ لذا فإن أول خطوة في العلاج تبدأ في التشخيص المُبكر، ويتم البحث عن بعض العلامات التي تظهر على الطفل في مراحلٍ مُعينة وتدل على تأثره على المدى البعيد أو حاجته للمساعدة. 

يتم تشخيص التأتأة عن طريق اخصائي أمراض النطق؛ إذ يبحث عن مجموعة من العلامات الظاهرة على الطفل؛ أهمها وقت ظهور المشكلة، وكذلك تأثير التأتأة على حياة الطفل ودراسته وعلى قراءته، وقد تظهر عليه مجموعة من العلامات؛ أهمها:

  • ازدياد أعراض التأتأة سوءًا مع مرور الوقت.
  • التأتأة المتزامنة مع حركات الوجه والجسم.
  • الشعور بالصعوبة والإرهاق أثناء الكلام.
  • تجنّب الحديث مع الآخرين وأمام الجميع.
  • التوتر الذي يسبب ارتفاع حِدّة الصوت.
  • استمرار التأتأة بعد بلوغ الطفل عامه الخامس.

كيفية علاج التأتأة عند الأطفال

لا يستطيع المختص علاج التأتأة عند الطفل بشكلٍ نهائي عن طريق الأدوية، لكن يمكن اتباع بعض الأساليب والطرق لمساعدة الطفل على التخلص من المشكلة، ومن هذه الطرق:

  • علاج النطق: يمكن ممارسة بعض تمارين النطق لمساعدة الطفل على إبطاء حديثة والتكلّم بطلاقة مع مرور الوقت.
  • العلاج السلوكي المعرفي: يمكن مساعدة الطفل على تقليل توتره وقلقه وتعزيز ثقته بنفسه واحترامه لذاته؛ للتخلص من التأتأة.
  • تفاعل الوالدين مع الطفل: يعمل الطبيب على إعطاء الوالدين مجموعةً من التقنيات المُساعِدة التي يمكن ممارستها مع الطفل لتجاوز المشكلة.
تفاعل الوالد مع طفله عبر القراءة
  • الأجهزة الإلكترونية: يمكن استخدام الأجهزة الإلكترونية لمساعدة الطفل على الكلام؛ ذلك عن طريق بعض التمارين الخاصة بالكلام.
  • الأدوية: تمّ استخدام مجموعةٌ من الأدوية لعلاج التأتأة لكن إلى الآن لم تُثبت فعاليتها.

علاج التأتأة المفاجئة عند الأطفال

بعض حالات التأتأة تظهر بشكل مفاجئ عند الطفل، وتكون نتيجة تعرضه لضغط أو توتر نفسي أو لمشكلة ما، ولا تختلف طرق علاجها والتعامل معها عن حالات التأتأة الأُخرى، ويمكن علاج التأتأة عند الأطفال منزليًا دون تدخلٍ طبيٍّ عن طريق بعض الممارسات التي تساعد الطفل على تجاوز التأتأة، ومن هذه الطرق:

  • خلق فرص مريحة وممتعة للحديث مع الطفل.
  • البحث عن أوقات للحديث مع الطفل دون مُشتتات كالتلفزيون أو الأجهزة اللوحية، مثل مشاركتهم الحديث على العشاء أو في السيارة. 
  • عدم انتقاد الطفل أو الإصرار على النطق السليم.
  • عدم الضغط على الطفل للتفاعل اللفظي وتشجيعه على الأنشطة التي لا تتطلب تفاعلًا لفظيًا.
  • الاستماع إلى الطفل باهتمام مع الحفاظ على التواصل البصري دون إظهار أي من علامات الإحباط.
  • تجنّب ردود الأفعال السلبية عند تأتأة الطفل وعدم تصحيح كلامه.
  • تجنّب العبارات المُحبطة التي تظهر وكأنها مساعدة للطفل؛ مثل تنفّسْ ببطء أو تمهّل أثناء الكلام.