يناقش المشروعون الفرنسيون في الجمعية الوطنية، اليوم الثلاثاء، مجموعة من المقترحات، أبرزها مقترح حجب الثقة عن رئيس الحكومة، ميشال بارنييه، على خلفية محاولته تمرير مشروع قانون تمويل الضمان الاجتماعي عبر المادة 49.3 التي تُجيز تمرير القانون دون العودة إلى الجمعية للتصويت عليه، حيثُ من المتوقع أن يحظى مقترح حجب الثقة بموافقة الجبهة الشعبية اليسارية والجبهة الوطنية اليمينية، مما يجعل من بارنييه أقصر رئيس وزراء في تاريخ فرنسا الحديث منذ عام 1962، في حال تم ذلك، وفقًا لموقع "بوليتيكو".
وكان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قد كلف بارنييه بتشكيل الحكومة الفرنسية في أيلول/سبتمبر الماضي بعد فراغ دام أكثر من شهرين بسبب رفض ماكرون اختيار مرشح من الجبهة الشعبية الجديدة، مع مهمة مستحيلة تتمثل بتمرير ميزانية عام 2025 التي تهدف إلى خفض العجز العام عبر زيادة ضريبية بما يقارب 60 مليار دولار، فضلًا عن خفض الإنفاق، وهو ما رفضه اليسار واليمين المتطرف، بحسب تقارير مختلفة.
وتعليقًا على مقترح حجب الثقة عن حكومته، قال بارنييه: "نحن أمام لحظة حقيقة تضع الجميع أمام مسؤولياتهم. أعتقد أن الفرنسيين لن يغفروا لنا على تفضيل مصالح معينة على مستقبل الأمة"، وهو ما دفع زعيمة الجبهة الوطنية، ماريان لوبان، إلى الرد بالقول: "لم يرغب السيد بارنييه في الاستجابة لطلب 11 مليون ناخب من التجمع الوطني"، وأضافت "قال إن الجميع يجب أن يتحملوا مسؤولياتهم. سنتحمل مسؤولياتنا"، وفقًا لصحيفة "لوموند" الفرنسية.
سيتسبّب تصويت الجمعية الوطنية على مقترح حجب الثقة في إدخال فرنسا في حالة عدم الاستقرار السياسي مجهولة التوقعات والعواقب
وفي إشارة غير مباشرة إلى التنازلات التي قدمها بارنييه للجبهة اليمينية، قال في كلمته "عملت جاهدًا على الانخراط في حوار مع جميع المجموعات السياسية، مع البقاء دائمًا منفتحًا ومستعدًا للاستماع".
وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية، فإن لوبان مارست ضغوطًا قصوى على بارنييه، مما مكنها من الحصول في أقل من أسبوع على ضمانات بعدم زيادة الضرائب على الكهرباء، وخفض المساعدات الطبية الحكومية للأجانب، والتخلي عن سداد أقل لكلفة الأدوية، كما طالبت باتخاذ إجراءات بشأن زيادة معاشات التقاعد.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدر مقرب من بارنييه قوله إن رئيس الوزراء قدم تنازلات كبيرة للوبان، مضيفًا "هل هي مستعدة للتضحية بكل المكاسب التي حصلت عليها؟"، في إشارة إلى أن التصويت لإسقاط الحكومة يعني خسارتها للتنازلات التي حصلت عليها. وبحسب المصدر، فإنه إذا تم التصويت على حجب الثقة، فسيتعين على بارنييه تقديم استقالته.
لكن المصدر يضيف أن ماكرون قد يطلب من بارنييه البقاء في دور تصريف الأعمال للتعامل مع الأعمال اليومية، بينما يسعى إلى اختيار رئيس وزراء جديد، وهو ما قد يحدث العام المقبل. وأوضح المصدر أن أحد الخيارات المطروحة أمام ماكرون تسمية حكومة تكنوقراط بلا برنامج سياسي، على أمل أن يساعد ذلك في النجاة من تصويت حجب الثقة، مشيرًا إلى أنه في جميع الأحوال، لا يمكن إجراء انتخابات برلمانية مبكرة جديدة قبل تموز/يوليو المقبل.
بعد أكثر من 20 عامًا على انضمام رومانيا إلى التحالف الغربي، يعود اليمين المتطرف إلى واجهة الحياة السياسية، محدثًا صدمة على المستوى الأوروبي ومطيحًا بالتحالفات السياسية التقليدية.
تقرير @wael_kays https://t.co/MqlgxpyfHv— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) December 3, 2024
وفي تعليقها على حالة عدم الاستقرار السياسي التي سيتسبّب بها تصويت الجمعية الوطنية على مقترح حجب الثقة، تقول المؤرخة الفرنسية، نيكول باشاران، لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية: "لن يكون لدينا ميزانية، ولن تكون لدينا حكومة. لا يوجد إحساس باليوم التالي"، مضيفة: "ليس لدينا أي فكرة عما سيحدث"، وهو ما من شأنه أن يلقي بالبلاد في منطقة سياسية وقانونية واقتصادية مجهولة التوقعات والعواقب.
من جهته، يصف أستاذ العلوم السياسية، فنسنت مارتيني، الجمعية الوطنية اليوم بأنه "نوع من ائتلاف الفوضى"، لافتًا إلى أن هذا الائتلاف "مزيج من الغضب والرغبة والاغتيال سياسي الذي يصل إلى نقطة يصبح فيها الناس غير قادرين حتى على التفكير في الخطوة التالية"، مضيفًا "إنهم يفكرون في تنفيذها فقط"، في إشارة إلى التصويت على حجب الثقة، فهو يرى أنه لا يوجد وسيلة يمكنها أن تساعد على منع ذلك.
وكان ماكرون قد اختار بارنييه لتشكيل الحكومة في محاولة لكسر الجمود السياسي، لكن هذه الخطوة أثارت غضب الجبهة الشعبية الجديدة، التي لديها أكبر عدد من المقاعد في الجمعية الوطنية، وتعارض بشدة السياسات الاقتصادية للحكومة، ومنذ ذلك الحين تعهدت الجبهة اليسارية بالإطاحة بحكومة بارنييه، لكن ذلك كان يحتاج دعمًا من الجبهة الوطنية التي تحظى بأغلبية مقاعد الجمعية الوطنية.