12-أبريل-2021

عيادة تلقيح في مركز إسلامي في كندا (Getty)

على مقربة من بداية شهر رمضان كثر الحديث حول تلقي المسلمين أثناء صوم رمضان للقاح المضاد لفيروس كورونا، وإن كان يعتبر اللقاح من مسببات إبطال الصيام أم يمكن للصائم تلقي اللقاح دون أن يؤثر ذلك على صيامه. كما دارت الأحاديث في كثير من الدول العربية والإسلامية، وغيرها من الدول حيث تعيش جاليات مسلمة، وعلى لسان رجال دين مسلمين، وتم تداول العديد من الآراء في هذا الشأن، سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أم من خلال الخطب في المساجد، أو من خلال الأحاديث المباشرة بين رجال الدين وعموم الناس.

بسبب انتشار الكثير من المعلومات المغلوطة والمضللة بالنسبة للرأي الشرعي الإسلامي في حكم لقاح كورونا وتأثيره على الصيام، أجابت الكثير من المرجعيات الشرعية الإسلامية، ومن بينها الأزهر، باستفاضة حول هذه المسألة

كما بدا من اللافت حجم الدعوة من قبل العديد من رجال الدين المسلمين في البلدان الغربية من أجل تلقي اللقاح، وكذلك التعاون بين المؤسسات الدينية الإسلامية مع الهيئات المحلية والسلطات الحكومية في تلك البلدان من أجل نشر الوعي حول اللقاح في شهر رمضان. فقد تحدثت وكالة الأسوشيتد برس عن عدة أمثلة للتعاون في هذا المجال، ففي ولاية يوتا الأمريكية أقامت رابطة يوتا المدنية الإسلامية شراكة مع إدارة الصحة في مقاطعة سولت ليك لتشغيل عيادتين للتطعيم، بما في ذلك عيادة في مسجد أقيم قبل شهر رمضان.كما نظمت المجموعة نقاشًا افتراضيًا ضم أئمة ومهنيين صحيين لمناقشة القضايا المحيطة بالتطعيم والصيام. وأقامت عضوة في مجلس مدينة لويستون، وهي شابة مسلمة تدعى صفية خالد، ندوة افتراضية وفتحت النقاش مع شبان مسلمين حول المسألة، وقالت "يجب أن نحمي أسرتنا ومجتمعنا، ويجب أن نتواصل أكثر"، وأشارت إلى كونها تلقت الجرعة الأولى من اللقاح وستتلقى الجرعة الثانية في شهر رمضان.

اقرأ/ي أيضًا: الحكم "المخفف" على قاتل هاجر العاصي يثير غضب الناشطين والمغردين في الكويت

فيما قال إمام مركز مجتمع المسلمين في ولاية ماين الأمريكية، الشيخ محمود محمد، والذي يعمل على طمأنة المسلمين في مسجده وترويج خطاب بأن الحصول على اللقاح أثناء الصيام أمر لا يفطر المسلم، "أن بعض الناس يتشبثون بالتصورات الخاطئة والمعلومات المغلوطة المنشورة حول المسألة"، حسب ما نقلت عنه وكالة الأسوشيتد برس. وأضاف في حديثه حول المسألة "هناك الكثير من المعلومات السيئة التي تدور حول القضية"، وأشار إلى أن هناك عيادة متنقلة تم استحداثها داخل المسجد من أجل التطعيم  بلقاح كورونا.

وفي جزيرة ستاتن في نيويورك، قال الإمام طاهر كوكاج، الذي كان مسجده يدير توزيع مئات اللقاحات بالتعاون مع السلطات في نيويورك، بأنه سمع كل أنواع المفاهيم الخاطئة حول اللقاحات، وأن بعض "الناس يميلون إلى تصديق الهراء بدلاً من الحقائق". وأشار إلى أن تعاليم الإسلام الأساسية تؤكد على حماية الأخرين، وبرأيه فالمسلمين يتعلمون فعل كل ما في وسعهم لإنقاذ الأرواح. وتابع بالقول "الحصول على التطعيم هو وسيلة للقيام بذلك، بالطبع، علينا أن ننقذ حياتنا أولاً".

وذهب رئيس الجمعية الصحية الإسلامية الأمريكية، الدكتور حسن شنواني، بخطاب متقدم حين قال أنه يشجع الجميع على تناول لقاح ضد كورونا حتى لو كان ذلك يعني التخلي عن الصيام في أحد أيام شهر رمضان. في ذات السياق، وفيما يتعلق بالطب والصيام، وهي مسألة قديمة جدًا وتعتبر مثار جدل طويل، قال أخصائي العلاج التنفسي في مستشفى بورتلاند ومنسق خدمة المجتمع في مركز مجتمع المسلمين في ولاية ماين، أحمد عبد الرحمن "إذا لم تصم يوم واحد بسبب آثار اللقاح، فهذا ليس عملاً خاطئًا" وأضاف "حماية الأرواح هي الهدف النهائي في الإسلام" بحسب ما نقلت الأسوشيتد برس.

في ذات الاتجاه قال مفتي الجمهورية اللبنانية، عبد اللطيف دريان بأنه "كثر السؤال عن حكم فحص الكورونا ولقاحه بالنسبة إلى الصائم، هل يفطر بهما أم لا؟"، وأضاف "بعد الإطلاع على سبل إجراء فحص الكورونا، أو ما يعرف بالـpcr تبين أن الأداة المستعملة فيه جافة ولا تصل الى حدود ما يسمى دوفا في عرف الشرع، لأن الفطر إنما يكون في وصول عين إلى الجوف من منفذ مفتوح"، وعليه فإن اختبار الكورونا لا يفسد الصوم. وأما بالنسبة إلى حقن اللقاح، فإنها "لا تفطر سواء أكانت في العضل أم الوريد، إلا إذا كانت حقنة المصل على وجه التغذية، وعليه فإن اللقاحات المضادة لمرض الكورونا غير مفطرة والله تعالى أعلم".

وأوضح مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، أن التطعيم ضد فيروس كورونا "لا يفطر الصائم" وذلك ما دام أن اللقاح المستخدم في التطعيم يدخل بدنه عن طريق الجلد بالحقن، حيث أن الجلد ليس منفذًا للجوف، "وإن كان الأولى تأخيره لما بعد الإفطار". وأضاف توضيح الأزهر "اللقاحات والتطعيمات بهذا الشكل ليست أكلًا ولا شربًا ولا هي في معناهما، حيث أن تعاطيها يكون عن طريق الحقن بالإبرة في الوريد أو العضل أو في أي موضع من مواضع ظاهر البدن ليس من المنفذ الطبيعي المعتاد كالفم والأنف المفتوحان ظاهرًا؛ ومن ثمَّ؛ لا يفطر الصائم بها".

ولا يعد هذا الاستفسار والجدل في أوساط المسلمين حول الرأي الشرعي فيما يخص اللقاحات المضادة لكورونا الأول من نوعه، فقد سبق أن حدثت نقاشات حول تحليل أو تحريم اللقاح نظرًا للحديث الذي شاع أواخر سنة 2020 عن حرمة بعض مكونات اللقاح. كما سبق لشيخ الأزهر، الشيخ الدكتور أحمد الطيب، أن أصدر عدة تصريحات عبر صفحاته الرسمية في منصات التواصل الاجتماعي، داعيًا فيها إلى انتهاج سياسة عادلة في توزيع اللقاحات بما يشمل الفقراء واللاجئين، وأشاد بالجهود العلمية في تطوير اللقاح. 

 

اقرأ/ي أيضًا: