13-أبريل-2019

لم تعطل العقوبات الأمريكية مساعي حزب الله الإقليمية (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية جديدة على شركة صرافة لبنانية بتهمة تبييض الأموال لصالح حزب الله اللبناني في إطار سلسلة من العقوبات الاقتصادية التي تستهدف عبرها واشنطن الكيانات والأشخاص الذين لهم صلات مع الحزب اللبناني، في الوقت الذي تقول تقارير صحفية إن واشنطن تتجه لفرض عقوبات جديدة ضد الكيانات المرتبطة بتحالفات مع حزب الله في المشهد السياسي اللبناني.

تسود حالة من الخوف داخل لبنان من أن تمتد العقوبات الاقتصادية الأمريكية لتشمل مؤسسات وكيانات مالية واقتصادية لبنانية قد يكون لها ارتباطات مباشرة أو غير مباشرة مع حزب الله

عقوبات اقتصادية.. وحظر لأذرع حزب الله في بريطانيا

قالت وزراة الخزانة الأمريكية الخميس الماضي إنها أدرجت على القائمة السوداء للعقوبات الاقتصادية شركة شمص للصرافة مع مالكها قاسم شمص، وأضافت الخزانة الأمريكية في بيانها أن الشركة تعمل على تبييض أموال ضخمة من تجارة المخدرات حول العالم بملايين الدولارات شهريًا، وتقوم بعدها بتسهيل نقل الأموال لصالح حزب الله.

اقرأ/ي أيضًا: عقوبات بريطانية ضد حزب الله والحكومة اللبنانية تنأى بنفسها

وتأتي العقوبات الأخيرة التي فرضتها واشنطن على الشركة اللبنانية في سياق مجموعة من العقوبات، التي بدأتها مع حلفائها الخليجيين والدول الغربية لتقويض نفوذ حزب الله الإقليمي، فقد أعلنت الحكومة البريطانية الشهر الماضي حظر جميع أذرع حزب الله الداخلية والخارجية، بعدما كان الحظر مقتصرًا على وحدة الأمن الخارجي، والجناح العسكري، فيما شمل الحظر الجديد الجناح السياسي أيضًا.

ومنذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للبيت الأبيض، شددت واشنطن من حجم العقوبات الاقتصادية المفروضة على حزب الله (المدرج على لائحة المنظمات الإرهابية) بسبب مواقفه الموالية للنظام الإيراني، فقد استهدفت الخزانة الأمريكية خلال العامين الماضيين عشرات الكيانات والأشخاص المرتبطة أسماؤها بتقديم الدعم المالي لحزب الله، أو حتى قياديين في الحزب عينه كان من بينهم أمينه العام حسن نصر الله ونائبه نعيم قاسم.

هل تؤثر العقوبات الاقتصادية على حزب الله؟

كان  نصر الله واضحًا خلال كلمته الشهر الماضي عندما كشف بشكل غير مباشر عن تأثر الحزب بالعقوبات الاقتصادية التي تستهدفه، بعدما دعا أنصاره للتبرع بالمال من أجل تمويل أنشطته، فقد تأثر الحزب كما باقي الجماعات المسلحة التي تتلقى دعمًا من النظام الإيراني نتيجة إلغاء ترامب للاتفاق النووي الإيراني، وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية مع تشديدها على طهران العام الفائت.

في هذا السياق، تحدثت تقارير صحفية عن أن مقاتلي حزب الله حصلوا خلال شهر شباط/فبراير الماضي على رواتبهم الشهرية فقط، دون أن تُصرف لهم كما جرت العادة المكافآت، والحصص المالية المخصصة للزوجة والأولاد، وباقي الميزات التي كانوا يحصلون عليها مثل مهام السفر إلى خارج لبنان، حيثُ بدأ الحزب خلال الفترة الماضية بإعادة تنظيم الأمور المالية نظرًا لما يتوقعه من عقوبات اقتصادية، قد تكون أسوأ من التي سبقتها، وتقدر ميزانية الحزب السنوية وفقًا للمصادر الأمريكية بـ700 مليون دولار أمريكي.

وخلال زيارة أجراها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى بيروت صرح بأن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن على إيران وحزب الله حققت نجاحها بإضعاف الطرفين اقتصاديًا، ويرى مراقبون أن العقوبات من شأنها أن تؤدي إلى انهيار الاقتصاد اللبناني قبل أن تؤثر على موارد الحزب المالية، نظرًا لامتلاك الكتلة البرلمانية المتحالف معها 70 من أصل 128 مقعدًا في البرلمان اللبناني، ولديه ثلاثة وزراء من أصل 30 وزيرًا في الحكومة.

وتسود حالة من الخوف داخل لبنان من أن تمتد العقوبات الاقتصادية الأمريكية لتشمل مؤسسات وكيانات مالية واقتصادية لبنانية قد يكون لها ارتباطات مباشرة أو غير مباشرة مع حزب الله، لكن خبراء اقتصاد قللوا من إحتمالية حدوث ذلك لأن الحزب يتجنب التعامل مع النظام المصرفي اللبناني، والأموال التي يحصل عليها يقوم بصرفها نقدًا.

هل نجحت العقوبات الاقتصادية بتقويض نفوذ حزب الله؟

تقول واشنطن إن هدفها تقويض نفوذ إيران من خلال فرضها العقوبات الاقتصادية على طهران مع الجماعات المسلحة التي تتلقى دعمًا ماليًا منها، ويعتبر حزب الله اللبناني واحدًا من أبرز حلفاء النظام الإيراني الإقليميين، فقد كان من أوائل الجماعات التي قدمت الدعم العسكري للنظام السوري ضد قوات المعارضة السورية، والذي برز بشكل واضح منذ عام 2013 عندما سيطر النظام السوري مدعومًا بمقاتلين من حزب الله على مدينة القصير بريف حمص التي يستخدمها كخط أول للإمدادات العسكرية.

لكن العقوبات الاقتصادية على الرغم من تقليصها للدعم المالي المقدم للحزب فإنها لم تؤثر كثيرًا من حيث النتيجة، فقد ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بعد الإعلان عن تشكيل الحكومة اللبنانية، أنه يسود قلق بين المسؤولين الأمريكيين من الاعتماد على وزارة الصحة اللبنانية لتقديم الدعم الصحي المجاني لمقاتلي الحزب، واستغلال مواردها لتوظيف مؤيديه في مكاتبها للتخفيف من حجم العقوبات الاقتصادية.

وكان رئيس الحكومة اللبنانية سعيد الحريري قد أعلن نهاية كانون الثاني/يناير الماضي عن تشكيل الحكومة اللبنانية، وأسندت فيها وزارة الصحة للطبيب جميل جبق، وأشارت تقارير إلى أن جبق يعتبر من الأسماء المقربة من حزب الله رغم أنه ليس عضوًا في الحزب، وكان في وقت سابق الطبيب الشخصي لنصر الله، كما أنه واحد من الوزراء الثلاثة الذين اختارهم حزب الله لتمثيله في الحكومة الجديدة، ويظهر من ترشيح جبق لوزارة الصحة أن الحزب يسعى لمنع فرض عقوبات مباشرة على الوزارة وفقًا للصحيفة الأمريكية.

كما اعتبرت تقارير صحفية منفصلة أن العقوبات الأمريكية على حزب الله فشلت بسبب تقليص الحزب اعتماده المالي على إيران، فهو يملك موارد دخل إضافية عن طريق الدعم المالي المقدم من مؤيديه، وشبكة الاقتصاد التي أسسها داخل لبنان، بالإضافة لأنشطته الاقتصادية خارج لبنان، والتي قالت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية إنه يقودها مثل "منظمة إجرام دولية"، حيث توجه اتهامات له بتبييض الأموال وتجارة المخدرات عن طريق شبكة منظمة لها أفرع في دول مختلفة حول العالم.

اقرأ/ي أيضًا: طارق العيسمي.. بارون مخدرات حزب الله في فنزويلا

كما أن الولايات المتحدة مع حلفائها الخليجيين لم تستطع دفع الدول الأوروبية لفرض عقوبات اقتصادية على حزب الله رغم الضغوطات الدبلوماسية التي يمارسونها، وفي هذا السياق ذكرت مجلة دير شبيغل الألمانية أن الحكومة الألمانية لن تصنف الحزب اللبناني على قائمة المنظمات الإرهابية أسوًة بالموقف البريطاني، ويبدو أن موقف برلين يتوافق مع مواقف دول الاتحاد الأوروبي التي أعلنت العام الماضي استمرارها العمل بالاتفاق النووي الإيراني ردًا على قرار ترامب بإلغائه.

اعتبرت تقارير صحفية منفصلة أن العقوبات الأمريكية على حزب الله فشلت بسبب تقليص الحزب اعتماده المالي على إيران، ولجوئه إلى موارد إضافية تصله من مؤيديه

وعلى هذا الأساس فإن الموارد الاقتصادية لحزب الله لا تبدو أنها قد تأثرت بالعقوبات الاقتصادية بشكل يحد من نشاطاته العسكرية خارج لبنان، أو نفوذه المتنامي في المشهد السياسي المحلي، إنما استطاعت أن تحد من الدعم المالي لا أكثر، نظرًا لأن نفوذه داخل لبنان يساعده على التحكم بمطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، وكذا المنافذ الحدودية مع سوريا، ما يجعله يعتمد عليها لتحصيل موارده المالية التي يستثمرها ضمن شبكته الاقتصادية حول العالم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"الواجب الجهادي".. هكذا يواري حزب الله قتلاه في سوريا

لماذا سرّب "حزب الله" صور عرضه العسكري في القصير؟