02-مارس-2021

أثبت المؤتمر هيمنة توجهات ترامب (Getty)

تبّنت النسبة الأكبر من الجمهوريين الذين حضروا المؤتمر السنوي للحزب المحافظ، السياسات التي انتهجها الرئيس السابق دونالد ترامب في البيت الأبيض خلال فترة ولايته الأولى، في خطوة تؤكد على أن ترامب لا يزال المرشح المحتمل للمؤسسة المحافظة لانتخابات الرئاسة في 2024، بعدما خصص أول ظهور رسمي له منذ كانون الثاني/يناير الماضي لمهاجمة السياسات التي أقرّها الرئيس الديمقراطي جو بايدن خلال أسابيعه الأولى في البيت الأبيض.

تبّنت النسبة الأكبر من الجمهوريين الذين حضروا المؤتمر السنوي للحزب المحافظ السياسات التي انتهجها الرئيس السابق دونالد ترامب في البيت الأبيض خلال فترة ولايته الأولى

ترامب ضد الجميع.. إلا أنصاره

في خطاب وصفته غالبية التقارير الأمريكية بأنه "حاد وناري" وجه ترامب انتقاداته لمعارضيه سواء أكانوا من الديمقراطيين أو الجمهوريين، فقد هاجم الرئيس السابق في خطابه الذي ألقاه أمام حشد من أنصاره في مدينة أورلاندو إدارة الرئيس بايدن بوصفها أنها "الأكثر كارثية" لأي رئيس قضى الشهر الأول من فترة ولايته في البيت الأبيض، مشيرًا إلى أن السياسات الأمريكية انتقلت "في غضون شهر واحد من (شعار) أمريكا أولًا (إلى شعار) أمريكا أخيرًا".

اقرأ/ي أيضًا: مناورة الجمهوريين.. التيار الترامبي يقود المحافظين إلى مواجهة داخلية

وانتهز ترامب فرصة ظهوره في مؤتمر المحافظين لمهاجمة سياسات بايدن التي انتهجها بشأن قضية الهجرة بإشارته إلى أن "بايدن في مهتمه الأولى كرئيس تنفيذي فشل في تطبيق القوانين الأمريكية"، قبل أن يعيد التأكيد على مزاعمه السابقة المرتبطة بخسارته انتخابات الرئاسة الأمريكية، بعدما أشار إلى ذلك بقوله: "لقد خسروا البيت الأبيض.. لكن من يعرف؟ ربما أقرر أن أهزمهم مرة ثالثة"، في إشارة لمزاعم انتصاره في انتخابات الرئاسة الأخيرة، ورغبته بالترشح لانتخابات الرئاسة القادمة.

ومضى ترامب أمام أنصاره مضيفًا أن اجتماع الجمهوريين في مؤتمرهم السنوي يهدف لـ"مناقشة المستقبل، مستقبل حركتنا، ومستقبل حزبنا ومستقبل وطننا الحبيب"، قبل أن يستدرك نافيًا صحة التقارير التي تحدثت عن إمكانية تأسيسه حزب جديد ينافس الجمهوريين والديمقراطيين معًا في الانتخابات القادمة، واصفًا تلك التقارير بأنها "مزيفة"، ومضيفًا بصيغة تهكمية "فكرة جيدة أن ننشئ حزبًا جديدًا ونقسم أصواتنا.. لكننا لن نفوز أبدًا"، ومؤكدًا كذلك على أن "الحزب الجمهوري سيتحد وسيكون أقوى من أي وقت مضى".

ترامب الذي يصفه المحللون بأنه واحد من أبرز الأصوات الشعبوية على مستوى العالم، خصص جزءًا من خطابه لمهاجمة مجتمع الميم في الولايات المتحدة، بعدما سخر من النساء العابرات جنسيًا اللاتي يشاركنّ في الرياضات النسائية، وهو ما يبدو هجومًا غير مباشر على إدارة بايدن التي تضمنت تنوعًا جندريًا وثقافيًا، بينما وصفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية هجوم ترامب بأنه أقوى من تعليقاته التي أطلقها ضد العابرين/ات جنسيًا عندما كان رئيسًا، وأمر حينها بفرض قيود مشددة على الحقوق المدنية المرتبطة بمجتمع الميم الأمريكي.

الجمهوريون يجددون ولاءهم لترامب

على عكس معظم التوقعات التي تحدثت عن إمكانية إعلان المؤسسة الجمهورية فك ارتباطها بترامب، فإن استطلاع للرأي أظهر تبني 95 بالمائة من الجمهوريين الذين كانوا حاضرين في المؤتمر لسياسات ترامب خلال فترة ولايته الأولى، في حين قال 68 بالمائة من الحاضرين إنهم يؤيدون أن يترشح ترامب لانتخابات الرئاسة الأمريكية في عام 2024، مع الإشارة إلى أن نتائج الاستطلاع جاءت قبل وقت قصير من موعد خطاب ترامب.

فيما أظهر استطلاع منفصل أن 46 بالمائة من الجمهوريين قالوا إنهم سينضمون إلى ترامب إذا ما أسس حزبًا جديدًا، وردًا على سؤال تضمن 21 اسمًا يطلب من الجمهوريين اختيار مرشحهم لانتخابات الرئاسة الأمريكية، قال 55 بالمائة من الجمهوريين إنهم سيختارون ترامب إذا ما نظمت الانتخابات التمهيدية في الوقت الراهن، فيما اختار 21 بالمائة حاكم ولاية فلوريدا الجمهوري رون دي سانتيس.

وكان لافتًا حجم تأثر المؤسسة الجمهورية بشخصية ترامب التي وصفتها صحيفة الغارديان البريطانية بأنها وصلت إلى درجة "عبادة الفرد"، بعدما وضع تمثال ذهبي لترامب يبلغ ارتفاعه ستة أقدام في القاعة التي تستضيف المؤتمر، فضلًا عن هتافات أنصار ترامب التي طالبت بأن يكون مرشح الجمهوريين لانتخابات الرئاسة القادمة مرددين هتاف "ترامب 2024".

 

تشير الكلمة الختامية التي ألقاها ترامب في المؤتمر السنوي للحزب المحافظ إلى أن الجمهوريين قدموا دليلًا جديدًا على أنهم أصبحوا أكثر قربًا من التيار اليميني المتطرف، والتي انعكست بشكل واضح في كلمات الجمهوريين الذين منحوا فرصة للتحدث في المؤتمر، حيثُ احتدم النقاش في كلمات المشاركين ضد "ثقافة الإلغاء" والاشتراكية الراديكالية وشركات التكنولوجيا الكبيرة، كما أن غالبية الجمهوريين أيدوا في كلماتهم مزاعم ترامب المرتبطة بتزوير الانتخابات، إلى جانبهم نفيهم تحميل الرئيس السابق مسؤولية اقتحام الكابيتول، ومهاجمة الجمهوريين الذين صوتوا سواء في الكابيتول هيل أو في مجلس الشيوخ على محاكمة العزل الثانية.  

وعلى الرغم من خسارة الجمهوريين لانتخابات الرئاسة الأمريكية، مصحوبةً بخسارتهم للأكثرية في الكابيتول هيل ومجلس الشيوخ، والتي يضاف إليها دخول ترامب التاريخ السياسي بأنه أصبح أول رئيس أمريكي يحاكم من السلطة التشريعية لمرتين في أقل من سنتين خلال ولاية واحدة، فإن المؤسسة المحافظة لا تزال ترى بأن ترامب قائد لها، وهو ما أوضحه رئيس اتحاد المحافظين الأمريكيين مات شلاب بقوله: "على الرغم من أن دونالد ترامب هو رئيس لفترة ولاية واحدة، إلا أن هناك شعورًا بين الجمهوريين بأنه حقق نجاحًا هائلًا وساحقًا".

لكن تأييد الجمهوريين لترامب من الممكن أن يأتي بنتائج تنعكس سلبًا على فرص ترشحه لانتخابات الرئاسة القادمة، نظرًا للتحول الذي حصل في اختيار الجمهوريين لمرشحهم الرئاسي في عام 2016، فقد أظهر استطلاع للرأي حينها حصول السيناتور عن ولاية تكساس تيد كروز على تأييد غالبية الجمهوريين، وجاء خلفه مباشرةً السيناتور عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو، غير أن ترامب هو من فاز ببطاقة الترشح، وكذلك الأمر مع السيناتور الجمهوري عن ولاية كنتاكي راند بول الذي كان يُنظر إليه على أنه المرشح المثالي للجمهوريين في عام 2013، قبل أن تتلاشى فرصه بالترشح لانتخابات الرئاسة.

ووفقًا لنتائج المؤتمر السنوي للجمهوريين فإن التوقعات تشير إلى ذهاب التيار الرافض لسياسات ترامب من طرف، والتيار الترامبي من طرف آخر إلى المواجهة، وهو ما ظهر واضحًا في خطاب ترامب الذي رفض مقترحات فريقه الاستشاري، بعدما فضّل مهاجمة الجمهوريين الذين صوتوا على قرار عزله في الكابيتول بتهمة التحريض على أعمال الشغب،  محددًا في هجومه العضوة الثالثة في الحزب الجمهوري ليز تشيني، إلى جانب عضوي مجلس الشيوخ رومني وبات تومي، مطالبًا بطرد الجمهوريين الـ17 الذي صوتوا على عزله من الحزب.

ينعكس نفوذ ترامب داخل الحزب الجمهوري بما أوضحه خبير استطلاعات الرأي والمستشار الجمهوري وايت أيريس الذي أشار إلى أن ترامب لا يزال زعيمًا للجناح الشعبوي في الحزب

وينعكس نفوذ ترامب داخل الحزب الجمهوري بما أوضحه خبير استطلاعات الرأي والمستشار الجمهوري وايت أيريس الذي أشار إلى أن ترامب لا يزال زعيمًا للجناح الشعبوي في الحزب، بعدما استطاع تحويله إلى "قوة مهيمنة في انتخابات الجمهوريين التمهيدية" رغم أنه لم يكن يحظى بالأغلبية، مشيرًا إلى أنه طالما أن ترامب يسيطر على الجناح الشعبوي في الحزب، فإن مؤيدي ترامب سيستمرون بالترويج لما يريد الترويج له، بما في ذلك مزاعم "سرقة الانتخابات".  

 

اقرأ/ي أيضًا:

 "كابوس الجمهوريين".. ساندرز رئيسًا للجنة المالية في مجلس الشيوخ