19-مارس-2017

عصام عزوز/ مصر

هل اقتحم داعش بيت نجيب محفوظ؟، هل حقيقي أن زوجته رفضت نقل رفاته إلى متحف في وكالة أبو الدهب؟ هل منعت بناته وحيد حامد وخالد يوسف من تحويل رواية "أولاد حارتنا" إلى عمل فني لأنها حرام؟ وكيف تسلَّل الفكر السلفي إلى أسرة الرجل الذي أفنى عمره في مقاومة الرجعية ونشر الحرية حتى تعرَّض للاغتيال على يد شاب لم يقرأ رواياته؟

هل منعت بنات نجيب محفوظ تحويل روايته "أولاد حارتنا" إلى عمل فني لأنها حرام؟

أسئلة الكاتب الصحفي المصري أيمن الحكيم توضح جانبًا من تفاصيل المعركة التي دارت رحاها في القاهرة حول جثة نجيب محفوظ، التي لا تريد أن تهدأ، وتجذب على حدودها اشتباكات وفضائح ونميمة لا أول لها من آخر، بدءًا من شائعة تجني "دار الشروق"، التي انفردت بحق نشر أعماله، عليه في أحلامه الأخيرة، المنشورة العام الماضي، وحتى ما أكده الحكيم عن رفض بناته تحويل رواية "أولاد حارتنا" إلى فيلم. 

اقرأ/ي أيضًا: هل كتب نجيب محفوظ قصة العالم؟

اعتبر أن من حقه التفتيش في النوايا واختراق غشاء الدين الرقيق في قلوب العباد، فكان له ما أراد.

بدأ الكاتب الصحفي المصري هجومه على فاطمة وأم كلثوم نجيب محفوظ بقوله "من حق بنات أديب مصر ارتداء الحجاب، ومن حقهما كذلك أن تسافرا كل عام لأداء شعائر العمرة، ومن حقهما ثالثًا ورابعًا وعاشرًا أن تلتزما دينيًا وتريا أن الآخرة خير وأبقى، لكن ليس من حقهما أبدًا أن تتحولا إلى خنجر في يد الجماعات الإرهابية لطعن أبيهما ميتًا كما طعنوه حيًا". 

وانتهى إلى أنّ ابنتي الكاتب الكبير انضمتا إلى الخندق الذي يطعن في عقيدته ويكفره ويرى في روايته الأشهر "أولاد حارتنا" معصية يجب التكفير عنها والتبرؤ منها ووأدها إلى الأبد، لكنهما لا تعلنان ذلك. 

مالت فاطمة وأم كلثوم إلى كفة الشيخ كشك وعمر عبد الرحمن، مفتي الجماعة الإسلامية، ومحمد ناجي، المتهم بمحاولة اغتيال نجيب محفوظ، الثلاثة الذين رأوا أن الرواية تطاولًا على الله وأنبيائه من أبيهم آدم إلى خاتمهم محمد، ورفستا آراء اثنين من كبار المفكرين المحسوبين على التيار الإسلامي، أحمد كمال أبو المجد ومحمد سليم العوا، اللذيْن برآ "أولاد حارتنا" وصاحبها من اتهامات إهانة الله وكتبه ورسله، رافضين ما علق بها من تأويلات دينية متحفِّزة.
 
هكذا وصف الحكيم، المعروف باهتمامه بجمع تراث نجيب محفوظ، بنات أديب نوبل، وروى القصة التي دفعته إلى توجيه مدافعه إليهما الآن تحديدًا: "منذ سنوات يحاول المخرج خالد يوسف الحصول على موافقة بنات نجيب محفوظ لتحويل الرواية إلى عمل سينمائي برؤيته الخاصة، وقدّم كل ما يمكن تقديمه من ضمانات وإثباتات لحسن نيته تجاه الرواية ومؤلفها وأفكارها، وكان يمني نفسه بالعودة إلى شاشة السينما من خلال أولاد حارتنا بعد غيابه الطويل منذ ثورة 25 يناير، لكن يبدو أنه فشل في مهمته بدليل أنه أغلق ملف الرواية وبدأ في تجهيز عمل تاريخي عن أيام المسلمين في الأندلس".

رأى كاتب مصري أن ابنتي نجيب محفوظ انضمتا إلى الخندق الذي يكفّره

انجرف الحكيم، كما كل الراقدين حول جثة نجيب محفوظ، من خالد يوسف إلى وحيد حامد، الذي عرض مليون جنيه لشراء حق تحويل "أولاد حارتنا" إلى مسلسل تلفزيوني، وحصل على موافقة السيدة عطية الله، أرملة محفوظ، وقت أن كانت صاحبة القرار في سنواتها الأخيرة، وعندما آل الأمر إلى بناته اختلف الأمر، ففقد الأمل وتفرّغ لمسلسل "الجماعة".

اقرأ/ي أيضًا: البرلمان المصري: نجيب محفوظ خادش للحياء أيضًا!

لم تجر في النهر أي مياه منذ ذلك الوقت، بقيت الرواية محظورة، وفق رواية الصحفي المصري، بأمر أسرة نجيب محفوظ، التي شلَّت مشروع متحف يضم كل ما يتعلق بتجربته من أول جثمانه وحتى نظارته الطبية. 

تحمس للمشروع تلميذه الأقرب، محمد سلماوي، وأهدى المتحف مجموعة نادرة من أصول رواياته وقصص لم تنشرْ من أعماله وعصاه الشهير التي توكّأ عليها لمدة ثلاثين عامًا، واستحوذ المتحف على 198 قطعة من مقتنياته، من بينها شهادة نوبل في الآداب، ومكتب خشبي كتب عليه أغلب رواياته ومبسم سجائره وماكينة حلاقته وروبه المنزلي، وساعته الشخصية وعدسة القراءة. بقى شيء واحد.. أين يقام متحف نجيب محفوظ؟

لجنة وزارية تشكلت بقرار من فاروق حسني، وزير الثقافة في عصر مبارك، ترأسها الناقد جابر عصفور اختارت وكالة محمد أبو الدهب الأثرية، القريبة من الحي الذي نشأ نجيب فيه نجيب محفوظ.. وشلّ المشروع -حتى الآن- اعتراض مريب من أسرته. رفضت زوجة نجيب محفوظ طلب اللجنة بنقل رفاته إلى متحفه بوكالة أبو الدهب لتحويله إلى قبلة، أو ضريح يحجّ إليه دراويشه لأسباب دينية، فقد كان من رأيها -تنفيذًا لفتوى شرعية حصلت عليها- أن نقل رفات الموتى حرام! 

 

اقرأ/ي أيضًا:

اعترافات نجيب محفوظ في حوار مجهول

فكرة توفيق الحكيم وأسلوب نجيب محفوظ