12-يونيو-2019

تمكنت الصين من بناء قاعدة تقنية إلكترونية ضخمة تنافس ما يتوفر لدى الولايات المتحدة (East by Southeast)

تواصل الصين صعودها الاقتصادي والمالي والسياسي على الصعيد العالمي، الأمر الذي يشكل تهديدًا للسيطرة والاحتكار الغربي للقوة على مدى آخر قرنين. بعد الحرب الباردة كان هناك بذرة لتشكل مجال حيوي رقمي في كل من أمريكا وروسيا والصين. ولكن أزمة روسيا المالية وضعف النمو الاقتصادي والتخطيط  حالا دون ذلك، عدا عن بعض المحاولات كشبكة VK الروسية للتواصل الاجتماعي كبديل عن فيسبوك، فتحولت روسيا إلى قوة في الأمن والاختراق الإلكتروني.

انتفعت الصين من مكتسبات الانفتاح الاقتصادي والتدفق الاستثماري في بناء قاعدة تقنية إلكترونية تنافس الموجود في الغرب

أما الصين فانتفعت من مكتسبات الانفتاح الاقتصادي والتدفق الاستثماري في بناء قاعدة تقنية إلكترونية كما في في مدينة شينزين، التي تعرف باسم "وادي السيليكون الصيني". وعلى الصعيد البرمجي استطاعت الصين بناء رزمة برمجية أساسية موازية للنظام البرمجي الغربي-الأمريكي مثل محرك البحث الصيني Baidu ومنصة التسوق الإلكتروني Alibaba وموقع التواصل WeChat، وما بات يسمى في الصحافة الغربية بالحائط الناري الصيني الإلكتروني The Chinese Firewall. وأغلقت الصين الباب أمام الشركات التقنية الغربية من الولوج إلى السوق الصينية بحجة الحفاظ على الأمن الوطني الصيني. تراكم القوة والمعرفة الصينية نبه القوى الغربية وخصوصًا الولايات المتحدة التي بدأت منذ عهد أوباما في إستراتيجية الالتفاف نحو الصين، الأمر الذي يفسر إصرار أوباما وقتها على الانسحاب من الشرق الأوسط، وتسوية الوضع مع إيران. واصلت إدارة ترامب  التركيز على مواجهة الصين وقد زاد التركيز عليها مؤخرًا بسبب تقارب الهوة التقنية بين الشركات الصينية والأمريكية، وتمثل ذلك في تمكن شركة هواوي، درة التقنية الصينية، من إزاحة شركة آبل من المرتبة الثانية في تصنيع الهواتف الذكية وحيازتها على تقنية الجيل الخامس من الاتصالات، ولهذه التقنية أهمية مفصلية في الثورة الصناعية الرابعة القائمة على الذكاء الصناعي وتخاطب الآلات وإنترنت الأشياء ما يجعل الدول القادرة على تملك هذه التقنية الحيوية رقما صعبًا في معادلات القوة المستقبلية سلمًا أو حربًا. 

اقرأ/ي أيضًا: "قرن الأمجاد الصينية".. صراع بكين وواشنطن للسيطرة على الجيل الخامس

من هنا يمكن تفسير كثير من الخطابات والسلوك الإعلامي والدبلوماسي الغربي تجاه الصين من باب المناكفة والضغط السياسي والابتزاز تحت مسميات شتى. إلقاء اللائمة على الصين في مشكلة البطالة الأمريكية رغم أن الشركات الأمريكية التي خرجت من الصين تبني مصانعها الآن في الدول الآسيوية المجاورة وليس في الداخل الأمريكي. التحذير من خطر الديستوبيا الرقمية الصينية ورقابة الدولة المركزية على المواطنين وتصدير تكنولوجيا الرقابة والقمع إلى الخارج رغم وجود ما يماثل ذلك في داخل الدول الغربية، مثل "وكالة الأمن القومي الأمريكية"، وتاريخ طويل من تصدير معدات القمع والرقابة من أعرق الديمقراطيات الغربية إلى أعتى الدكتاتوريات، كما في اكتشاف تصدير الدنمارك لمواد تدخل في صناعة الأسلحة الكيماوية إلى سوريا أو تصدير إيطاليا لمعدات مراقبة وتنصت إلى نفس البلد. أو ذلك التعاطف العجيب مع مسلمي الإيغور في الصين من قبل حكومات غربية وهي تغض الطرف عن خطاب الكراهية ضد المسلمين في بلدانها، أو مؤخرًا في تغطية ذكرى أحداث ساحة تيانانمن قبل ثلاثين عاما بشيء من المبالغة، بينما يتم تجاهل "تيانانمين" السودانية الواقعة الآن أو المذبحة المستمرة في سوريا منذ ثمانية أعوام إلى يومنا هذا.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

حين أصبحت هواوي رأس الحرب الباردة بين الصين والولايات المتحدة

كل ما تريد معرفته عن WeChat.. أكبر تطبيق صيني للمحادثة