22-أبريل-2017

إبراهيم رئيسي يلقي خطابًا بعد إعلانه الترشح في الانتخابات الرئاسية (ماجد سعيدي/Getty)

تقدّم رجل الدين الإيراني إبراهيم رئيسي لقائمة المترشحين للانتخابات الرئاسية الإيرانية، في السادس من نيسان/أبريل الجاري، مع عدد من المرشحين الذين تم الموافقة على صلاحية رئاستهم من قِبل مجلس صيانة الدستور. وبدأت الدعاية الانتخابية للمرشحين من نهار أمس الجمعة، حتى التصويت عليها في 19 آيار/مايو القادم، وسط تخبط كبير تشهده السياسة الخارجية والداخلية.

وفي عام 2014، ومع تدهور الحالة الصحية للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله خامنئي،  كان السؤال الأبرز حينها: "من سيخلف خامنئي؟"، وتصدر عدد لا بأس به المشهد الإيراني بشكل نسبي، كمرشحين محتملين لخلافة خامنئي من مختلف التيارات، وكان من أبرز هؤلاء نجل خامنئي ورجل الاقتصاد المعروف مجتبى خامنئي، والذي يتم إعداده منذ وقت لخلافة والده على أعلى منصب في دولة ولاية الفقيه.

في 2014 ومع تدهور اصحة خامنئي، ترددت أسماء من قد يخلفونه في منصبه الأهم، وكان من بين هؤلاء إبراهيم رئيسي

كان من بين الأسماء المرشحة أحد أهم رجال النظام الإيراني قبل وفاته مطلع العام الجاري، هاشمي رفسنجاني، وكذا الرئيس الأسبق للسلطة القضائية آية الله هاشمي شاهرودي، والرئيس الحالي للسلطة القضائية صادر لاريجاني، ورجل الدين الطموح آية الله جوادي آملي، ورجل الدين القوي والمقرب من خامنئي وعضو مجلس الخبراء آية الله محمد تقي مصباح يزدي، ورجل الدين المتشدد أحمد جنتي والذي تخشى مُؤسسات الدولة الإيرانية أن يؤدي تنصيبه إلى مزيد من تدهور العلاقات الخارجية للبلاد، وأخيرًا الرجل الذي ثابر في تصدره للمشهد، حتى أصبح الأبرز بين هؤلاء، إبراهيم رئيسي.

اقرأ/ي أيضًا: إيران.. "إمبريالية" الولي الفقيه

إبراهيم رئيسي.. قريب الشبه من خامنئي

ولد إبراهيم رئيسي في 1960 لعائلة متدينة في مدينة مشهد، وحصل على شهادة الدكتوراه في الفقه والحقوق من جامعة شهيد مطهري، وشغل منصب المدعي العام لمدينة كرج غربي طهران سنة 1980، وكان في الشعرين من عمره آنذاك، قبل أن يصبح نائب المدعي العام لطهران سنة 1985. وفي عام 1988 أصبح إبراهيم رئيسي المدعي العام الرئيسي بالمحكمة الخاصة برجال الدين المنوط بها تأديب "الملالي" الذين يحيدون عن النظام الرسمي، وكان ضمن أربعة قضاة في ما يعرف بـ"لجنة الموت"، والتي أشرفت على ما وصفت بالمجزرة التي أعدم فيها آلاف السجناء السياسيين بتهم مختلفة وصفها المعارضون آنذاك "بالملفقة".  

كلف الخميني إبراهيم رئيسي بالحكم في المشاكل القضائية للعديد من المدن الإيرانية، مثل لرستان وكرمانشاه وسمنان، بالإضافة إلى إدارة العديد من الملفات القضائية، فضلًا عن مهمة إبراهيم رئيسي الأهم باعتباره مسؤولًا عن منظمة "أستان قدس رضوي"، المعنية بأقدس الأضرحة في إيران، مرقد الإمام الثامن لدى الشيعة الإثني عشرية، علي بن موسى الرضا، في مدينة مشهد، التي تستقبل حوالي 30 مليون حاجٍ للمرقد كل عام.

​وعُين إبراهيم رئيسي في منصب المدعي العام لطهران بأمر من رئيس السلطة القضائية آية الله يزدي، وبقي في هذا المنصب منذ عام 1989 وحتى 1994، ثم أسند إليه منصب رئيس دائرة التفتيش العامة في إيران، واستمر في هذا المنصب حتى عام 2004، ثم عين في منصب المساعد الأول لرئيس السلطة القضاية بين عامي 2004 و2014، وفي 2014 عُين مدعيًا عامًا في إيران، بأمر مُباشر من خامنئي. 

يشغل رئيسي ثلاث مناصب هامة، بينها إدارته للمشهد الرضوي الذي يمثل 20% من الاقتصاد غير النفطي لإيران

وبعضويته في مجلس الخبراء يُصبح إبراهيم رئيسي شاغلًا لثلاثة مناصب هامة؛ الأول ما ذُكر والثاني النائب العام بمحكمة رجال الدين الخاصة، والثالث "سادن العتبة الرضوي" بمسؤوليته عن منظمة "أستان قدس رضوي" التي تدير ما يُمثّل 20% من الاقتصاد غير النفطي لإيران، ولذا كان إبراهيم رئيسي اسمًا مطروحًا لخلافة خامنئي رغم صغر سنه بالنسبة إلى منافسيه.

وهناك مُشترك يجمع كلًا من خامنئي وإبراهيم رئيسي، الذي أصبح يُشار إليه كالرجل الأول للمرشد الأعلى في المعركة الرئاسية، ومن بين هذا المشترك العمامة السوداء التي تعني انتسابهما للنبي محمد، وانحدارهما من نفس المدينة-مشهد- فضلًا عن كونهما رجال دين في الأساس، يشتركان في العديد من الرؤى السياسية والاقتصادية، التي هي في الأغلب مخالفة لما يتبناه الرئيس الحالي حسن روحاني.

إبراهيم رئيسي..رجل إيران بأمر من خامنئي؟

ولأوّل مرة في تاريخ المحافظين بإيران، يتمكن مرشح بالفوز في الانتخابات التمهيدية المنظمة داخل المعسكر المحافظ بأغلبية الأصوات، متفوقًا على عمدة طهران محمد باقر قاليباف، والذي كان قد خسر الانتخابات الرئاسية السابقة. 

ويُرجع محللون ذلك إلا أن إبراهيم رئيسي يُرجح أن يُساهم في توحيد صفوف معسكر المحافظين، الذي شهد العديد من الانقسامات بعد فترة رئاسة أحمدي نجاد، التي اتسمت بالقمع السياسي فضلًا عن تأزم الوضع اقتصاديًا.

اقرأ/ي أيضًا: مشاكل إيران لا تنتهي.. عن الحجتية والانتخابات وأحمدي نجاد

وبحسب ما تناقلته وكالات الأنباء الإيرانية، ظهر في صيف عام 2016 تسجيل صوتي يعود إلى 28 عامًا لاجتماع بين آية الله حسين علي منتظري، وهو من رجال الثورة الإسلامية الأوائل ومن مؤسسي الجمهورية الإيرانية وكان نائبًا للمرشد الأعلى؛ وبين مسؤولين قضائيين من بينهم إبراهيم رئيسي، مكلفين بعمليات إعدام نُفذت في 1988 بحق سجناء سياسيين.

وفي التسجيل قال منتظري، الذي أصبح لاحقًا أكثر دعاة الإصلاح تأثيرًا في إيران، إن "عمليات الإعدام شملت نساء حوامل وفتيات"، ومثلت تلك الحادثة أكبر الجرائم التي تورط فيها النظام الإيراني. وقد أُلقي القبض على ابن منتظري وحكم عليه بالسجن لإذاعته هذا التسجيل، وكان لإبراهيم رئيسي يد في سجنه. 

وجدير بالذكر أنه ليس من النادر أبدًا أن يتولى رجل دين إيراني منصبًا سياسيًا هامًا، لكن قليلين من هؤلاء الذين يستمع إليهم الحرس الثوري ويأخذ نصائحهم في الاعتبار، ويُعد إبراهيم رئيسي واحدًا من هؤلاء، إذ زارته القيادة العليا للحرس الثوري للاستماع إلى وجهة نظره حول الأوضاع في سوريا والعراق.

يعد إبراهيم رئيسي واحدًا من رجال الدين والدولة الذين تثق فيهم قيادات الحرس الثوري الإيراني

كذلك تناقلت أحاديث منذ 2016 بأنإبراهيم رئيسي بدأ في تقديم دروس في "فقه الخارج" بالعتبة الرضوية، الأمر الذي لا يُقدم عليه إلا آيات الله ورجال الدين الراسخين، وهو ما يعتبر إذن بمثابة اعتراف ضمني بأن إبراهيم رئيسي بات تقريبًا في مقام معلميه وشيوخه، وهو ما يُخوّل له أن يُصبح المرشد الأعلى الإيراني لإكماله النصاب المطلوب حتى فيما يخص الدرجة العلمية الدينية. 

مع هذا، ومع قربه من الحرس الثوري، ومع شغله مناصب هامة من بينها ما شغلها بأمر مباشر من خامنئي الذي يجمعه به العديد من المشتركات، يُرجّح أن تكون فرص نجاح إبراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية الإيرانية هي الأكبر من بين منافسيه، بخاصة وقد استبعد أهم المنافسين وهو أحمدي نجاد.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

نهاية الشيطان الأكبر

إيران.. اتهامات الفساد تلاحق قيادات الدولة