11-نوفمبر-2018

تشهد مدينة الحديدة تصعيدًا كبيرًا في الساعات الماضية (Getty)

في الساعات الأولى من يوم  السبت 10  تشرين الثاني/ نوفمبر، أعلنت واشنطن توقفها عن تزويد طائرات التحالف السعودي بالوقود في الجو  أثناء الطلعات الجوية ضد مواقع الحوثيين في اليمن، وهي الخطوة التي ينظر إليها على أساس أنها جاءت بالتوافق مع واشنطن، لتجنب المزيد من الضغوط على إدارة ترامب، بعد الانتخابات النصفية للكونغرس الأمريكي، إلا أن بعض المحللين والمتابعين للحرب في اليمن يرون أنها جاءت نتيجة لسلسة من الضغوط على السعودية أيضًا، في خضم أزمة خاشقجي وما تبعها من زخم إعلامي حول ممارسات السعودية في اليمن بعد سنوات من الحرب والمجاعة.

تبدو التغيرات بالنسبة لحرب اليمن "الرهيبة" على حد وصف الاتحاد الأوروبي، متسارعة أكثر من أي وقت مضى في غير صالح السعودية

إذ ذكر التحالف في بيان أنه صار لديه قدرات ذاتية طورها للتزود بالوقود جوًا، عوضًا عن الاعتماد على واشنطن في هذا الشأن. وتأتي هذه الخطوة في وقت تواجه فيه الرياض بالفعل ضغوطات وغضب عالميين، بسبب تزايد الضحايا المدنيين في الغارات الجوية على اليمن. وقد دعى كل من الولايات المتحدة وبريطانيا في أواخر شهر تشرين أول/ أكتوبر الماضي، إلى وقف إطلاق النار لدعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب المستمرة منذ أربعة أعوام في البلاد، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 10 آلاف شخص، حسب التقديرات الرسمية، وأثارت واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية خطورة في العالم.

مبادرات أوروبية لوقف الحرب

تدرس أوروبا فرض حظر على تصدير السلاح للمملكة العربية السعودية لمعاقبتها على قتل الصحفي جمال خاشقجي، حيث مرر برلمان الاتحاد الاوروبى الشهر الماضي قرارًا غير ملزم بهذا الخصوص، فيما قالت رئيسة منظمة العفو الدولية سيسيل كورديو في هذا الشأن، إن هذه مبادرة جيدة، بينما صرحت وزيرة الخارجية النمساوية كارين كنيسل لصحيفة ألمانية، أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يوقف مبيعات الأسلحة للسعودية بعد مقتل خاشقجي، وأن مثل هذا الإجراء قد يساعد أيضًا في إنهاء "الحرب الرهيبة في اليمن".

اقرأ/ي أيضًا: حرب اليمن المنسية.. البطش السعودي مستمر

جاءت تصريحات الخارجية النمساوية، بعد أن قالت ألمانيا إنها ستتوقف عن تصدير الأسلحة إلى السعودية، حتى يتم توضيح كل الملابسات والحقائق حول وفاة خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول. كما وجهت حكومة المستشارة أنجيلا ميركل بمناقشة كيفية التعامل مع المبيعات التي تمت الموافقة عليها بالفعل.

وقالت كنيسل لصحيفة دي فيلت في تصريح نقلته رويترز: "إن مقترح وقف شحنات الأسلحة الذي اقترحته المستشارة ميركل سيكون مهمًا"، وأضافت أن النمسا توقفت بالفعل عن إرسال معدات عسكرية إلى السعودية منذ آذار / مارس 2015.

تظل فرنسا وبريطانيا، المزودتان الرئيسيتان من داخل أوروبا للسلاح السعودي، رغم أن الأخيرة ستغادر الاتحاد في آذار/ مارس القادم. حيث إن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ومنذ وصوله إلى السلطة العام الماضي ، تجاهل إلى حد كبير الاحتجاجات على مبيعات الأسلحة التي يعتبرها حيوية للوظائف والعلاقات الاستراتيجية لفرنسا في المنطقة. وبلغ إجمالي صفقات الأسلحة الفرنسية مع الرياض 1.5 مليار يورو (1.7 مليار دولار) العام الماضي. إلى ذلك، يستمر الجدل داخل بريطانيا حول الصفقات المصدرة إلى السعودية.

المعارك في الحُديدة..  حجيم مستعر

تتزامن التطورات، مع اشتعال المعارك في الحُديدة بشكل حاد في الساعات الأخيرة، حيث شهدت المدينة الساحلية عمليات عسكرية وصفت بالأشرس منذ بدء عمليات طرد الحوثيين من هناك. وتفجر الصراع في الحديدة والبيضاء وصعدة والضالع، في محاولة من الأطراف المختلفة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب العسكرية قبل موعد المحادثات المزمع إجراؤها بينهم، والتي كان مقررًا لها أن تبدأ مطلع الشهر الجاري، قبل أن تؤكد الأمم المتحدة قبل يومين أن تلك المحادثات يمكن أن تؤجل إلى نهاية العام الحالي.

وذكرت وكالة رويترز أن الحكومة اليمينة المدعومة من السعودية شنت يوم الجمعة "عملية واسعة النطاق" لبسط سيطرتها الكاملة على مدينة الحديدة. وقد جاء هذا الإعلان في الوقت الذي حذرت فيه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة يوم الجمعة، من أن نحو نصف مليون شخص فروا من منازلهم في مدينة الحديدة والمناطق المحيطة منذ حزيران/ يونيو الماضي، لكن القتال تسبب الآن في إغلاق طرق الخروج من المدينة.

درس أوروبا هذه الأيام فرض حظر على تصدير السلاح للسعودية لمعاقبتها على قتل جمال خاشقجي،

أصبحت الحديدة ساحة معركة مهمة في الحرب المستمرة منذ قرابة أربع سنوات بين التحالف بقيادة السعودية والحوثيين المتحالفين مع إيران، حيث أنها تضم واحدًا من أهم الموانئ في اليمن. ويسيطر الحوثيون على الحديدة منذ 2014

اقرأ/ي أيضًا: صعدة ليست الأولى.. أبرز مجازر السعودية بحق الأطفال في اليمن.

أما بعد ساعات من إعلان بدء شن الهجوم الجديد، قال سكان محليون لوسائل إعلام إن تقدم قوات التحالف يبدو محدودًا. وأضافوا أن الحوثيين انسحبوا من مستشفى في الضواحي الشرقية للمدينة حيث تركز القتال في الأيام الماضية، لكنهم لا يزالون في المنطقة. وحذرت هيئات تابعة للأمم المتحدة منذ يومين، من أن أي هجوم شامل على المدينة المطلة على البحر الأحمر، والتي يدخل عبرها 80 بالمئة من واردات الأغذية ومساعدات الإغاثة، قد يعزز من انتشار مجاعة موجودة بالفعل.

كما نقلت رويترز عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، تعبيرها عن قلقها بشأن مصير عدد غير معلوم من السكان الذين حاصرهم القتال الأخير في الحديدة. وقالت المتحدثة باسم المفوضية شابيا مانتو في إفادة صحفية، إنه "في مؤشر على مدى صعوبة الوضع اضطر نحو 445 ألف شخص من محافظة الحديدة للفرار منذ حزيران/  يونيو وفقًا لبيانات الأمم المتحدة".

تبدو التغيرات بالنسبة لحرب اليمن "الرهيبة" على حد وصف الاتحاد الأوروبي، متسارعة أكثر من أي وقت مضى، في حين لا يزال يعاني اليمينيون تهميشًا وتجاهلًا لقضيتهم طوال أربع سنواتِ مضت، ما يجعل الضغوط على التحالف السعودي، مصدرًا ولو لقليل من الأمل في انفراجة قريبة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

اليمن على حافة المجاعة.. التحالف السعودي يحول البلاد إلى مقبرة

آخر جرائم السعودية في اليمن.. تهجير قسري لأكثر من 121 ألف مدني من الحديدة