05-يناير-2021

مستشفى في كايب تاون (Getty)

تعتبر جمهورية جنوب أفريقيا الدولة الأكثر تضررًا في القارة الأفريقية من فيروس كورونا، مع وجود ما يفوق مليون إصابة مؤكدة بالفيروس، وحوالي 30 ألف حالة وفاة حصلت خلال العام 2020. وعلى الرغم من أن 4 تجارب للقاحات جارية في البلاد، إلا أن جنوب أفريقيا استطاعت تأمين ما يكفي من اللقاحات لنسبة 10%  فقط من سكانها، البالغ عددهم 60 مليون شخص، وذلك من خلال مبادرة "كوفاكس" المصممة لضمان الوصول العادل إلى اللقاحات. فيما الأولوية التي تحتاجها جنوب أفريقيا حسب قول غليندا غراي، رئيسة مجلس البحوث الطبية في جنوب أفريقيا، تتمثل في"الإسراع في توصيل اللقاح لأكبر عدد من السكان حتى يتمكنوا من القيام بأعمالهم". 

دعت الأمم المتحدة إلى الوصول العادل والمنصف للقاح إلى جميع شعوب العالم، لكن واقع سوق لقاحات كورونا لا يبشر بمثل هذا الوصول خاصة في افريقيا

وبينما بدأت الدول في السعي لإبرام اتفاقيات للحصول على اللقاحات، لم تبرم جنوب أفريقيا أي اتفاقيات لحجز لقاحات فيروس كورونا مع شركات الأدوية. وتماثلها في ذلك معظم دول القارة الأفريقية. ويذكر أن رئيس جنوب أفريقيا "سيريل رامافوزا"، الذي يشغل منصب رئيس الاتحاد الأفريقي أيضًا، تعرض للانتقادات حادة من عمال الصحة والنقابات العمالية وأحزاب المعارضة في بلاده فيما خص تعثر استراتيجية تأمين اللقاحات. وحثه البعض على طرد مسؤولي إدارة الصحة لفشلهم في تأمين إمدادات اللقاح.

اقرأ/ي أيضًا: كيف تفاعل اللبنانيون مع قرار الإقفال العام للمرة الثالثة؟

فيما قالت رئاسة جنوب أفريقيا في تصريحات نقلتها وكالة بلومبيرغ "إن أفريقيا لديها خيارات قليلة لشراء لقاحات كوفيد-19". وقالت الرئاسة إن تكلفة لقاحات شركة فايزر "باهظة"، ولذلك تجري المفاوضات مع شركة "جونسون & جونسون" التي تجري تجربة في جنوب أفريقيا وتخطط لإنتاج 300 مليون جرعة سنويًا في مصنع تملكه "آسبن فارماكير" في حال حصل اللقاح على الموافقة الطبية.

كما أشارت التصريحات ذاتها إلى أنه "ليس من الواضح ما إذا كانت قارة أفريقيا ستستفيد من اللقاحات المصنعة في جنوب أفريقيا"، وأضافت "لا يزال يتعين علينا التفاوض بشأن السعر المناسب للقاح في دول أفريقيا". وكذلك بحسب تقرير وكالة بلومبيرغ، فإن الرئاسة تجري مفاوضات مع شركة "سيروم" الهندية التي تقوم بتصنيع اللقاح بالتعاون مع أسترازينيكا وذلك بهدف تأمين العدد اللازم من اللقاحات لسكان جنوب أفريقيا.

وقد دعت الأمم المتحدة إلى الوصول العادل والمنصف للقاح إلى جميع شعوب العالم، وغرد الأمين العام أنطونيو غوتيريش على تويتر قائلًا "اعتماد القومية كأولوية في إيصال اللقاح ليس عادلًا، إنه هزيمة بحد ذاته، ولن يكون هناك أي بلد في العالم بمأمن حتى تصبح جميع الدول في أمان".

يشكل ارتفاع أسعار اللقاحات عامل حرمان لغالبية الدول الفقيرة من تأمين اللقاح

فيما خرجت مطالبات من قبل دول أفريقية ناشدت فيها منظمة الصحة العالمية  إيقاف العمل مؤقتًا بالحقوق الفكرية وحقوق الملكية الخاصة بتصنيع اللقاحات كي يتسنى للدول الأفريقية الحصول على اللقاح أو كما أسموه "لقاح الشعب". فالبلدان الغنية قد تمكنت من حجز وشراء اللقاح فيما البلدان الأفريقية التي ترزح في الفقر دمرتها الأزمات الصحية.

اقرأ/ي أيضًا: غضب على السلطات المصرية في مواقع التواصل الاجتماعي بسبب "فضيحة" نقص الأكسجين

كما يشكل ارتفاع أسعار لقاحات فيروس كورونا عامل حرمان لغالبية الدول الفقيرة من تأمين اللقاح، وسط سباق عالمي محتدم للحصول عليها مما يضع الدول الأفريقية في مؤخرة الدول المستفيدة من اللقاح. ومع المقارنة مع ما رصدته الولايات المتحدة الأمريكية من مبالغ لحجز اللقاحات، حيث دفعت 456 مليون دولار لشركة "جونسون"، ودفعت 483 مليون دولار  لشركة موديرنا لقاء حجز 300 مليون لقاح في بداية العام 2021. يتضح أن الدول الأفريقية تصطف بعيدًا جدًا في طابور إمكانية الحصول على اللقاحات التي من شأنها تجنيبها سيناريوهات مرعبة في المستقبل القريب. 

ومما يثير مخاوف مشروعة طرحها مدير المركز الأفريقي للسيطرة على الأمراض، جون نكينغاسونغ "أن 60% من سكان القارة الأفريقية بحاجة إلى الحصول على لقاح فيروس كورونا خلال العامين أو الثلاثة أعوام القادمة"، وأشار إلى أن " تأخر وصول اللقاح إلى القارة سيتسبب في توطن المرض في مجتمعاتنا خلال 4 إلى 5 سنوات قادمة".

يذكر أن جنوب أفريقيا تلقت عرضًا من شركة فايزر وآخر من بيونتيك ضمن عروضهما لتزويد أفريقيا بـخمسين مليون لقاح على دفعات للعاملين في مجال الصحة بين آذار/مارس  ونهاية سنة 2021. في المقابل فإن شركة موديرنا لم تخصص أي إمدادات من اللقاح لأفريقيا بسبب ارتباطها بعقود مع دول غربية وبسبب كثرة الطلب العالمي على اللقاح. في حين أن الشركة المصنعة للقاح أسترازينيكا  ليس لديها لقاحات لتقدمها في أفريقيا في عام 2021. لكن كل هذه العروض تبقى رهن الجهد المبذول من طرف حكومات الدول الأفريقية والإمكانات والموارد التي ترصدها من أجل عملية التلقيح وسط سباق إنتاج اللقاحات والحصول عليها الذي يشهده العالم بتسارع ملحوظ. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

توقعات وتساؤلات عن مستقبل السياحة والسفر مع استمرار الجائحة

التعليم في الهواء الطلق.. حل إبداعي في وقت الجائحة