18-يونيو-2017

محتجون على الهجمة على قطر أمام سفارة الإمارات في لندن (Getty)

مع الأسبوع الثاني من الأزمة الأخطر في تاريخ منطقة الخليج العربي، نظرًا للظروف التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، تواصل تركيا مساعيها لاحتواء حالة التأزم العربية الإسلامية، ويزور وزير خارجيتها شاويش أوغلو الدوحة ثم الكويت، من ثم لزيارة الرياض، التي يبدو أنها غاضبة من أنقرة بسبب تقاربها من قطر وإقرار برلمانها اتفاقية التعاون العسكري مع قطر، وعلى إثرها تقرر إرسال قوات تركية للدوحة.

بدأت الحملة على قطر بكذبة كبيرة وفبركة من أجل تسخين الأجواء قبل الهجمة

بدأ الإعلام السعودي من لحظتها هجمة شرسة على أنقرة، واتهمها بدعم الإرهاب علانية، وبأنها الجناح العسكري لجماعة الإخوان المسلمين في المنطقة، في ما بدا أشبه بالحملة التي استهدفت قطر، والتي بدأت بكذبة كبيرة وبفبركة تصريحات لأمير قطر، واتضح أنها كانت مجرد تسخين للأجواء قبل بدأ الهجمة على قطر.

اقرأ/ي أيضًا: اكذب ثم اكذب.. هكذا تشن حملة ضد قطر

لم تعلق تركيا على هجوم الإعلام السعودي عليها، طبعًا لأنها اختارت موقف المحايد لقربها من الجميع والوسيط لمكانتها في المنطقة.

وطالب الرئيس التركي رجب طيب أوردغان، الذي يتمتع بمكانة كبيرة في نفوس جميع الأطراف الخليجية بفك الحصار عن قطر، وإنهاء الأزمة قبيل انتهاء شهر رمضان، وأكّد أن بلاده مستعدة للوساطة لحل الأزمة الخليجية التي تزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم.

لكن يبدو أن حلف السعودية فيها مصرّ على لي جناح قطر، وفرض وصاية عليها، وهو ما يرفضه القطريون والأتراك وكل الشعوب العربية والإسلامية، لأن قطر الصغيرة  من حيث الجغرافيا والكثافة السكانية أصبحت كبيرة اقتصاديًا ومواقف وسياسة وحنكة، ويحسب لها عدم التصعيد كما أشار إلى ذلك وزير الخارجية التركي شاويش أوغلو، حين أشاد بضبط النفس القطري رغم القدرة على الرد الحازم، ولكن الحكمة كانت طبع القطري.

المتابع للتحركات التركية ومحاولة الوساطة في الأزمة الخليجية، يرى أن أنقرة لها قدرة فائقة على التأثير في الطرفين، وأنها معنية دون غيرها بحل الأزمة الخليجية،  فالعراق مشتعل بحرب الموصل، والرقة في سوريا تحت نيران التحالف، والأكراد يتربصون الدوائر، ومصر بدون تيران وصنافير لن تستقر، أما أوروبا فحاقدة ولن تنقصها المكائد للي ذراع النظام المسلم القوي، ولم يبق أمامها من الحلفاء الجيران غير طهران والرياض والشقيقة المحاصرة، وهذا ما يحسب له الأتراك ألف حساب والجميع يعلم أيضًا أنه لو تم التهاون بما تتعرض له الدوحة اليوم، فإن المحطة القادمة ستكون إسطنبول، وقد حاول القوم ذات أيلول/سبتمبر ففشلوا، ولكن ليس كل مرة تسلم الجرة.

اقرأ/ي أيضًا: كيف جرت عملية إجهاض الربيع العربي؟

وذلك ما يفسر التحرك التركي العاجل لاحتواء أزمة الاشقاء الخليجين، وإن بدت تركيا أقرب إلى الموقف القطري، كما كانت الدوحة أول الواقفين الى جانب تركيا ليلة الانقلاب الفاشل، ولعل الحصار أيضًا يلحق بالانقلاب وهو أقرب للفشل نظرًا للقوة الاقتصادية والسياسية والعلاقات التي تتمتع بها قطر من قبل الأوربيين وغيرهم، فهي موقع استثماري يحسب له ألف حساب وليس من السهل كسره ولا حصاره، وهنا يكمن خطأ الحلف السعودي المتساقط، خاصة في ظل السياسة الملتوية للولايات المتحدة الأمريكية، فالبيت الأبيض مؤيد للرياض، والخارجية والبنتاغون يدعمان الدوحة وتلك قمة الحنكة والخبث السياسي.

الوحيد القادر على فك الأزمة واحتوائها هو الوساطة  التركية في الخليج، فتركيا لوحدها قادرة على احتواء الأشقاء حتى ولو كانت واشنطن الفاعل الأساسي في منطقة الخليج العربي المنهوب من قبل ترامب وعائلته، التي خرجت من قمة الرياض بمليارات ووعود بكسر كل من يعكر صفو  ترامب، وكان نصيب الدوحة أن كانت أول الموعودين فحاصرتها السعودية مباشرة بعد قمة ترامب وحلفاء الرياض.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تركيا وإيران.. درس عقلاني لا يفهمه تلاميذ بلير

قطر تدفع ثمن الاستقلالية عن وصاية "شيخ القبيلة"!