07-مايو-2021

تتوجه السعودية نحو تطبيع العلاقات مع الأسد (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

بدأت السعودية مرحلة جديدة في علاقتها مع النظام السوري، عنوانُها الأبرز التقارب السياسي، وذلك بعد مقاطعة، على الأقل رسمية، استمرت 9 سنوات، تخلّلتها بعض المحاولات للتقارب لكنها باءت بالفشل أو ظلّت في مستوى التواصل الأمني ولم تشمل المستوى السياسي.

بدأت السعودية مرحلة جديدة في علاقتها مع النظام السوري، عنوانُها الأبرز التقارب السياسي، وذلك بعد مقاطعة رسمية استمرت 9 سنوات

مع ذلك، فقد أشارت الأنباء خلال الأيام الماضية إلى تقارب محتمل بشكل رسمي. بداية أكّدت صحيفة الغارديان البريطانية الأخبار المتداولة عن زيارة وفد أمني سعودي  للعاصمة السورية دمشق، حيث كان في استقبال الوفد السعودي الذي قاده الفريق خالد حميدان  رئيس مكتب الأمن القومي المشرف على الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري علي مملوك. ونقلت الغارديان عن مسؤول سعودي، طلب عدم الكشف عن هويته، بأن الاجتماع الذي جرى يوم الاثنين في دمشق "تم التخطيط له منذ فترة دون أن يتحقق على أرض الواقع، لكن التطورات الإقليمية الأخيرة سهّلت التواصل".

اقرأ/ي أيضًا: مصادر أمريكية: واشنطن تستطلع نية نظام الأسد للتطبيع مع إسرائيل

كما نقلت الصحيفة البريطانية عن مسؤولين سعوديين قولهم: "إن استئناف العلاقات بين الرياض ودمشق قد يبدأ بعد فترة قصيرة من عيد الفطر المبارك الأسبوع المقبل". وعلّقت الصحيفة على هذه الخطوة بالقول إنها: "ستكون بمثابة دفعة كبيرة للأسد، الذي تشبث بالسلطة بدعم من روسيا وإيران بالرغم من انهيار سوريا كدولة  من حوله".

من جهته، يبدو أن النظام السوري سيحاول الاستفادة من هذا التقارب السعودي العربي لأقصى درجة ممكنة، خاصة أنه يمهد الطريق أمام بشار الأسد لنيل عهدة رئاسية جديدة تُبقيه في الرئاسة حتى عام 2028، فعودة النظام السوري للجامعة العربية وإعادة فتح السفارات العربية في دمشق ستكون بمثابة اعتراف عربي بشرعية نتائج الانتخابات وستضفي شرعية عربية على النظام ورأسه، ولعل تسريب أخبار زيارة الوفد السعودي لدمشق تندرج في هذه المساعي.

لماذا الآن؟

في هذا السياق، ربطت تقارير الخطوة السعودية بمسار المفاوضات بين الرياض وطهران في بغداد، متوقّعة أن تكون جزءًا من عملية التقارب بين السعودية وإيران في مساعيهما لتهدئة المنطقة، بعدما خاضتا حروبًا بالوكالة في أكثر من جبهة، ولا سيما في اليمن وسوريا.

حيث كانت الرياض في مركز خطة للإطاحة بالأسد من خلال تسليح بعض الفصائل الموجودة في المناطق القريبة من دمشق حينها، كما طالبت الرياض إدارة باراك أوباما في العديد من المرات بالسماح للقوات الأمريكية بتنفيذ ضربات جوية تستهدف النظام، لكن إدارة أوباما لم تستجب لذلك بالرغم من لجوء قوات الأسد لاستخدام أسلحة كيماوية محظورة في مهاجمة المدنيين حسب صحيفة الغارديان.

مع التدخل الروسي لإنقاذ نظام الأسد وخسارة المعارضة لمناطق كثيرة "احتلت الرياض مقعدًا خلفيًا في الصراع ، تاركة الدور  لمصر والإمارات العربية المتحدة اللتين تعملان حاليًا على تطبيع العلاقات مع النظام السوري عربيًا.

وشهد العام 2017 نشاطًا دبلوماسيًا للسعودية في الملف السوري من خلال احتضان هيئات ومجالس وتيارات المعارضة السورية التي عقدت اجتماعًا في المملكة عُرف ب"الرياض 1"، انبثقت عنه "الهيئة العليا للمفاوضات" التي تشرف على التفاوض مع النظام.  وفي ذات العام بادرت الخارجية السعودية مرة ثانية لعقد اجتماع ثان للمعارضة، لكن ذلك الاجتماع استبعدت منه الرياض أبرز وجوه المعارضة السورية رياض حجاب، الذي كان قد ترأس "الهيئة العليا للمفاوضات" في دورتها الأولى.

وبدأت السعودية منذ تلك اللحظة في انتهاج أسلوب جديد من التعاطي مع النظام السوري اضطرها لممارسة ضغوط على المعارضة السورية لضم منصتي "موسكو" و"القاهرة" إلى هيئة التفاوض، وهو ما كان مقدمة لضغوط أكبر دفعت المعارضة السورية إلى الموافقة على البدء في التفاوض حول سلّة الدستور وتأجيل التفاوض حول الانتقال السياسي.

وفي أواخر عام 2019، عقدت الرياض اجتماعًا لمجموعة من المعارضين السوريين المستقلين، تمخض عن انتخاب ثمانية منهم لتمثيل المستقلين في هيئة التفاوض، "وهو ما اعتبرته الأخيرة غير قانوني. وفي مطلع العام الحالي، تفاقمت الخلافات داخل "هيئة التفاوض"، وهو ما دفع الجانب السعودي إلى "تعليق عمل موظفي الهيئة"، التي تتخذ من الرياض مقرًا لها منذ تأسيسها عام 2015.

زيارة الوفد السعودي إلى دمشق تزامنت مع تصريحات لولي العهد السعودي محمد بن سلمان التي قال فيها إن السعودية: "ترغب في إقامة علاقات طيبة ومميزة مع إيران"، كما أبدى ابن سلمان في نفس المقابلة استعداده لدعم الحوثيين حال قبولهم بالمبادرة السعودية للحل.

يُذكر أنه في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي عقدت كل من مصر والأردن والسعودية والإمارات اجتماعًا تشاوريًا على مستوى كبار المسؤولين في وزارات الخارجية لبحث تطورات الأزمة السورية. ويشار في هذا الصدد إلى أن الإمارات تقود مع مصر جهود إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية وتطبيع العلاقات العربية معه.

كما أنه وفي كانون الثان/يناير من العام الماضي، أفادت وسائل إعلام مقربة من النظام السوري بأن "لقاءً وديًا سوريًا سعوديا عُقد في نيويورك، وأنه تم التأكيد على أن التوتر الذي طبع العلاقة بين البلدين خلال سنوات سيزول".

في كانون الثان/يناير من العام الماضي، أفادت وسائل إعلام مقربة من النظام السوري بأن "لقاءً وديًا سوريًا سعوديا عُقد في نيويورك"

في سياق متصل سبق وأفاد موقع تلفزيون سوريا أن اللواء السوري علي مملوك عقد خلال الأعوام الثلاثة الماضية، العديد مِن اللقاءات - معظمها سريّة - مع العديد مِن رؤساء المخابرات في دول عربية وأجنبيّة، كما حضر العديد مِن اللقاءات برفقة رئيس "النظام" بشار الأسد، خارج سوريا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تطبيع نظام الأسد.. التقاء "عربي" إسرائيلي