02-مايو-2016

(Getty)

بدأ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري اليوم بممارسة ضغوط دبلوماسية، لإقناع موسكو بالضغط على النظام السوري، لوقف الهجمات الجوية التي ينفذها على مدينة حلب، منذ أسبوعين تقريبًا، بعد انتقادات حادة وجهها المجتمع الدولي، لكل من روسيا والنظام السوري، وتحذيرات دولية من تفاقم الوضع الإنساني في المدينة.

ما يظهر من أحداث متسارعة في حلب، لا يدل على أن الروس سيضغطون على النظام السوري، فهم ما زالوا يحتاجون المزيد من الوقت، لحسم المعركة الكبرى

وظهر على تصريحات كيري، التي جاءت عقب اجتماعه مع المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا، تفاؤل نسبي بعد أن تحدث عن إمكانية حدوث هدنة في حلب خلال الأيام القادمة، مطالبًا المتواجدين في جنيف العمل اليومي بشكل مكثف، "من أجل ضمان وجود فرصة أفضل لفرض وقف إطلاق النار".

اقرأ/ي أيضًا: هاشتاج حلب تحترق..يتصدر الصحفات الزرقاء

ويبدو أن الأنظار ستتوجه غدًا الثلاثاء إلى موسكو، لمعرفة ما سينتج عن اللقاء المنتظر، بين المبعوث الدولي دي ميستورا، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وعلى الرغم من أن موسكو لم تظهر أي تفاعل مع كلام كيري الأخير، إلا أنها تركت المجال مفتوحًا لبحث قرار وقف إطلاق النار في حلب، وهو ما عبرت عنه الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، بقولها إن "التسوية السورية ستكون الموضوع الأساسي" في لقاء الغد.

وعكس ما هو متوقع من جهود دولية، تطالب النظام السوري بإيقاف الهجمات الجوية على مدنية حلب، قام الأخير اليوم بتمديد الهدنة في دمشق والغوطة الشرقية مدة ثمانية أربعون ساعة، وكانت الهدنة التي أعلن عنها منذ أيام، عرفت باسم "نظام التهدئة"، وشملت كل من دمشق وريف اللاذقية، لاقت انتقادات دولية واسعة بعد استثناء مدينة حلب منها.

لكن ما يظهر من أحداث متسارعة في حلب، لا يدل على أن الروس سيضغطون على النظام السوري، فهم ما زالوا يحتاجون المزيد من الوقت، لحسم المعركة الكبرى، وهو ما يؤكده حديث نشطاء من داخل المدينة عن تعزيزات عسكرية للنظام السوري في حي المشارقة، والتسريبات السابقة التي تقول عن تعزيزات مشابهة على أطراف المدينة حلب، يقودها جنرالات إيرانيين تحضيرًا لاقتحام حلب.

فالنظام السوري لم ينتهي بعد من، إعادة ترتيب أوراقه العسكرية مع الميليشيات المقاتلة إلى جانبه على الأرض، ما فرض عليه القبول، أو طلب "نظام التهدئة"، قبل أن يقدم على اقتحام حلب، لأنه في حال خسر عملية الاقتحام، التي سبقها عمليات مشابهة كانت فاشلة، فأن ذلك سينعكس سلبًا على علاقته مع الحليف الروسي، ويقوي من موقف المعارضة السورية في مباحثات السلام المقرر عقدها خلال الشهر الحالي.

التطورات الأخيرة التي شهدتها حلب، وما رافقها من حملات على مواقع التواصل الاجتماعية، شاركت فيها شبكات إعلام عالمية، وفنانين عالميين، شكلت ضغطًا كبيرًا على الأمم المتحدة، وجعلت مجموعة "أصدقاء سوريا"، توجه انتقادات حادة اللهجة لموسكو، رغم أن الأخيرة عبرت عن رفضها الضغط على نظام الأسد لإيقاف الهجمات الجوية.

اقرأ/ي أيضًا: حلب..مدينة الألم

وكان "مركز توثيق الانتهاكات" في مدينة حلب، أعلن عن أن الهجمات الجوية التي نفذها النظام السوري على مدينة حلب في شهر نيسان/ أبريل، قتلت 347 مدنيًا، من بينهم 38 امرأًة و76 طفلًا و7 أطباء وممرضين و5 من فريق الدفاع المدني، إضافة لتدمير نسبة كبيرة من المرافق الخدمية في المدينة.

إذن، على الجميع أن ينتظر ما تسفر عنه مباحثات موسكو غدًا، في ظل الجهود الدولية المبذولة لإحياء الهدنة من جديد، قبل مفاوضات جنيف الأخيرة، وهي التي غالبًا تنتظر من المعارضة السورية، أن تقدم تنازلات في بنود عملية الانتقال السياسي في سوريا، وما ترفضه المعارضة حتى اللحظة.

حيثُ معظم التحليلات تشير إلى أن لقاء الغد لن ينتج عنه الشيء الكثير، فالنظام متمسك بخيار الحسم العسكري مدعومًا من روسيا وإيران والميليشيات متعددة الجنسيات التي تقاتل إلى جانبه على الأرض، فيما تبقى مجموعة "اًصدقاء سوريا"، متمسكة ببذل جهود دبلوماسية مكثفة لإعادة المفاوضات إلى نقطة الهدنة، دون أن تبدي أي تفاعل في تقديم المساعدات العسكرية لفصائل المعارضة، ما يعني أن ميزان الحسم سيكون في صالح النظام، أكثر من أي وقت سابق، والذي بدأها في حلب بتنفيذه لسياسة الأرض المحروقة.

اقرأ/ي أيضًا: 

حلب..الحداد أحمر

الصمت الذي يليق بحلب