05-نوفمبر-2022
البرتغال

"Getty" قاد سانتوس البرتغال لنيل بطولة يورو 2016

يستعد المنتخب البرتغالي لخوض معترك كأس العالم، بعد أن تأهل للمرة الثامنة في تاريخه للمونديال، على حساب مقدونيا الشمالية في الملحق الأوروبي. ويسعى رفقاء كريستيانو رونالدو للوصول لأقصى نقطة ممكنة في البطولة، التي من المُحتمل أن تكون الأخيرة لرونالدو.

البرتغال

يمتلك المنتخب البرتغالي في صفوفه عددًا وفيرًا من أهم لاعبي الفرق الأوروبية الكبرى، لكن وبالرغم من ذلك، هناك شكوك تساور الجمهور البرتغالي في مقدرة الفريق على تحقيق اللقب، بالرغم من كونه مدجّجًا بالنجوم، والسبب يتمحور حول الفلسفة التكتيكية لمدرب المنتخب البرتغالي " فرناندو سانتوس ". فما الأسباب التي أدت إلى ذلك؟

براغماتية مُتقَنة

في بطولة كأس العالم 2014 في البرازيل، كان ظهور المنتخب البرتغالي باهتًا، حيثُ ودع الفريق البطولة من دور المجموعات، في مجموعة ضمت كلٌ من ( ألمانيا- غانا- الولايات المتحدة)، وبالرغم من امتلاك المنتخب البرتغالي لأحد أفضل لاعبي العالم – كريستيانو رونالدو- إلا أن باقي الفريق كان مُتهالكًا، حيثُ سيطرت عليه إما مجموعة من اللاعبين المحليين بأعمار كبيرة نسبيًا، أو لاعبو الصف الثاني في الفرق الأوروبية، عدا "رونالدو" و" بيبي " نجما ريال مدريد حينها.

البرتغال

في الوقت ذاته، كان المدرب البرتغالي " فرناندو سانتوس " صاحب الـ 66 عام، يعيش أحد أفضل فتراته التدريبية رفقة منتخب اليونان، حيثُ ساعدهم على الوصول إلى مراحل خروج المغلوب في يورو 2012 وكأس العالم 2014. لم تكن اليونان تلعب كرة قدم جميلة وجذابة، ولم يكن عليهم أن يكونوا كذلك. فعل سانتوس ما كان متوقعًا منه بطريقته البراغماتية المعتادة ،مستمتعًا بدور المُستَضعف.

البرتغال

تولى سانتوس تدريب البرتغال بعد كأس العالم 2014 مباشرةً، وهو ما عُد حينها اختيار مثالي. فالمعطيات تُشير إلى منتخب كبير يحتضر، فما المانع من رجل يعرف خبايا اللعبة جيدًا، وفوق كل ذلك يميل إلى لعب الكرة بالطريقة البراغماتية التي يتبناها معظم مدربي المدرسة البرتغالية.

البرتغال

بعد عامين فقط من تولي المهمة، كان سانتوس ورجاله على موعد مع بطولة أمم أوروبا 2016 في فرنسا. لم يكن أحد ينتظر من البرتغال سوى محاولة تخطي دور المجموعات، والصمود قليلاً في الأدوار الإقصائية، وهو ما كان ملائمًا تمامًا لما يبرع فيه سانتوس، وهو تَقمُص شخصية المُستَضعف التي يُجيدها تمامًا. والبقية نعرفها جميعًا. البرتغال توّجت ببطولة يورو 2016 على حساب فرنسا المستضيفة.

تملك البرتغال تشكيلة مدجّجة بالنجوم، لكن مدرّبها فيرناندو سانتوس أسلوبه يناسب الفرق التي تلعب دور المستضعف، وهو أمر لم يعد يناسب الفريق

زمنٌ غَير الزمن

بعد سنوات أصبحنا أمام حقيقة واضحة للجميع، وهي أن البرتغال لديها واحدة من أكثر الفرق اكتمالاً منذ فترة طويلة، حيث تمتلك لاعبين أصحاب جودة عالية في كل المراكز، ومعظمهم نجوم الصف الأول في كبرى الأندية الأوروبية.

البرتغال

على الرغم من وضعهم في "مجموعة الموت" في يورو 2020، إلى جانب ألمانيا وفرنسا والمجر، فقد توقع الكثيرون أن البرتغال قادرة على الدفاع عن لقبها. لكن ما حدث كان مُغايرًا للتوقعات، حيث وقفت البرتغال في منطقة غير مألوفة بالنسبة لسانتوس. فلم يعد فريقه المُدجج بالنجوم ملائماً للعب دور المُستضعف، فالرجل يمتلك فريقًا قادرًا على مواجهة أي فريق في أي يوم.

البرتغال

كان هذا هو الاختبار الحقيقي لسانتوس. مع امتلاكه لفريق لديه خيارات للعب بالطريقة التي يريدها الجمهور. سواء كان ذلك بطريقة الضغط العالي أو الاستحواذ على الكرة، لكنه استمر في اللعب بطريقته البراغماتية المعتادة. ثابتًا على نهج السلامة أولاً، الذي حجم إمكانيات لاعبيه؛ والنتيجة خروجه من دور الـ 16 على يد منتخب بلجيكا.

البرتغال

لم يؤدِ خروج البرتغال المخيب للآمال من دور الستة عشر في يورو 2020 إلى ظهور حشد غاضب، يطالب برأس فرناندو سانتوس. بل كان رد الفعل أكبر من ذلك بكثير، حيثُ تمحور الجدل حول ما إذا كان الوقت قد حان لتغيير فلسفة كرة القدم البرتغالية بأكملها، بقدر ما تم تغيير المدرب.

البرتغال

كانت هناك أسباب وجيهة وراء إفلات سانتوس إلى حد كبير من غضب الجماهير في هذا البلد المهووس بكرة القدم. فهو مهندس أعظم لحظات كرة القدم في البرتغال على الإطلاق، هو الرجل الذي قاد الأمة إلى المجد في بطولة أوروبا 2016.

أن تمتلك الجرأة لتقول لرونالدو "لا"

لا تمتلك البراغماتية تاريخ سيئ مع كرة القدم الدولية.  تُشير نظرة إلى الوراء على البطولات الكبرى في العقود الأخيرة إلى أنها قد تكون نقطة قوة. قد يكون الأمر على خلاف ما يحدث في بطولات الأندية في العقدين الأخيرين، حيثُ تسيطر الفرق صاحبة الكرة الهجومية على الألقاب، لكن الفوز بكأس العالم أمر مختلف تمامًا.

هل النهج الذي يتبعه سانتوس حاليًا يُعد براغماتية كتلك التي قادت أصحابها وقادته هو شخصيًا إلى ألقاب البطولات الدولية؟

السبب الواضح هو أن المدربين الدوليين ليس لديهم نفس الوقت لقضائه مع اللاعبين، وبالتالي فإن الاعتماد على طرق الهجوم المستخدمة من فرق أمثال مانشستر سيتي وليفربول ليست سهلة ليتبناها مدربو الفرق الوطنية.

لكن يظل سؤالنا حاضرًا، هل النهج الذي يتبعه سانتوس حاليًا يُعد براغماتية كتلك التي قادت أصحابها وقادته هو شخصيًا إلى ألقاب البطولات الدولية؟

  لا نعتقد أن لهذا السؤال إجابة واضحة وشافية، غير العنوان الفرعي الذي وضعناه أعلاه. لا يعني ذلك رفضًا تامًا لرونالدو، وأن بجلوس رونالدو على مقاعد البدلاء ستُحقق البرتغال لقب كأس العالم، أو أن عامل تقدم رونالدو في السن، ومستواه المترنح الذي يقدمه هذا الموسم، هو مشكلة البرتغال الوحيدة، لكننا هنا نتحدث جانب آخر من البراغماتية ربما لم يتطرق له سانتوس قط.

البرتغال

ما نتحدث عنه، هو أسلوب التكيف مع المعطيات الذي يتبناه سانتوس، ويدعي أنه أسلوب حياته. لا شك أن رونالدو أحد أفضل لاعبي كرة القدم عبر تاريخها، لكن المعطيات الحالية، غير أنها تشير أن هذه المجموعة من اللاعبين تحتاج إلى فلسفة لعب مختلفة، فإنها تؤكد أن رونالدو لم يعد هذا الخارق الذي سيحمل على كتفيه تسجيل ثلاثة أهداف في مرمى السويد ويحملك إلى كأس العالم، أو يُسجل ثلاثة أهداف في مرمى إسبانيا ويعبر بك للدور القادم من المونديال.

ربما يكون هناك دور أكثر ملائمة لرونالدو في بطولته الأخيرة، وهي مسألة حساسة بالنسبة للمدرب ولرونالدو نفسه، لضمان أن يظل أعظم لاعب في تاريخ الأمة مصدر قوة، وليس عائقًا لفرص نجاح الفريق. ربما يعتبر اللعب كبديل هو أحد هذه الاستراتيجيات التي يمكن أن تكون مناسبة لجميع الأطراف. لكن من يستطيع أن يقوم بهذا الدور؟ رونالدو نفسه أم سانتوس أم رجل جديد في المخبأ، بعدما يكون قد فات الأوان؟