المتابع لمشهد التحقيقات التي قام بها مكتب المحامي الخاص روبرت مولر حول علاقة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب بروسيا في انتخابات عام 2016، وموضوع ما إذا كان ترامب قد أعاق سير التحقيقات أو لا، سيصاب بكثير من الارتباك. إذ يصر وزير العدل الأمريكي على إعلان نتائج التحقيقات في ملخص يقرؤه جميع نواب الكونغرس، و يعلن خيبة أمله بالمحامي الخاص لأن نتائجه لم تنسب جُرمًا مشهودًا لترامب كرئيس مثير للجدل للولايات المتحدة، بعد أن حامت حولته الشبهات لوقت طويل.
يبقى هناك بعض الملاحظات الهامة حول تقرير مولر، وهي أن وليام بار وزير العدل، تعجل بقصد إنهاء تلك السحابة الرمادية فوق ترامب كي يخرج منتصرًا
تفسر بعض الصور فيما وراء المشهد، وبعض التأويلات لدوافع معينة، الكثير، أو ربما يجعل المتابعين يفهمون لماذا حدث ما حدث، أو ما الذي حدث تحديدًا.
نتائج المحقق الخاص ليست في مصلحة ترامب.. أو هكذا يجب أن يُقال
يخبرنا فريق تحقيقات مكتب المحامي الخاص روبرت مولر أن المدعي العام وليام بار فشل في إيضاح الصورة الكاملة لنتائج تحقيقاتهم، وأن نتائج التحقيقات تلك إذا خلصت إلى ما خلصت إليه فهي مثيرة لقلق الرئيس ترامب.
اقرأ/ي أيضًا: المخابرات الأمريكية: بوتين أطلق حملة لدعم ترامب
يشعر أعضاء مكتب التحقيقات في مكتب المحامي الخاص بالقلق لأن وزير العدل قد ابتكر تصورًا خاصًا به من وجهة نظرهم، وهو ما يجعل الأمريكيين يبنون تصوراتهم عما حدث خلافًا للحقيقة، وقبل أن تصبح نتائج التحقيقات علنية.
قال ويليام بار على عجل، إنه سيقوم بإعداد ما يقرب من 400 صفحة من التقرير النهائي للتحقيقات ولكنه يحتاج إلى وقت.
في خضم ذلك، كان محققو المحامي الخاص قد كتبوا بالفعل ملخصات متعددة للتقرير، ويعتقد بعض أعضاء الفريق أنه كان ينبغي على بار أن يدرج المزيد من المواد في الرسالة المؤلفة من أربع صفحات، التي كتبها في 24 آذار/مارس، والتي توضح النتائج الرئيسية التي توصلوا إليها، وفقًا لمسؤولين حكوميين تحدثوا مع صحيفة نيويرك تايمز، ومع ذلك، لم يطلب مكتب المحامي الخاص من الوزير الأمريكي الإعلان عن الملخصات بعد وقت قصير من تلقيه التقرير، وقررت وزارة العدل بسرعة أن الملخصات تحتوي على معلومات حساسة، مثل المواد السرية، وشهادة هيئة المحلفين السرية والمعلومات المتعلقة بالتحقيقات الفيدرالية الحالية التي يجب أن تظل سرية، وهكذا سيكون الاكتفاء بما يعده بار من ملخص، هو التقرير النهائي أمام الأمريكيين.
وزير العدل يعلن إحباطه من مولر: "لم يقم بعمله"
رفض كثير من المسؤولين الإفصاح عن وجهة نظرهم الكامنة خلف اعتقادهم أن نتائج التحقيقات أكثر ضررًا للرئيس مما شرحه بار للرأي العام، على الرغم من أنه يرى أن التقرير يفحص ما فعله ترامب لإحباط التحقيق. ولم يتضح حجم المناقشة التي أجراها مولر ومحققوه مع كبار مسؤولي وزارة العدل حول كيفية نشر نتائجهم. ولم يكن واضحًا أيضًا مدى انتشار هذا الغضب بين فريق المحامين الخاصين، الذي ضم 19 محاميًا، وأربعين عميلًا للـ"لإف بي آي" وغيرهم من الموظفين.
في الوقت نفسه يُعلن وزير العدل الأمريكي عن إحباطه من المحامي الخاص مولر وفريقه، حيث يعتقد هو وغيره من مسؤولي وزارة العدل الأمريكية أن فريق محققي مولر لم يكونوا على قدر المهمة التي أوكلت إليهم، حيث رفضوا إثبات أو نفي ما إذا كان ترامب قد عرقل سير التحقيقات، لكن بار قد اتخذ موقفه في النهاية بتبرئة ترامب من أي اتهام يخص عرقلته لسير التحقيقات.
يمكن من أجل ترامب سيء السمعة "المفيد دومًا" لجناح الجمهوريين، ولكل المصالح والتوازنات واللوبيهات المرتبطة بهم، تكسير كل البيروقراطيات
على أي حال فإن اللوائح والقوانين في مثل هذه المسائل تلزم مولر بتقديم تقرير سري إلى بار يتضمن تفاصيل قرارات الادعاء. أما الديمقراطيين في الكونغرس فقد اتهموا وزير العدل بالتدخل لصبغ نتائج التحقيق لصالح الرئيس.
الأسئلة الرئيسية.. تائهة
قال بار في رسالته إلى الكونغرس والتي تحدد أهم استنتاجات التقرير، إن مولر لم يجد أي مؤامرة بين حملة ترامب وروسيا في الانتخابات لعام 2016. بينما لم يتخذ المحقق الخاص أي قرار بشأن سؤاله الرئيسي الآخر، وهو ما إذا كان الرئيس قد عرقل التحقيق بشكل غير قانوني، إلا أنه لم يفلح صراحة في تبرئة ترامب.
المؤكد هو ما أشارت له صحيفة نيويورك تايمز عن القصة، وهو تجاهل وزير العدل الأمريكي حكم الادعاء، الذي جاء فيه: "يترك الأمر للمدعي العام لتحديد ما إذا كان السلوك الموصوف في التقرير يشكل جريمة". حيث قرر بار هو ونائبه أن الأدلة غير كافية لاستنتاج أن ترامب قد ارتكب جريمة "عرقلة سير العدالة".
وليام بار المتعجل.. وصراع جناحي السياسة
طغت تداعيات رسالة بار التي تحدد النتائج الرئيسية التي توصل إليها ملف التدخل الروسي على نيته نشر أكبر قدر ممكن من التقرير بأكمله، وهو هدف أكده منذ جلسة كانون الثاني/يناير، وكرر للمشرعين الأسبوع الماضي أنه يريد من كل من الكونغرس والجمهور قراءة التقرير، مما يعني أنه يعمد إلى القفز مباشرة إلى النتائج الرئيسية التي يرى أنها لا تدين ترامب، وغض الطرف عن بعضها التي رأى فيها متابعون، ومنهم أعضاء مكتب المحامي الخاص مولر أنها تدينه أكثر مما تبرئه.
وتذكر نيويورك تايمز في تقريرها أن وعود بار بالشفافية لم تفعل الكثير لإرضاء الديمقراطيين الذين يسيطرون على مجلس النواب، حيث صوتت اللجنة القضائية بمجلس النواب يوم الأربعاء للسماح لرئيسها باستخدام أمر استدعاء لمحاولة إجبار وليام بار على تسليم نسخة كاملة من تقرير مولر وأدلته الأساسية إلى الكونغرس. واحد من هؤلاء النواب الديمقراطيين هو جيرالد نادلر وهو نائب ديمقراطي من نيويورك أعرب عن عدم ثقته في وصف بار لنتائج مولر بأنها برأت ترامب تمامًا.
اقرأ/ي أيضًا: إدانة الإف بي آي بالتجسس.. قشة ترامب الأخيرة في بحر التحقيقات الروسية
وأضاف نادلر أيضًا: "يمنح الدستور الكونغرس مساءلة الرئيس عن سوء السلوك الرسمي المزعوم، هذا يتطلب منا تقييم الأدلة بأنفسنا من خلال كل كلمة في التحقيقات، وليس ملخص المدعي العام فقط، ولكن التقرير الكامل والأدلة الأساسية".
طغت تداعيات رسالة بار التي تحدد النتائج الرئيسية التي توصل إليها ملف التدخل الروسي على نيته نشر أكبر قدر ممكن من التقرير بأكمله
يبقى هناك بعض الملاحظات الهامة حول تقرير مولر، وهي أن وليام بار وزير العدل، تعجل بقصد إنهاء تلك السحابة الرمادية فوق ترامب كي يخرج منتصرًا في النهاية من كل هذا التشويش على سمعته، ربما لأنه يمكن من أجل ترامب سيء السمعة "المفيد دومًا" لجناح الجمهوريين، ولكل المصالح والتوازنات واللوبيهات المرتبطة بهم، تكسير كل البيروقراطيات.
اقرأ/ي أيضًا: