01-نوفمبر-2022
جدري النسناس

جدري القرود (Getty)

بعد خمسة أشهر تقريبًا من إطلاق وكالات الصحة العالمية ناقوس الخطر لأول مرة بشأن تفش عالمي نادر لجدري القردة، أو جدري النسناس كما قررنا اعتماد التسمية في "ألتراصوت"، فإننا نكاد اليوم لا نسمع أي خبر عنه بالمرّة، وكأنه كان كابوسًا عابرًا، أو تحذيرًا مبالغًا فيه، رغم أن المرض يتعلق بفيروس قاتل أحيانًا، مستوطن في غرب ووسط إفريقيا. 

ما الذي حصل؟ وكيف تلاشى تهديد هذا المرض بعد كل الجدل الذي أثير حوله؟

فما الذي حصل؟ وكيف تلاشى تهديد هذا المرض بعد كل الجدل الذي أثير حوله؟ 

تشير بعض التقارير إلى أن اللقاحات الخاصة بمرض الجدري قد آتت أكلها في العديد من المناطق حول العالم. أما في الأماكن التي بدأ بها المرض بالتفشي، وخاصة بين الرجال المثليين أو الذين يمارسون الجنس مع رجال آخرين، فإن اللقاحات التي تلقوها قد حالت دون استمرار سلسلة العدوى وانتقالها إلى حالة عدوى مجتمعية، وهو ما أسهم عمومًا بانخفاض معدلات الإصابة في المرض في كل مكان تقريبًا حول العالم، بعد أن وصل معدل الإصابات اليومي إلى أكثر من 1500 حالة في بداية آب/أغسطس الماضي. 

مع ذلك، فإنه من المبكّر الاحتفال بيقين بإعلان انتهاء هذا الخطر الذي بدا داهمًا ومرعبًا، إلا أن العالم أثبت قدرته على مقاومة وباء جديد، لحسن الحظ. وبحسب ما نقل موقع "ديلي ببست" عن جيمس لولر، خبير الأمراض المعدية في المركز الطبي بجامعة نبراسكا الأمريكية، فإن الناس في المجتمعات التي عانت من آثار هذا المرض في البداية تعاني من مشاكل أساسية في الاستهانة بمسألة اللقاحات. 

إلا أن السيطرة على مرض جدري النسناس يعد إنجازًا مشجعًا على كفاءة مؤسسات الصحة العامة في عدد من الدول التي كانت مهددة بتسجيل انتشار مجتمعي للمرض، ولاسيما أنه تزامن مع استمرار تأثير جائحة كوفيد-19، في الولايات المتحدة مثلًا وفي بعض الدول الأوروبية.

الحملة الناجحة على ما يظهر للسيطرة على جدري النسناس، تمثل بلا شك درسًا بالغ الأهمية لكيفية التعامل مع أي فيروس حيواني قد يبدأ بالانتشار بين البشر، وذلك بحسب المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض، والذي أكّد على أن الخبراء باتوا أكثر قدرة على إقناع المؤسسات الرسمية المعنية بالصحة العامة بضرورة وضع إجراءات أكثر دقّة فيما يخص التشخيص المبكر والعزل وتتبع نقاط الاتصال بين صاحب العدوى والآخرين، مع وضع إستراتيجيات التطعيم وتوفير اللقاحات. 

يذكر أن جدري القرود من الأمراض المستوطنة في مجموعات القوارض والقرود في غرب ووسط أفريقيا ويسبب أعراضًا شبيهة بالإنفلونزا وطفحًا جلديًا لدى البشر - كما أنه قد يتسبب بالوفاة في نسبة صغيرة جدًا من الحالات، علمأ أنه ينتشر من خلال الاتصال الجسدي المباشر، وخاصة عبر الاتصال الجنسي بين الرجال.

مرض جدري النسناس أقل عدوى من أمراض أخرى، مثل فيروس كورونا الجديد

من جهة أخرى، فإن مرض جدري النسناس أقل عدوى من أمراض أخرى، مثل فيروس كورونا الجديد، والذي ينتشر عبر الرذاذ، في حين أن العدوى بالجدري تحصل عبر التلامس الجسدي الوثيق والمطول.

وعليه، وفي حين أن تقدير الظروف الموضوعية التي أدت إلى التفشي الوحشي لعدوى فيروس كورونا، نظرًا لقوة الفيروس وعدم توفر اللقاحات والمشاكل التي أحاطت باعتمادها وإنتاجها وتوزيعها بشكل عادل عالميًا، وهي مشاكل سلطت الضوء على ضعف العمل العالمي فيما يخص الشأن الصحي، فإن الحملة الناجحة ضد جدري النسناس هي تذكير إيجابي بأننا نمتلك القدرة على معرفة كيفية التعامل مع معظم الأمراض عبر الآليات الأساسية الخاصة بالتشخيص والعزل والتلقيح والإبلاغ.