21-نوفمبر-2018

هل سيطرت الإمارات على قناة الحرة؟ (Alhurra)

ألترا صوت - فريق التحرير

بعد أن استقر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منصبه، بدأت الأنباء بالتغيير تتوالى على العاملين في قناة الحرة، وكانوا جاهزين لتقبل التسريح أو إنهاء الخدمات في أي لحظة، خاصة بعد تسلم الدبلوماسي الأمريكي السابق ألبرتو فرنانديز مهامه مديرًا عامًا لقناة "الحرة" في تموز/يوليو الماضي.

تولى الإعلامي نارت بوران منصب نائب رئيس شبكة الحرة، وهو الرجل المقرب من أبناء زايد، والمدير السابق لسكاي نيوز الإماراتية

وتعتبر قناة الحرة، تابعة رسميًا للحكومة الأمريكية وممولة منها، وقد تم تداول فكرة تأسيسها في الأوساط السياسية الأمريكية بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر، وفي أيام ما قبل الغزو الأمريكي على العراق، لتنطلق في شباط/فبراير 2004، وتضم عدة نوافذ: قناة الحرة، والحرة عراق، وراديو سوا. وهي تعبّر عن السياسة والتجربة الأمريكيتين في المنطقة والعراق خصوصًا في أيام وجود الاحتلال.

اقرأ/ي أيضًا: بعد إغلاق "أريبيان بزنس".. لا منجاة في الإمارات إلا بالكذب

وكان ألبرتو فرنانديز يتحدّث في وسائل الإعلام عن إحداث "ثورة" في قناة الحرة، والتي تجلت في تسريح صحفيين ومقدمي برامج من المؤسسة، أبرزهم مقدم البرنامج الشهير "ساعة حرة"، الإعلامي اللبناني حسين جرادي.

ولم يمض على تصريح فرنانديز بشأن الثورة التي ينوي القيام بها الكثير، حتى قام بتعيين الإعلامي الأردني نارت بوران في 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2017، نائبًا أولًا لرئيس الشبكة، إضافة إلى إشرافه على البرامج والأخبار لقناة الحرة وإذاعة سوا، فضلًا عن المنصات الرقمية، مثل موقع "ارفع صوتك"، وإنه سيكون جزءًا من عملية تطوير المؤسسة في عمله الذي سيدأ في بداية 2018.

نارت بوران الذي تولى منصب نائب رئيس شبكة قنوات الحرة، أحد الرجال المقربين من أبناء زايد
نارت بوران الذي تولى منصب نائب رئيس شبكة قنوات الحرة، أحد الرجال المقربين من أبناء زايد 

لكن مصدرًا من داخل مكتب قناة الحرة ببغداد، رجح في حديثه لـ"ألترا صوت"، أن "التغييرات في الحرة بالدرجة الأساسية، سياسية، خاصة بعد تعيين الإعلامي الأردني نارت بوران، صاحب العلاقات المتينة مع أولاد زايد في الإمارات، تبدأ بمحمد بن زايد ولا تنتهي بمنصور بن زايد".

ونارت بوران، هو المدير السابق لقناة سكاي نيوز الإماراتية، والذي قاد من قناته الحملة المعروفة على قطر منذ بداية الأزمة الخليجية، لكنه انتقل إلى الولايات المتحدة بعد استلامه المنصب في قناة الحرة.

وفي 14 تشرين الثاني/نوفمبر، أثار خبر رئيسي نشر على موقع قناة الحرة الأسئلة لدى العاملين، وهو الخبر الذي جاء تحت عنوان: "بن زايد يستقبل مسؤولين في التجمع اليمني للإصلاح". ووصفه محرر صحفي في الحرة، ساخرًا، بأن الخبر كأنه "لقناة أبوظبي، ولا يمثل شبكة الشرق الأوسط للإرسال (المالكة للحرة) والمدعومة من الكونغرس الأمريكي، والتي تقول إنها مستقلة ولا تمثل سياسية معينة". 

وأضاف المحرر الذي فضّل عدم الكشف عن هويته كونه لا يزال على رأس عمله في الحرة: "هذا يثير الشكوك لدى العاملين بنفوذ الإمارات على التغييرات الجديدة في القناة، خاصة وإن مكتب دبي أصبح مكتبًا إقليميًا".

وفي عام 2008 سُئل العديد من رؤساء التحرير في راديو سوا، التابع لقناة الحرّة، الذين انتدبتهم الإدارة بشكل متتالي للعمل في مكتب راديو سوا بدبي؛ عن سبب إلغاء مكتب دبي وتخيير كادره بين الالتحاق بمقرها العام في ولاية فرجينيا الأمريكية أو البحث عن عمل آخر، وكان جوابهم بالقول، وبحسب المصدر من داخل المكتب، هو: "لقد عانينا من تدخل السلطات الإماراتية في الشؤون الداخلية الصحفية لمكتبنا في دبي، بل وصلت بهم الأمور إلى توجيه الإنذار بغلق مكتب راديو سوا الأمريكي ثلاث مرات على الأقل، بحجة أننا نتعامل مع مراسلين في دولة ليست للإمارات علاقة حسنة معها. 

وأوضح: "لقد ضغطت السلطات الإماراتية في حينها على الإدارة لتعيين إماراتيين من الأسر الحاكمة في راديو سوا، وتم لهم ذلك على الرغم من غياب الموهبة المتمثلة بإحدى نساء آل مكتوم"، مشيرًا إلى أن "الهدف كان للسيطرة على الخطاب، ويشعروننا دائمًا أننا تحت رقابتهم إلى أن حدث الخروج من مكتب دبي".

من جانبه يقول أحد المسؤولين التنفيذيين في القناة، لـ"ألترا صوت"، رفض أيضًا الكشف عن هويته لأسباب تتعلّق بعمله: "لقد أغلقنا مكتب راديو سوا في دبي لاعتبارات غاية في الحساسية، أهمها أنه ليس لدينا القدرة على عدم تدخل الدولة المضيفة بشؤون الأخبار بشكل مباشر". 

إما أن ابن زايد اشترى قناة الحرة، أو أنه عمل على الدفع برجاله داخل إدارتها
إما أن ابن زايد اشترى قناة الحرة، أو أنه عمل على الدفع برجاله داخل إدارتها

وأشار إلى أنه "لا نضمن حتى سلامة العاملين من كادرنا الإعلامي عند إذاعة أنباء تنتقد الإمارات وحلفاءها"، موضحًا: "لم يكن مكتبًا في دبي وحسب، إنما هو ثلث المقر العام الموجود في أمريكا، إذ يتضمن بث نشرات الأخبار والبرامج لمدة ثماني ساعات كانت تنتج بالكامل في مكتب دبي"، مؤكدًا: "كان ذلك يتم في أجواء كانت مشحونة بالرقابة والتهديد أيضًا".

لكن من جديد، وبعد استلام ألبرتو فرنانديز مهامه، نُقلت القناة بكادر من محرري أخبار وكتاب برامج ومذيعين، إضافة إلى المدير التنفيذي والمشرف على المكتب جعفر الزعبي، الذي جاء أيضًا من قناة سكاي نيوز الإماراتية، ليصبح المكتب الرئيسي لقناة الحرة في الإمارات، ما جعل صحفيين عاملين في مكتب الحرة في بغداد وواشنطن، يتساءلون عن سبب إبعادهم وتعيين جدد في مكتب دبي وبرواتب عالية جدًا. 

وبحسب أحد الموظفين في مكتب بغداد، فإنهم "يريدون تغيير السياسة المطلقة للقناة، لا تطوير أدائها"، مضيفًا: "هناك إنفاق مالي كبير في مكتب دبي لم يحدث في تاريخ القناة، إذ كانت تشهد شحة في التمويل لأكثر من ثماني سنوات"، مستدركًا: "لكن الآن تم بناء استوديوهات جديدة وضخمة في دبي وبغداد"، ومتسائلًا: "هل ازدادت ميزانية الحرة أو تلقت دعمًا مالية من جهة ما؟".

ومنذ إطلاق التغييرات الجديدة، بدأ المدير الجديد لقناة الحرة، ألبرتو فارنانديز، بزيارات عدة لأبوظبي، وهذا ما أشار له مصدر من مكتب الحرة بواشنطن قال إنّ "الزيارات أثمرت عن تعيين المدير السابق لسكاي نيوز، نارت بوران، نائبًا للرئيس الأقدم للقناة ومديرًا للبرامج والأخبار"، مشيرًا إلى أن هذا "منصب حصري لمن يحمل الجنسية الأمريكية"، ومستدركًا: "لكن تعيين نارت بوران جاء مخالفًا للسياقات القديمة التي نعرفها في مسار القناة". 

وعند البحث عن المدير العام لقناة الحرة، ألبرتو فارنانديز، اكتُشف أنه يعمل في مركز تديره دولة الإمارات، ويحمل صفة زميل غير مقيم في الشرق الأوسط لشؤون السياسة والإعلام، وهذا المركز يدار من قبل مستشاري محمد بن زايد.

مصدر من مكتب واشنطن قال لـ"ألترا صوت"، إنه "بحسب قوانين قناة الحرة في عقود العمل، فلا يجوز ازدواجية العمل، وذلك تحت بند تضارب المصالح. لكن المدير العام ألبرتو فرنانديز يعمل لصالح مركز أبحاث إماراتي، ومسموح له!"، مضيفًا أن "المواقف السياسية للمدراء غير مسموح بها في الإدراة السابقة، لكن فرنانديز يعبر عن مواقفه القريبة من الخط الإماراتي والسعودي بشكل واضح، آخرها الموقف من الصحفي جمال خاشقجي".

تتبنى قناة الحرة بحلتها الجديدة  السياسة الإماراتية في المنطقة، بدءًا من الموقف تجاه إيران وليس انتهاءً بقضية خاشقجي

وأضاف المصدر العامل في مكتب قناة الحرة بواشنطن، أن "الحرة بحلتها الجديدة تتجه نحو الحرب على إيران بكل الوسائل الممكنة، وبالتعاون مع الوسائل الإماراتية". 

وأشار أيضًا إلى أنها "تمضي في العمل على اتهام تركيا بلعب ورقة الصحفي جمال خاشقجي سياسيًا، وتتجاهل الكونغرس وأعضائه بمواقفهم السلبية من السعودية في قضية خاشقجي". 

ووصف المصدر توجه القناة الجديد بأنه "أحادي الجانب يمثل الإمارات والسعودية بالدرجة الأساسية، وهذا ما تثتبه التوجيهات التي تصل لنا بخصوص التعاطي مع الأحداث في المنطقة، بدءًا من إيران وليس انتهاءً بجمال خاشقجي"، مبينًا أنه "بحسب التوجيهات الواردة لنا، فلا يمكن أن نتجاهل أي خبر يخص محمد بن زايد".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

كيف خلقت الإمارات مجتمعًا ثقافيًا مواليًا لأجندتها؟

أبوظبي على لسان سفيرها في موسكو: حرية الصحافة والتعبير ليست لنا