1. ثقافة
  2. مناقشات

هل أفسدت هواتفنا متعة الحفلات العامة؟

28 يوليو 2025
الحاج حافظ الطحّان (شبكات تواصل اجتماعي)
الحاج حافظ الطحّان (شبكات تواصل اجتماعي)
الترا صوت الترا صوت

تتهافت علينا يوميًّا عشرات بل مئات الفيديوهات التي تم التقاطها بواسطة الهواتف الذكية أو الألواح الرقمية. وتحول الأمر إلى ما يُشبه العيش داخل دوامة من الخوارزميات التي لا تتوقف ليل نهار. هذه الدوامة التي باتت واقعًا نعايشه، فرضت علينا سلسلة من القيم والاعتبارات التي يُمكن تجاهلها بأي شكلٍ من الأشكال، بدءًا من نمط الحياة الذي نعيشه وصولًا إلى أدق تفاصيل حياتنا ومفرداتها اليومية. 

وأصبح السؤال الذي يلّح علينا يومًا بعد يوم، هل سهّلت التكنولوجيا وأدوات الذكاء الاصطناعي مجريات حياتنا ومهامنا الوظيفية أم تحولت إلى أحد الأعباء الجديدة التي تثقل كاهلنا؟

كانت صحيفة "الباييس" الإسبانية، قد نشرت مقالة ذكية؛ تتساءل فيها حول الدور الذي تعلبه الهواتف الذكية في حياتنا اليومية وهل تسبب حقًا في إفساد بعض اللحظات والمُتع التي يُفترض أن نعيشها في وقتها المُحدد؟ بل ذهبت إلى أبعد من ذلك، حيث تساءلت عن الجدل بين متعة معايشة الحفلات الغنائية والتماهي مع المطرب أو الانشغال بتسجيل الحفلة وطرحها أونلاين لحصد المشاهدات مما يفوت علينا فُرصة الاستمتاع بها. وبطبيعة الحال، تتشعب الآراء بين مؤيد ومعارض.

 بل يُمكن القول إن هذا الأمر قد زحف إلى لحظات تناول الطعام والهوس بتوثيق لحظات التواجد في أماكن ما.

لا يتوقف الأمر عند تسجيل الحفلات فقط أو مناسبات بعينها، بل يُمكن القول إن هذا الأمر قد زحف إلى لحظات تناول الطعام والهوس بتوثيق لحظات التواجد في أماكن ما. فقبل أن تشرع إحداهن مثلًا في تناول الطعام، يتحول إخراج الهاتف وتصوير تفاصيل الأطباق والمكان إلى طقس ثابت. كأن التصوير هو أحد مكونات الطبق الرئيسية!

يعيدنا هذا الطرح إلى العلاقة الخاصة التي ربطت قديمًا بين المطرب وجمهوره والتي تحولت في لحظاتٍ إلى ما يُشبه القَداسة. فالذين حرصوا على متابعة حفلات أم كلثوم المصورة، يمكنهم أن يلاحظوا الالتزام التام بين طرفي الحفل المؤدية/الجمهور في علاقة تبادلية تتسم بالمهابة والاستمتاع بكل تفصيلة في العمل الفني. وكم من لقطاتٍ عفوية رصدتها الكاميرا، تظهر الجمهور وهو في حالةٍ من الاستمتاع التام بل والتفاعل مع كل حرف يسمعه. ومن بين سميعة "الست" الحاج حافظ الطحّان والذي يظهر في أغلب صور حفلاتها ويطلب إعادة مقاطع بعينها. 

ولا يبتعد الأمر كثيرًا عن الشاعر أحمد رامي الذي يغمض عينيه ويضع يديه على أذنيه، كأنه يغيب عن الأوساط المحيطة به. لقد حولت أم كلثوم حفلاتها إلى منظومة فنية تخضع لقوانين وأُسس تشكّلت ملامحها مع مرور الوقت. 

أما في حالة محمد عبد الوهاب، فقد كانت لحفلاته طقوسها الخاصة وغالبًا ما كانت تتم داخل بيوت العائلات الأرستقراطية، حيث الملابس الإسموكن والبابيونات، ناهيك عن فساتين السهرات. ومع ذلك كان عبد الوهاب أكثر ميلًا إلى التسجيل داخل الأستوديو وإعادة المقطع أكثر من مرة لضمان مستوى التسجيل ومدى جودته. ومع دخول حفلات الخمسينيات، كانت الأجواء أكثر حميمية وتم كسر حاجز الهيبة وازداد التفاعل إلى حدٍ بعيد. 

ويُمكن ملاحظة هذا عبر حفلات عبد الحليم حافظ وشادية وفايزة أحمد ونجاة الصغيرة وآخرين، حيث تنفلت بعض الزغاريد أحيانًا أو صفارة عابرة. وتدريجيًّا تبدلت الأمور، حتى وصلنا إلى لحظتنا الآنية.

فالذين حرصوا على متابعة حفلات أم كلثوم المصورة، يمكنهم أن يلاحظوا الالتزام التام بين طرفي الحفل المؤدية/الجمهور في علاقة تبادلية تتسم بالمهابة والاستمتاع بكل تفصيلة في العمل الفني

اعتادت الإذاعة سابقًا أن تسجل الحفلات قبل أن ينطلق التليفزيون في مطلع الستينيات ويتولى المهمة، حينها كان الجمهور مشغولًا فقط بالتماهي مع المؤدي/المؤدية على خشبة المسرح بما فيها أعمال المسرح الغنائي لفيروز مع الرحابنة. كان ذلك قبل وصول الهاتف إلى أيدي الجمهور والهوس بتسجيل الحفلات والدخول في جدالاتٍ لا تنتهي حول حقوق الملكية الفكرية وأحقية إتاحة مثل هذه الفيديوهات على قنواتٍ خاصة. وذلك إلى جانب الجدلية هو تسجيل الحفل وضياع الاستمتاع اللحظي وبين ضرورة الاحتفاظ بتسجيل من أجل التوثيق والذكرى.

لم تتوقف هذه العادة عند الحفلات الغنائية فقط، بل أصبحت حفلات الزفاف هي الأُخرى على القائمة. وربما هذا ما دفع بعض الأماكن إلى التحذير من استخدام الهواتف في التصوير أو تركها في أماكن مخصصة خارج القاعات، أسوة بما يحدث في عروض أفلام مهرجانات السينما أو دور الأوبرا وغيرها من الفاعليات الرسمية. وذلك لأغراضٍ عديدة منها الحفاظ على برنامج الفاعلية والحفاظ على حقوق الملكية الخاصة بالعرض بالإضافة إلى الأضرار البصرية التي يُمكن أن تنتج عن فلاش كاميرا الهاتف المحمول. بعد كل هذه التساؤلات، هل يُمكننا حقًا القول إن الجمهور في الماضي، كان أكثر حظًا وتماهيًّا مع اللحظات الفنية من جمهور الحاضر أو المستقبل؟

كلمات مفتاحية
عرب وطرزان ناصر (شبكات تواصل اجتماعي)

حوار| عرب ناصر: أية قصة ستُروى الآن عن غزة ستحمل عبارة "كان ياما كان" فلم يعد شيء كما كان

حوار مع الأخوين عرب وطرزان ناصر حول فيلمها الأخير "كان ياما كان في غزة"

الكاتب الفلسطيني باسم خندقجي (شبكات تواصل اجتماعي)

باسم خندقجي: حين تتحوّل الكتابة داخل السجن من فعل مقاوم إلى تأمل لمعنى الحرية

ندوة الأديب الفلسطيني باسم خندقجي في مكتبة تنمية

سجن صيدنايا (شبكة تواصل اجتماعي)

من داخل سجن صيدنايا.. رحلة افتراضيّة في تاريخ القمع السوري

متحف وجولة افتراضية داخل سجن صيدنايا

الحرب في السودان
سياق متصل

بابنوسة سُرّة كردفان.. قصة مدينة سودانية صُلِبت مرتين

تأثرت مدينة بابنوسة بنيران الحرب قبل أن تصلها

غزة
سياق متصل

غزة والضفة في مواجهة تصعيد إسرائيلي متواصل

تشهد الأراضي الفلسطينية، في قطاع غزة والضفة الغربية، موجة جديدة من التصعيد الإسرائيلي

tsamym-altra-wyb-qyas-jdyd.png
نشرة ثقافية

"بلياتشو غزة" يتوّج بجائزة لجنة تحكيم مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي

فوز فيلم "بلياتشو غزة" بجائزة لجنة تحكيم مهرجان وهران

مجلس-الأمن-يقرّ-مشروع-قرار-أميركي-يؤيّد-خطة-ترامب
سياق متصل

مجلس سلام وقوة دولية.. مجلس الأمن يقرّ مشروع القرار الأميركي حول غزة

وافق مجلس الأمن الدولي، فجر اليوم الثلاثاء، على مشروع قرار أميركي يهدف إلى منح تفويض دولي لتنفيذ أحد البنود الرئيسية في خطة ترامب