17-سبتمبر-2018

مقطع من لوحة لـ نزار صابور/ سوريا

المدى ضيّق.. البصيرة بَلْوى

1

إذًا:

لا بدّ من جُبٍّ

ومن عدَم

وماء..

لأولدَ

مثلما شاء النبات ليَ الولادة

مثلما يلدُ الكلامُ

الكائنات.

 

2

كان أبوه عرّافًا

يصعدُ خَيْبة اللغة إلى مئذنة الوجع

ليَرى ما لا يُرى

المدَى ضيِّق

البَصيرة بَلْوى.

 

3

وحدي...

ووحدك يا أبي

عيناكَ ليلٌ فاغِرٌ فاهُ

يفتِّش في قميصي عما يُشْبه الذئب

ليتَ رائحة الدم خرساء

كان الماء

يَغسل عن قميص اللّيلِ وجهي

وحدي..

وفوَّهة الثّرى قمر بعيد

بارد مثلي

غريب.

 

يا غريب  

الرّؤى تَقْسو

والمدى

أكذوبة العاشق في أرض

تغيب.

 

 

4

أصعدُ درَج العماء 

إلى فوَّهة الأرض

ومِصْرُ الولادة

لا شيء أبعد منها

لا شيء أقرب

حين تحْفر كاهنة هُوَّة في السماء.

 

5

عيناهُ عَسل

دَبِقَتْ ركبُ النساء

حين نَظرنَ إليه

انكسرنَ جميعًا في ناي فمهِ

كان الرحيل 

واقفًا على وجهه كالفرس.

 

6

هنا

في بلاد المسلاّت  

لا بدَّ من قَنْطرة لتدخل

خبَّأتُ سُنبلة في فمي

خبّأت تحت ثيابي النّيل.

 

7

همَّ بها

وهمَّت....

لوَّثتْه بالمَسرَّة

قطرة قطرة

هَرَّبته إلى آخر الأرض

 

8

رأيتُ طيورًا تهاجر أبعد أبعد..

عاصفة تَتعرَّى

ملاّحًا لا يطيقُ الوصول

 

- إنّها زينتكِ

تتهيَّأُ بين يديَّ

تتوِّجُني ملكًا بلا زينة

كالماء

عارٍ أمامكِ

كيف يزيّن نفسه الماءُ 

وماذا يقول؟

 

9

من جسدين تخرجُ الكواكبُ مَفْتونة بنِيَّةِ الحياة.

وإذ يصعدُ النجمُ هامَة الضوء، ليرى من علْيائِه العناصر وهي تتألّق ثانية في هشَاشة الفتنة، وأغْشيَة اللّذَّة، يكسرُ الندمَ، ويهوي في عينه متفجّرًا، كمن يتوقُ ولا يصل.

النجمُ يتَشظّى، خالعًا على الفراغ فكرة الجسد.

وإذ يَحْجُبُ سديمُ الفكرة النورَ، تُشحَذُ الحواسُّ بالغَواية، وتُضاء البصائر بالأمل.

الشمس صَومعة اللون التي ينقطع الضوءُ فيها للتَّأَمُّل، راشًّا على الجموع ماءَهُ المقدس.

هكذا ولدا، من نَزْوة الضوء.

 

رؤيا

جثّةٌ مَنْخورة العينين في الباب

وخلف الباب تمتدّ القبور

قطيعًا

فاضَ من نَعَس البراري

 

صارت الجدرانُ والسقف مرايا

رأَى نفسَهُ حَشْدًا من الأَنْفُس

تخرج من جروح الأرض

ناداها

رأى القولَ يُعلَّقُ

كالذّبيحة

ورأى الألفَ ياءً

تتلوَّى من ألم

كم يَلزم العاشقُ من موت

ليُعْلي وردة العشق؟

 

كلما نادَى عليها

انبَجَستْ قطرةُ دم

راح من وجَع ينادي

وينادي

صوتُهُ، كان بعيدًا خارجًا

من فوهَة الجُبِّ العميقة

والمكان

سالَ مُحْمرًّا كجرح

 

مشهد

قوافلُهم صعدتْ رائحةَ القمحِ فيه

حين رمَوا حجرًا

في قرارة صمته

سمعوا 

دَويَّ امرأة

 

خاتمة

لم يكن في المكان أحدْ

كان المليكَ القتيلَ

وكان الجسدْ

 أقاليم

مَنْهوبة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تمتلكين القدرة على تغيير شكل الحدائق

بلاد الغرب أوطاني

دلالات: