07-سبتمبر-2017

الجعفري والخاني (ألترا صوت)

"ذم وقدح وتشهير وتهديد والنيل من هيبة الدولة ومن الشعور الوطني، والنيل من الوحدة الوطنية وتعكير الصفاء بين عناصر الأمة"... بالضبط هذا نص موضوع الدعوى التي رفعها سفير النظام السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري ضد صهره الممثل مصطفى الخاني، الملقب بالنمس بسبب دوره في المسلسل السوري الشهير "باب الحارة".

اتهم سفير النظام السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري صهره الممثل مصطفى الخاني بالنيل من هيبة الدولة 

ولأن التفاصيل قد لا تعني القارئ العربي إلا أنه لا بد من التعريج عليها قليلًا لأنها قد توضح لماذا هذه التهم الفضفاضة والعظيمة، وهذا أيضًا ليس من باب الدفاع عن النمس، ولكن لنفهم كيف تكال التهم في بلد لا سقف فيه لحياة الإنسان أو حتى معناها.

اقرأ/ي أيضًا: هل أنتج الانفجار السوري ثقافًة بديلة؟

مصطفى الخاني الذي طلّق ابنة الجعفري أراد أن ينتقم من خلافه مع عائلة زوجته بوصفها بالعائلة التشبيحية من خلال ابن السفير الذي يملك السيارات الفارهة والمرافقة العتيدة، ويراقب بيوت الناس ويهددهم، ورواية النمس حول قيام المذكور بفعلته بالتعدي على عناصر الجيش وأحد قادتهم، وتدخل السفير لصالح ابنه الفاشل دراسيًا كما يقول النمس وقيامه أيضاً بتهديد ضباط الجيش والاتصال بالقيادة بدمشق.

تلك هي التفاصيل التي رواها مصطفى الخاني والتي بدورها قادت السفير إلى رفع الدعوى القضائية بحق صهره السابق، ولكن حجم التهم والعبارات الصالحة لتهم مثل الخيانة والتواصل مع عدو أجنبي، وليست على قدر "بوست" على الفيسبوك حاز بعض الإعجابات وتسبب بشتم السفير وعلاقاته الأمنية والتشبيحية.

الدولة والصفاء بين عناصر الأمة عبارات تليق بمتهم من عيار أبو بكر البغدادي والجولاني، أو أي إرهابي يتزعم منظمة توزع الموت بين الناس، وتفرقهم بين مناصر ومعارض، ولكن ما الذي عكّره "بوست" النمس من الصفاء بين عناصر الأمة التي تقتتل منذ سبع سنوات مضت وحتى تاريخه، وأما عن هيبة الدولة فهي تقع بين بندقية ابن السفير وبين لحيته ومنبره الأممي.

الدولة والصفاء بين عناصر الأمة عبارات تليق بمتهم من عيار أبو بكر البغدادي والجولاني، أو أي إرهابي يتزعم منظمة توزع الموت بين الناس

أما بخصوص الوحدة الوطنية والشعور الوطني فهي لا تتعدى الإضرار بمشاعر أي مسؤول سوري كبر أو صغر، من رئيس بلدية صغيرة حتى وزير هؤلاء جميعًا، فهم من يختصرون الوطن ووحدته ومشاعره.. وأما الناس العاديون فهم مجرد كائنات لا تحس ولا تميز، وهم ليسوا أكثر من أرقام تسبح بحمد الله على إرساله الرفاق والمسؤولين عن رعايتهم.

اقرأ/ي أيضًا: دليل المبتدئين في صناعة الدكتاتور

أما القدح والذم والتحقير فهي التهم التي تليق بكلا المتصارعين على خلاف عائلي تحول إلى خلاف وطني، وهنا لبُّ المشكلة في العقل الذي يدير التهم والمحاكم التي تأسست على تخوين الآخرين وقهرهم، وبالتالي الإجهاز عليهم بأحكام شديدة وقاسية.

هكذا يختصر النمس وصهره حكاية وطن أنهكته الصراعات بين الرؤوس الكبيرة فلم يبق فيه ما يجعله وطنًا، وهي هكذا محاكم الأنظمة الشمولية التي تفصل التهم على هوى الصراعات الكبرى، حتى في قضايا الدعارة والشتم وحيازة المخدرات والاعتداء على دورية شرطة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

عن التشبيح المنمق.. جمال سليمان: تبين أننا لا نعرف بعضنا

القمَر والخُبز والوُجوه