24-مايو-2017

"الباذنجانة الزرقاء" لـ ميرال الطحاوي

اختفت المظاهرات الطلابية في مصر، وكان طبيعيًا أن تختفي مشاهد مظاهرات واحتجاجات الطلاب من الروايات بالتوازي مع ذلك، بعدما كانت طرفًا في تأريخ الحراك الطلابي منذ ثورة 1919، وقد سجَّلت بعض الروايات لقاء الحركة الطلابية بمظاهرات الجماهير، ولم تكتف فقط بمديحها، إنما انتقلت إلى نقدها، وتحديدًا في كشف حقيقة حياة القياديين، وكيف اخترقتهم أجهزة الأمن، ونشرت بينهم حالة شك. أمَّا بعد هزيمة 1967، فكانت حركة الطلاب جزءًا من النضال الوطني. هنا وقفة مع خمسة روايات سجلت جوانب من هذا الحراك.


الحب تحت المطر

في رواية "الحب تحت المطر" لنجيب محفوظ، التي تحولت إلى فيلم من بطولة نور الشريف، كانت "خطيبات وشقيقات المجندين، من الطلاب، يقدمن الجنس مدفوع الأجر، ويشترين بالمال مكياج". لم تكن رؤية أديب نوبل مبالغة رغم تصويره، الذي اعتبر مبتذلًا، فحالة اللامبالاة، وفكرة "اللامنتمي"، التي سيطرت على باريس بعد الثورة الفرنسية، انتقلت إلى القاهرة، وبدأ الانفصال بين الجبهة العسكرية والجبهة الداخلية يظهر وهو ما أدى إلى ما سُمّي فيما بعد بالنكسة، فلا أحد ينتصر إن كان يحارب على خط القتال فقط. 

مالك الحزين

أشهر ما في "مالك الحزين"، رواية إبراهيم أصلان، فيلم "الكيت كات"، المأخوذ عن الرواية من إخراج داود عبد السيد. تجاهل فيلم "الكيت كات" مشاهد الحركة الطلابية، لكن الرواية احتوت مشهدًا ظلّ دالًا ومؤثرًا ومعبّرًا عن مظاهرات ما بعد عام 1967، حين احتل الطلاب ميدان التحرير ردًا على اقتحام الأمن المركزي جامعة القاهرة، والقبض على زملائهم المعتصمين، مطالبين بحرية وديمقراطية واقتصاد حرب وموقف حاسم من احتلال سيناء، وعلى ألسنتهم: لماذا تخاف الدولة من العدو وتستدير مدافعها للوراء.. إلينا؟

اقرأ/ي أيضًا: رضوى عاشور.. عاشقة من مصر

بيت الياسمين

بيَّنت رواية "بيت الياسمين" للأديب السكندري إبراهيم عبد المجيد، الفارق بين المظاهرات المصنوعة، مدفوعة الأجر، من قِبَل سلطات القاهرة في ذلك الوقت لكبت حركات اليسار والطلاب الناصريين، الذين كانوا صوتًا عاليًا في وجه السادات وعصره، وعلى الجانب الآخر، الانتفاضات الشعبية التي اجتاحت أجهزة الأمن والسلطة، وكانت الأعلى صوتًا وتأثيرًا بالمواقف والنكات التي أطلقتها على "الرئيس المؤمن"، كما أسمى السادات نفسه، فالمال لا يصنع معارضة حقيقية.. هكذا أكّدت "بيت الياسمين". 

تحريك القلب

كان لا بد للهزيمة أن تنتهي حتى ولو على جثة الشغف! في رواية "تحريك القلب" لعبده جبير، الأديب المنعزل بإحدى قرى مصر الريفية، اختار أن يحرِّك أبطاله، الطلبة، لهزيمة اليأس قبل هزيمة العدو، بعدما غاب الوعي – أو مات – في الحشيش، والخمور، وكرة القدم، والجنس، الأربعة الذين احتلوا أدمغة المصريين. 

حاول عبده جبير أن ينسف الأدمغة، ويعيد تركيبها، فلجأ إلى طلاب يعيدون ترتيب الحياة من جديد، فاستعادت الحياة وسخَّنت الإرادة على نار هادئة حتى تحوّلت الهزيمة إلى انتصار أعاد بناء البيت، فالفتاة التي خرجت من عالم "الفجور" في بارات آخر الليل تمنَّت أن تشارك مع المظاهرين، وشقيقها المهزوم تحت تأثير الحشيش عاد إلى الوعي، والوطن.

اقرأ/ي أيضًا: كان يا ما كان.. حكايات شعبية ضد القهر والاستبداد

الباذنجانة الزرقاء

تزن ميرال الطحاوي في "الباذنجانة الزرقاء" معادلة الانحياز المطلق للحركات الطلابية، فكما أن لها وجهًا جميلًا، لها وجه آخر قبيح. قيادات الثورة والتمرّد غالبًا يتحوَّلون إلى دكتاتوريين. الأمراض والعاهات النفسيّة تحركهم، وتأخذهم إلى النار. هناك جانب آخر لم يتطرّق إليه أحد طرقته ميرال، تدافع عن الحركات الطلابية وتدين نفسيّة شبابها، الذين يتواصلون مع الأمن، ويقعون في فخاخ السلطة، وينصبون الفخاخ لبعضهم البعض على أمل صناعة أساطيرهم الخاصة، فيتفتت وينهار كل شيء، والوطن وحده يدفع الثمن، فالطالب المناضل، وفق الرواية، متضخّم يريد أن يصل إلى الزعامة لأجل الزعامة لا لشيء آخر.

اقرأ/ي أيضًا:

محمد عبد النبي.. أن تكتب الخرس

تعلم العربية من الثورة المصرية (1 - 4)