07-أغسطس-2018

سيد هويدي/ مصر

كانت أول مرة ينبضُ قلبها لرجلٍ، فهي لا تؤمنُ بالحب الذي يخيَّم على مجتمعاتِنا. فالحبُّ بالنسبة لها أسمى من التفاهات التي تُحيطُ بها، صوَّرتهُ بداخلها حبًّا خالصًا وطاهِرًا وثابتًا.

بَنَتْ أسوارهُ من ولعِها وحبِّها لشعرهِ وزخرفته بأحاسيس صادقة عميقة لا تُفصِحُ عنها إلا في قصائدها، ولم يستطِع رجلٌ قَبْلهُ أن يدخل قلبَها. كانت كلَّما حاول رجلٌ الدخول لعالَمِها، تبتعد دون تفكير. وحيدةً دائمًا تتسكّع بين أزقة كتابِها وتنامُ على أنغام شِعْرِها وموسيقى أحاسيسها. 

لكن ذلك الشاب المُثقف والرومانسي والمتحرِّر المؤمن بإحساسه والمتأكد من رغبته في العيش بما اختاره هو وليس بما اختارهُ الغير له؛ أحبَّها بكل ما فيها بدون سؤال، شعرت أنَّه هو من كانت تبحثُ عنه، منحته فرصةً للدخول إلى عالَمها وبرغبتها. سلَّمتهُ مفاتيح مملكتها وحررت بين يديه أسرارها، وفكَّت بين شفتيه قيودها، فالتهبت بين ضلوعهِ أحاسيسها كانت أول مرة تعرف فيها معنى اتحاد أنفاس رجلٍ بأنفاسها. لكن سرعان ما انتهى حلمها الواقعي لتعود لحياتها العاديّة، التفتت إليه وهي هاربِةٌ منه ومن مشاعرها.

ودَّعته في صمتها وقررت دفنهُ في داخلها، لأنها كانت تعلم أن والدتها تنتظرها. وبالنسبة لأمها الحب عيب والإحساس به محرّمٌ، وجسدُ المرأة تاجها ولا أحد يستحقُّ امتلاكها وإحساسها غير زوجها، وثقتها ببنتها متعلقة بحفاظها على شرفها، وإذا أحبَّت فهذا جرمٌ في حقِّ عائلتها وتستحق القتل ألف مرة على جريمتها.

ضحكت في سهوها وقررت أن تتنازل عن رغبتها وأملها في عيش قصة حبٍّ تَعْبُرُ من خلالها إلى عالم أكثر صدقًا وتقديسًا لكينونتها، لوجودها، لحريتها التي لا تؤمن بحدودها في قانون حبها كذاك الحب الذي تَكتبُ عنه في قصائدها. اختارت أن تُكمِلَ مسيرتها لوحدها ومزَّقت قصيدة كانت قد كتبتها لحبيبها، لكن لم يكتب له أن يغوصَ في بحرِها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كتب على أرض الزنزانة

أسئلة الخطيئة