04-مارس-2020

ستيوارت ديفيس/ أمريكا

1

أحبّيني

بعُقدي

وفكيّها واحدةً.. واحدةَ

وقيّديني

إن حرّرتِني منها

فأنتِ سجني

وأنتِ سجاني.

 

2

‏أكنسُ مخاوفي كُل ليلةٍ

وأبكي مِثلَ رضيعٍ

يواسي صمتهُ

ببضعة دمعاتٍ وأنات

أجوعُ..

فأُقشّرُ الحزنَ بسكينٍ صدئة

وأبتلعُ حباتِ الأرق

واحدةً تلو الأخرى!

هكذا أحبُ الُحزنَ طازجًا

كما لو أنهُ وجبةٌ دسمة

تسّدُ جوعي آخر الليل

وتجعلني في مهبِ الظُلمةِ

لا أميّزُ بين النومِ

وفقدانِ الوعي.

 

3

‏عيناكِ وَجعٌ قَديمْ

وبَحةُ صوتٍ حَزينة

ما أقسْاك ِأيتُها المُنكسِرة

ما أتْعسكِ لفرطِ جَمالك المَوقوتْ،

لفرطِ كلماتكِ المُبعثرة

وأنا الهَاربُ منكِ

الناجي اليَكِ

المُنكرُ للحقيقة

البائسُ كـشاعرٍ أضاع وحي الكتابة

المُرتقبُ لآخرِ حَرف في القصيدة

المصابُ بكِ أيتها الرَفيقة.

 

4

‏ها أنا أدخلُ الثلاثين

بخيبات وخسارات

بندوب وانكسارات

وبضحكاتٍ مؤجلة

ها أنا أمشي بوجهي الوحيد

بملامحي الجافة

بقلب الطفل

وضجر العجوز

أحمل أعيادي

وأمشي بها

نحو طريقٍ غامض

أمام أيام لن تعود

ها أنا أدخل الثلاثين

ليس بحوزتي إلا الشعر

الشعر الذي أظن بأني سأنجو به

الشعر الذي كدّر حياتي!

 

5

‏مطرٌ يبللُ روحكَ

وينساك

مطرٌ أزرق

مطرٌ يضحك

مطرٌ يوقظُ صحوّكَ

مطرٌ أبيض

مطرٌ يبتهل

مطرٌ يحملُ تعبك

ومطرٌ آخر خفيف الوزنِ

يُعيدُ ترتيبَ ضحكاتكَ

في غيمة.

 

6

‏في المقهى

وضعت أمامي ديوان شعر لسيلفيا بلاث

فنجان قهوة

أشعلت سيجارة

سمعت رواد المقهى يقولون

أن الكورونا في طريقه إلينا

وأنه سيسحقنا جميعًا

هم يسخرون من الأمر

لكنهم خائفون

بالأمس هرب الجميع من المشفى الذي أعمل به

لأننا ارتدينا كمامات واقية

هم لا يعلمون أن القلق

أسوأ من الكورونا.

 

7

‏عشتُ وحيدًا

أكتب عن الوحدة

أتغذى عليها

أتنفسها

أواسي نفسي بها

وأخرج معها في نزهة!

الوحدة

صديقتي التي لا تخون

أراها في شفقة النادل

وعلى مقعد المتنزه

عشتُ بها خارج السرب

متيقنًا بأني سأنجو بها

لكني في كل مرة

أصِلُ للسعادة متأخرًا

وأجدَ لافتة

مكتوب عليها "يمنع دخول الوحيدين".

 

8

‏إذ أحنُّ لخُبزِكِ

لوجهكِ المرسومِ على كفي

ليدكِ التي تحيكُ لي عُمرًا

وتهَبُ لي أملًا حافيًا

يمشي نحوي بخفةِ الضوء

لعينكِ التي لا تغفو خوفًا عليَ

لقلبكِ الذي يقفُ فوق عرش الرحمة

لحُضنكِ المأوى

ولكلامكِ المُكلل بالتسابيح

لتلاوة خاشعة تغسلينَ بها تعبي

ولحُبكِ المُفرط

إذ أحنُ إليكِ.

 

9

‏سأكتب

لأن قلقي يعيث فيّ خرابًا هائلًا

لأن لا وقت لدي لكي أستريح

لأن الحرب بداخلي لا تتوقف

لأن وجعي لا يخففهُ أقراص مهدئة

لأن قلبي لا يكف عن البكاء

لأن لا مكان بداخلي يتسع لهذا الشقاء

لأن الحزن يأخذني على محمل الجد

لأن المتاهة التي أعيشها لا تنتهي

ولأن لا حيلة لي إلا أن أفعل ذلك!

 

10

‏لن أكفّ عن الحزن

الحزن صديق جيد

اعتدت عليه

واعتادَ عليّ

فنحن متفقان على أشياء كثيرة

متآلفان في كثير من الصفات

هو لا يراني إذ أمدحه

وأنا لا أراهُ إذ يتوارى بعيداً في حضورِ من أُحِب!

الحزن صديق جيد

أزيدهُ في شِعري مديحًا

ويزيدني فصاحة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ديك.. ذاكرة.. معطف

الحبّ في شهر فبراير