30-أغسطس-2022
هدوء حذر يعود إلى بغداد (تويتر)

هدوء حذر يعود إلى بغداد (تويتر)

أعلنت قيادة عمليات بغداد، يوم الثلاثاء 30 آب/أغسطس 2022، فتح جميع الطرق المغلقة في العاصمة. وقال قائد العمليات أحمد سليم في تصريح، إن "القوات الأمنية فتحت جميع الطرق المغلقة في بغداد أمام حركة السير". وقررت قيادة العمليات المشتركة في وقت سابق رفع حظر التجوال في العاصمة والمحافظات.

أعلنت قيادة عمليات بغداد، يوم الثلاثاء 30 آب/أغسطس 2022، فتح جميع الطرق المغلقة في العاصمة ورفع حظر التجول

من جانبها، باشرت مفارز ودوريات مديرية المرور العامة بإزالة الكتل الكونكريتية وفتح الطرق التي كانت مغلقة. وقالت المديرية إن "جميع الطرق الآن سالكة أمام حركة السير والمرور". وجاء ذلك بعد أن أعلنت اللجنة المنظمة لتظاهرات الإطار التنسيقي، يوم الثلاثاء 30 آب/أغسطس 2022، الانسحاب من الاعتصام عند بوابة المنطقة الخضراء.

وقالت اللجنة التي أطلقت على نفسها "اللجنة المنظمة لتظاهرات الشعب يحمي الدولة"، في بيان، "نُحيي صبركم وشجاعتكم وثباتكم في ساحة اعتصام الدفاع عن الدولة والشرعية طيلة الأسابيع الماضية برغم كل التهديدات التي تعرضتم لها لا سيما خلال اليومين الماضيين". وأشارت إلى أن "موقفكم الوطني الشجاع هذا يضاف إلى سجل مواقفكم المشرقة التي وقفتموها بالدفاع عن الوطن والدولة أمام كل هجمات الإرهاب والفوضى، فعودوا إلى منازلكم سالمين غانمين وكونوا دومًا على أتم الجهوزية لنلبي نداء الوطن حال استصراخه لنا".

ويأتي ذلك، بعد خطاب لزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أمهل خلاله أنصاره المعتصمين بالمنطقة الخضراء 60 دقيقة للانسحاب التام، فيما توعد بإجراء آخر إذا لم يذعنوا لتوجيهه قائلًا: "سأتبرأ منكم". وقال الصدر في مؤتمر صحفي إنه "أحزنني كثيرًا ما يحدث في العراق"، مقدمًا اعتذاره للشعب العراقي عما حصل من مواجهات مؤكدًا أنّ "العراقي المتضرر الوحيد من ما يحدث، والوطن الآن أسير للفساد والعنف معًا، بعدما كان أسيرًا للفساد".

وكان الصدر يأمل بحسب قوله أن "تكون هناك احتجاجات سلمية لا بالسلاح"، مبينًا أنّ "الثورة التي شابها العنف فهي ليست ثورة، أنا الآن انتقد ثورة التيار الصدري، كما انتقدت ثورة تشرين عندما خرجت عن مسارها". وشكر الصدر "القوات الأمنية والحشد الشعبي التي وقفت الحياد"، كما تقدم بالشكر لـ"القائد العام للقوات المسلحة".

وكان عشرات القتلى والجرحى قد سقطوا في الاشتباكات المسلحة التي اندلعت أمس الإثنين في المنطقة الخضراء بين مليشيات تابعة للتيار الصدري وأخرى تابعة للإطار التنسيقي، فيما استمرت الاشتباكات حتى صباح اليوم الثلاثاء وإن بوتيرة متقطعة، حيث سمع في بغداد دوي انفجارات، ووقعت الاشتباكات عقب إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اعتزال العمل السياسي. وأثارت عمليات الاقتتال الجديدة ردود فعل داخلية وخارجية في ظل حديث مصادر مطلعة عن وجود مفاوضات بين مسؤولين حكوميين وقادة في الإطار التنسيقي والتيار الصدري للتوصل إلى اتفاق يُجنب البلاد الانزلاق نحو الأسوأ، علمًا بأن المليشيات المسلّحة التابعة للإطار التنسيقي والتيار الصدري تمتلك مقدرات عسكرية هائلة.

وكانت المنطقة الخضراء قد عرفت صباح اليوم الثلاثاء اندلاع مواجهات، حيث سمع إطلاق نار وانفجارت متقطعة، لم تُسفر حسب مصادر عراقية عن وقوع قتلى أو جرحى، وفي ذات السياق سمع دوي صفارات الإنذار في السفارة الأمريكية ببغداد بعد سقوط قذيفة هاون قربها، وأفادت السفارة الأمريكية بتفعيل منظومة الدفاع الجوي "سيرام".

وتركزت الاشتباكات في المنطقة الخضراء التي تضم مقارًا حكومية وسفارات، وكانت المناطق المحاذية لمبنى البرلمان والقصر الحكومي بؤرة المواجهة، حيث تصاعدت ألسنة اللهب في مناطق مختلفة منها بعد سماع دوي 13 انفجارًا،  بالإضافة لإطلاق الرصاص الكثيف قرب البرلمان العراقي الذي سيطر عليه أنصار التيار الصدري ما أدى إلى وقوع مئات الجرحى.  وشهدت الساعات القليلة الماضية زحف أنصار التيار الصدري على القصر الحكومي لكن القوات الأمنية أخرجتهم منه بالقوة.

وكانت الاشتباكات في بغداد قد أثارت قلقًا داخليًا وخارجيًا، فعلى المستوى الداخلي عقد الرئيس العراقي برهم صالح اجتماعًا اليوم بحضور رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، وبحسب بيان صادر عن الرئاسة العراقية أكد المجتمعون أن "الحفاظ على الأمن والاستقرار والمسار الديمقراطي والدستوري في العراق واجب جميع العراقيين كما هو واجب مؤسسات الدولة والقوى السياسية الوطنية، وأن الحوار البناء هو الطريق السليم لإنهاء كل الخلافات الحالية حفاظا على مقدرات البلاد". وفي وقت سابق من يوم الإثنين جددت الرئاسات العراقية الثلاث  دعمها دعوة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي لعقد جولة جديدة من الحوار الوطني الأسبوع الحالي لبحث ومناقشة الأفكار والمبادرات التي تخص حل الأزمة الحالية، وبحضور التيار الصدري.

على المستوى الخارجي عبرت كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والولايات المتحدة وفرنسا وتركيا ومصر والجزائر عن قلقها إزاء التطورات المتسارعة في بغداد، داعية الأطراف إلى ضبط النفس وتجنيب العراق حربا طائفية. حيث دعت بعثة الأمم المتحدة في العراق  المتظاهرين إلى مغادرة المنطقة، واصفة الوضع بأنه "تصعيد شديد الخطورة"، محذّرة من أنّ "بقاء الدولة نفسها بات على المحك".

بدوره دعا الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف العراقية إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، كما حثت بريطانيا الأطراف العراقية على تغليب لغة الحوار.

خلفية.. اعتزال الصدر

الخلفية القريبة لاشتباكات بغداد تمثلت في إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أمس الإثنين اعتزاله الحياة السياسية نهائيًا وإغلاق المؤسسات التابعة له "ما عدى المرقد الشريف والمتحف الشريف وهيئة تراث آل الصدر الكرام"، بحسب ما ورد في بيان نشره على صفحته الرسمية في تويتر.

وتابع الصدر في بيان استقالته الشؤون السياسية: "الكل في حل مني، وإن مت أو قُتلت فأسألكم الفاتحة والدعاء". وأضاف الصدر بعدما نفى عن نفسه "العصمة أو الاجتهاد ولا حتى القيادة" أنه ما أراد "إلا أن أقوّم الاعوجاج الذي كان السبب الأكبر فيه هو القوى السياسية الشيعية بوصفها الأغلبية، وما أردت إلا أن أقرّبها إلى شعبها وأن تشعر بمعاناته".

عبرت كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والولايات المتحدة وفرنسا وتركيا ومصر والجزائر عن قلقها إزاء التطورات المتسارعة في بغداد

أما الخلفية البعيدة نسبيًا لانفجار الأوضاع على نحو مسلّح فتتمثل في منع الأغلبية البرلمانية التي يمثلها التيار الصدري مع حلفائه من "تشكيل حكومة لا تقوم على أغلبية طائفية بل سياسية"، حيث جرت عرقلتها بعد فشل محاولة إلغاء الانتخابات بادعاء  عدم قانونية نتائجها، من خلال طرق كثيرة شملت: عرقلة انتخاب رئيس الدولة لكي لا تتشكل حكومة، وأدى هذا المسار في نهاية المطاف إلى استقالة الكتلة الصدرية من البرلمان، في خطوة وصفها البعض بالمتسرّعة، ونزول أنصارها للشارع وإقامة اعتصام في مبنى البرلمان.