لم تتّضح بعد معالم الرد الإيراني على الضربة التي وجهتها الولايات المتحدة الأميركية فجر اليوم الأحد إلى 3 منشآت نووية إيرانية رئيسية.
لكنّ طهران بادرت مع ذلك إلى شن هجوم صاروخي كبير على إسرائيل، حيث أطلقت دفعتين صاروخيتين خلّفتا دمارًا كبيرًا في عدة مواقع إسرائيلية بتل أبيب الكبرى وحيفا ونيس تسيونا.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ الحصيلة الأولية للضربة الإيرانية أسفرت عن إصابة 27 شخصًا، بينهم اثنان في حالة خطرة، فيما لا يزال عشرون آخرون عالقون تحت الأنقاض في منطقة نس تسيونا جنوب تل أبيب.
يدور الحديث حول 3 سيناريوهات رئيسية عن طبيعة الرد الإيراني على الهجوم الأميركي الذي طال فجر اليوم منشآت فوردو ونطنز وأصفهان
يشار إلى أن صافرات الإنذار دوّت في مناطق واسعة شمال إسرائيل ووسطها عقب إطلاق الصواريخ الإيرانية؛ وترجّح صحيفةُ إسرائيل هيوم أن تكون إيران قد أطلقت نحو 30 صاروخًا منذ فجر اليوم، يُعتَقد أنّ من بينها صاروخ "خيبر شيكن" القادر على المناورة بشكل كبير، والذي يُستخدَم لأول مرة منذ بداية العدوان الإسرائيلي على إيران بتاريخ 13 حزيران/يونيو الجاري
كما أفادت صحيفة "إسرائيل هيوم" بأنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي فتَح تحقيقًا بشأن انخفاض نسبة اعتراض الصواريخ في الهجمة الإيرانية الأخيرة، بالإضافة إلى فتح تحقيق آخر حول عدم انطلاق صافرات الإنذار، لحظة الهجوم الإيراني، في مدينة حيفا.
ووجهت السلطات الإسرائيلية بعد الهجوم الصاروخي الإيراني بإغلاق المجال الجوي مجددًا حتى إشعار آخر. ونقلت صحيفة "يديعوت أحرنوت" عن مصادر خاصة بأن الجيش الإسرائيلي رفع مستوى التأهب والجاهزية عند الحدود مع لبنان، وذلك تحسبًا لأي هجوم قد يكون مصدره لبنان.
إيرانيًا، أعلن الحرس الثوري الإيراني أنه أطلق صباح اليوم الأحد الموجة الـ20 من عملية "الوعد الصادق 3"، وقال بيان صادر عن الحرس الإيراني إن الموجة الجديدة، التي تكونت من 40 صاروخًا، استهدفت "مطار بن غوريون، ومركز الأبحاث البيولوجية، ومراكز قيادة وسيطرة".
وأكّد بيان الحرس الثوري استخدام صواريخ متنوعة بعيدة المدى في هذه الموجة، من بينها صاروخ "خيبر" الذي "يُطلق لأول مرة باتجاه الأراضي المحتلة ضمن هذه العملية"، وفقًا للحرس الثوري الإيراني.
سيناريوهات الرد الإيراني على الضربة الأميركية
يدور الحديث حول 3 سيناريوهات رئيسية عن طبيعة الرد الإيراني على الهجوم الأميركي الذي طال فجر اليوم منشآت فوردو ونطنز وأصفهان.
يتعلق السيناريو الأول بالرد بالمثل، أي أن تعمد إيران إلى ضرب المصالح الأميركية في المنطقة، وفي مقدمتها القواعد الأميركية المنتشرة في الخليج والعراق وسوريا. وفي حال اتخاذ إيران لهذا القرار فإن الرهان سيكون أساسًا على قوتها البحرية، التي توصف بالمتطورة والضاربة، وهي قوة لم تنخرط حتى اللحظة في المواجهة الإسرائيلية الإيرانية التي بدأت الجمعة الماضية.
وقد يترتب عن مثل هذا الرد تصعيدُ الصراع إلى حرب مفتوحة مع الولايات المتحدة الأميركية، لكنّ ذلك يعتمد، حسب متابعين، على حجم الرد الإيراني وحجم الخسائر التي قد يُسفر عنها.
ويعتقد بعض المتابعين، أنّ أي هجومٍ إيراني محدود التأثير على القواعد الأميركية في المنطقة، قد يكون بمثابة مخرج يحفظ لإيران "ماء الوجه"، ويقود بشكل عكسي إلى العودة إلى مسار المفاوضات، لا سيما أن إيران أعلنت أنها أخْلت تقريبًا منشأة فوردو قبل الهجوم الأميركي ونقلت منها اليورانيوم المخصّب إلى أماكن سرية.
كما أنّ ترامب أعلن بعد الهجوم الأميركي، أن اللحظة الآن هي لحظة السلام، في إشارة إلى رغبته في عدم التصعيد، وإن كان حذّر إيران من ضربة ثانية إذا ردّت على الهجوم الأميركي على مواقعها النووية.
ويرى متابعون أن التحشيدات الأميركية الأخيرة في المنطقة، ليس هدفها فقط مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، بل تسخير قوة ضاربة للتعامل مع أي رد إيراني محتمل على الضربات الأميركية التي تستهدف منشآتها.
يشار إلى أن إيران أعلنت أنها تحتفظ بكل خيارات الرد عن نفسها، ودعت مجلس الأمن الدولي إلى عقد اجتماع عاجل.
أما السيناريو الثاني فيدور حول لجوء إيران إلى استخدام ورقة مضيق هرمز الإستراتيجي، وذلك بإغلاقه أمام الملاحة والسفن التجارية، وستعتمد إيران في هذا الخيار أيضًا على قوتها البحرية التي ما تزال تدّخرها لمثل هذه السيناريوهات منذ بدء العدوان الإسرائيلي عليها 13 حزيران/يونيو.
ومن المعروف أنّ مضيق هرمز يعدّ أحد أهم الممرات في العالم، حيث تعبر منه يوميًا خُمس حاجيات العالم من الطاقة النفطية والغازية. وبالتالي سيؤثر غلقه على سلاسل الإمداد وأسعار الطاقة، ما يعني تهديد العالم بموجة جديدة من الغلاء والتضخم وربما الركود إن طالت مدة الإغلاق.
وفي السيناريو الثالث يتم الحديث عن تجنب إيران للرد بشكل مباشر على الضربة الأميركية، والاكتفاء بدلًا من ذلك بالتركيز على الجبهة مع إسرائيل، ويتنزّل في هذا الصدد هجوم إيران الصاروخي اليوم الأحد على تل أبيب وحيفا بأكثر من 30 صاروخًا. والاعتبارات التي ترجّح هذا السيناريو متعددة، أبرزها "تقليل" إيران من تأثيرات الهجوم الأميركي عليها، وعدم رغبة الإيرانيين في فتح جبهة مع الولايات المتحدة الأميركية وقواتها في المنطقة.