05-سبتمبر-2016

الرئيس محمود عباس

شنت صحيفة "اليوم السابع" المصرية هجومًا عنيفًا على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عبر ثلاث مواد نشرتها خلال 24 ساعة على موقعها الإلكتروني، في ما يبدو أنه رد فعل على خطاب أبو مازن الذي حمل إشارات قوية لرفضه الرضوخ للضغوط العربية بشأن عودة القيادي المفصول من فتح محمد دحلان إلى رام الله وفتح.

وبدأ هجوم الصحيفة بمقال كتبه "يوسف أيوب" ونُشر أمس (الأحد)، حمل في عنوانه المكون من 23 كلمة هجومًا لاذعًا، إذ قال إن عباس أصيب بـ"الخرف السياسي وفقد عقله"، وأنه "يحتمي خلف التصريحات العنترية ليتفرد بالقرار"، و"يمارس الرقص على أجساد الفلسطينيين".

صحيفة اليوم السابع نشرت ثلاث مواد خلال 24 ساعة هاجمت فيها بشدة أبومازن 

ونشرت الصحيفة المقال فور تناقل تصريحات لأبومازن هاجم فيها دولاً عربية لم يحددها "لأنها تستهين باستقلالية القرار الفلسطيني"، وتحاول التدخل في الشأن الداخلي، وفق قوله، مؤكدًا أن هذه المحاولات "مرفوضة ولا يمكن التهاون معها أو القبول بها".

يأتي ذلك بعد الكشف عن تشكيل ما قيل إنها "لجنة رباعية عربية" تضم مصر والسعودية والإمارات والأردن، وتسعى لتوحيد الصف الفلسطيني بدءًا بعقد مصالحة بين عباس ودحلان، تضمن عودة الأخير لفلسطين خلال أشهر قليلة، وهو ما تحدثت عنه مصادر فتحاوية محسوبة على دحلان، قبل أن تنفيه مصادر أخرى بالحركة.

اقرأ/ي أيضا: اللوبي الإسرائيلي في الإعلام العربي

ودار الحديث عن ضغوطات شديدة يتعرض لها الرئيس عباس لحمله على عقد مصالحة مع دحلان، بما يضمن إعادة اللحمة لحركة فتح ضد حركة حماس أولاً، وبما يضمن لاحقًا إلزام حماس بقبول المصالحة الفلسطينية، وذلك ضمن مشروع عربي كبير كشفت عنه سابقًا صحيفة "ميدل ايست آي" البريطانية، ولم يتم تأكيده أو نفيه فلسطينيًّا.

وفي سياق هجومها على الرئيس عباس إثر تصريحاته أمس، نشرت "اليوم السابع" صباح اليوم (الإثنين) "تحقيقًا" أعده "أحمد جمعة"، أوردت فيه تصريحات هجومية على الرئيس عباس، مصدرها عدلي صادق وهو عضو بالمجلس الثوري لحركة فتح تم فصله سابقًا، ومحلل سياسي فلسطيني هو محمد أبو مهادي، إذ اتهم الرجلان أبو مازن بأنه صنيعة إسرائيلية، وينفذ تعليمات قطرية، وأن حاشيته تمارس البلطجة، وهذا ما أبرزته الصحيفة في عنوان "التحقيق".

وصعدت الصحيفة من هجومها بنشر مقطع فيديو زعمت أن فلسطينيين تداولوه، بعنوان "محمود عباس من فمك أدينك"، تضمن تصريحات سابقة لعباس تحدث فيها عن التنسيق الأمني وإلغاء الاحتلال بالكامل للسيادة الفلسطينية، وانتهى بقول أبو مازن: "احنا تحت الأحذية الاسرائيلية"، وتمت إعادة اللقطة. غير أن البحث في مواقع التواصل الاجتماعي لم يوصلنا لأي مصادر فلسطينية نشرت هذا الفيديو، كما تزعم الصحيفة.

واللافت في الفيديو هو تركيزه على قضية خلافة أبو مازن للراحل ياسر عرفات، بالقول في نهاية الفيديو: "لا ننسى أنك فرضت على الشعب الفلسطيني بديلًا لياسر عرفات"، في تجاهل واضح لكون دحلان وجهًا أبرز في تلك المرحلة من النزاع والضغوط الدولية والعمل على إقصاء أبو عمار لصالح قادة جدد، حين كان وزيرًا للأمن الداخلي في حكومة أبو مازن نفسه في 2003 والتي اعتبرت تمهيدًا لخلافة أبو عمار، يضاف ذلك تجاهل توجهات دحلان تجاه الاحتلال الإسرائيلي، وكونه من أبرز وجوه التنسيق الأمني والمفاوضات الأمنية مع الاحتلال طوال فترة نشاطه في غزة والضفة.

وتقود تصريحات عباس أمس ثم هجوم "اليوم السابع" الشديد عليه إلى استنتاج بفشل محاولات رأب الصدع بين دحلان وعباس، خاصة في ظل العلاقات التي تربط دحلان بالصحيفة المصرية، التي كان قد زار مقرها بتاريخ 30/آب/2015، وهو ما تناولته الصحيفة حينها باهتمام شديد إذ نشرت خبرين حول الأمر وأرفقتهما بصور وفيديوهات، هذا عدا عن المقابلات المتكررة مع دحلان وتصريحاته الخاصة للصحيفة، ما يشير إلى علاقة تمويلية أو ما هو أبعد من ذلك يجعل من صحيفة اليوم السابع في مقدمة وسائل الإعلام المصرية التي تشن حملات على خصوم دحلان وتروّج لأخباره.

هجوم اليوم السابع بعد تصريحات أبو مازن عن استقلالية القرار الفلسطيني يشير بقوة لفشل المصالحة مع دحلان

ويقود الهجوم أيضًا لتساؤلات أخرى حول إمكانية أن تشن وسائل إعلام مصرية أخرى هجومًا أوسع ضد الرئيس عباس ولصالح دحلان أيضًا، كما حدث عند استضافة قناة "دريم 2" دحلان لساعات هاجم فيها بشدة أبو مازن واتهمه بالفساد والخيانة، فيما امتنعت حينها القناة وغيرها من الإعلام المصري عن استضافة أي أشخاص من المقربين من عباس للرد على أقوال دحلان.

وأمام اتهامات حقوقيين ونشطاء مصريين لصحافة بلادهم بالتبعية الكاملة للنظام الحاكم، بل وتنفيذ أجندات النظام في كثير من الأحيان، فإن الهجوم يقود لاستنتاج بتوتر علاقة الرئيس عباس، بنظيره المصري عبدالفتاح السيسي بعد فشل المصالحة مع دحلان، خاصة في ظل العلاقة القوية التي تربط علنًا دحلان ومن خلفه دولة الإمارات التي يقيم فيها، بالنظام المصري، وهو ما منح "اليوم السابع" الضوء الأخضر لمهاجمة الرئيس.

هذا ولم تصدر حتى الآن أي تصريحات عن شخصيات فتحاوية أو عن الرئاسة الفلسطينية ردًا على هجوم "اليوم السابع".

اقرأ/ي أيضا: 

الإمارات.. عداء متصاعد للربيع العربي

"السلطة الفلسطينية".. لنا أم علينا؟