شنّت أوكرانيا، اليوم الثلاثاء، أكبر هجوم بطائرات مسيّرة على العاصمة الروسية موسكو، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، واندلاع حرائق في عدة مبانٍ، وإغلاق المطارات، وتحويل عشرات الرحلات الجوية، وفقًا لما أكده مسؤولون روس لوكالة "رويترز" للأنباء.
يأتي هذا التطور في وقت تتكبّد فيه القوات الأوكرانية مزيدًا من الخسائر على جبهات القتال المختلفة، وسط توقعات بعض المراقبين بانهيارها في منطقة كورسك الروسية، نتيجة وقف المساعدات الأميركية، بما في ذلك تبادل المعلومات الاستخبارية.
ويرى بعض المحللين أن هذا الهجوم قد يعيد الثقة، ولو جزئيًا، في قدرات كييف على الاستمرار في الحرب، وإحراج روسيا عبر ضربات نوعية، لا سيما أنه يأتي بعد حصول أوكرانيا على دعم أوروبي غير مسبوق، عقب القمم الطارئة في باريس ولندن وبروكسل.
على وقْع مساعي ترامب لفرض السلام وإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، صعّد طرفا الحرب من الهجمات، عبر شنّ القوات الروسية لهجوم كبير في كورسك، واستهداف الجيش الأوكراني للعمق الروسي بمئات الطائرات المسيّرة.
هجوم المسيّرات على موسكو:
أعلنت وزارة الدفاع الروسية إسقاط 337 طائرة مسيّرة أوكرانية فوق روسيا، اليوم الثلاثاء، من بينها 91 في منطقة موسكو و126 فوق كورسك، حيث كانت القوات الأوكرانية تستعد للانسحاب.
وجاء الهجوم الأوكراني المكثف مع استعداد وفد من المسؤولين الأوكرانيين للقاء نظرائهم الأميركيين في السعودية لمناقشة محادثات سلام محتملة، في وقت كانت فيه القوات الروسية تحاول تطويق آلاف الجنود الأوكرانيين في منطقة كورسك، غرب روسيا.
ومع حلول ساعة الذروة في موسكو، أعلن عمدة المدينة، سيرجي سوبيانين، أن الدفاعات الجوية لا تزال تتصدى لهجمات الطائرات المسيّرة، واصفًا الهجوم بأنه "الأضخم من نوعه".
ووفقًا لحاكم منطقة موسكو، أندريه فوروبيوف، فقد أسفر الهجوم عن مقتل شخص واحد وإصابة ثلاثة آخرين، كما أُجبر بعض السكان على إخلاء مبنى سكني في منطقة رامينسكوي، الواقعة على بُعد 50 كيلومترًا جنوب شرق الكرملين.
وفي أعقاب الهجوم، علّقت هيئة مراقبة الطيران الروسية الرحلات الجوية في جميع مطارات موسكو الأربعة، إضافة إلى إغلاق مطارين في ياروسلافل ونيجني نوفغورود، شرقي العاصمة، لضمان سلامة الطيران.
السلام مطلب بعيد المنال
وعلى الرغم من مساعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب لفرض السلام وإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، صعّد الطرفان من هجماتهما، حيث كثفت القوات الروسية عملياتها في كورسك، بينما استهدفت كييف العمق الروسي بمئات الطائرات المسيّرة.
وعززت موسكو دفاعاتها الجوية والإلكترونية، بما في ذلك نشر منظومات متطورة فوق العاصمة والمنشآت الحيوية، بهدف إسقاط المسيّرات الأوكرانية قبل وصولها إلى أهدافها. وفي المقابل، كثّفت كييف هجماتها على مصافي النفط والمطارات ومحطات الرادار الإستراتيجية الروسية، في محاولة للضغط على موسكو عبر استهداف بنيتها التحتية العسكرية.
حرب المسيّرات:
جمعت الحرب الروسية الأوكرانية، وهي الأكبر من نوعها في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، بين أسلوب الحرب العالمية الأولى في استنزاف الخنادق والمدفعية، والابتكار الرئيسي في مجال الصناعات العسكرية الجديدة، وهو الطائرات بدون طيار. حيث سعت كل من موسكو وكييف إلى شراء وتطوير طائرات بدون طيار جديدة، ونشرها بطرق مبتكرة، والبحث عن طرق جديدة لتدميرها، من استخدام بنادق المزارعين إلى أنظمة التشويش الإلكترونية المتقدمة.
وبذلك حوّل كلا الجانبين الطائرات بدون طيار التجارية الرخيصة إلى أسلحة قاتلة، وباتت المسيّرات شبحًا يطار الجنود على على كلا الجانبين، مثيرة خوفًا شديدًا لدى المقاتلين في الخطوط الأمامية، لا سيما أنّ كلا الطرفين، استخدم، في الدعاية الحربية، لقطات فيديو مروعة لضربات الطائرات بدون طيار القاتلة، حيث ظهر الجنود وهم ينفجرون، بسبب ضرباتها، أو يركضون من المركبات المحترقة، فيما تطاردهم المسيرات للإجهاز عليهم.
يشار إلى أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، الذي سعى إلى عزل العاصمة موسكو عن قسوة الحرب، وصف الهجمات الأوكرانية بالطائرات المسيرة التي تستهدف البنية التحتية المدنية، مثل محطات الطاقة النووية، بأنها "إرهاب" وتعهد بالرد عليها بقوة.